DAWN’s experts are the driving force behind the organization’s mission and vision. Our experts complement our research work and bolster our advocacy efforts.

No posts found!

Read all the latest articles from the DAWN team of Experts and Contributors.

هل وصلت محادثات السلام المَعيبة في اليمن إلى "طريق مسدود"؟

محمد علي كلفود صحفي يمني مستقل يعمل بين صنعاء والحديدة. كتب للعديد من المنصات الإخبارية الدولية، بما في ذلك نيويورك تايمز وذا إنترسبت وذا نيو هيومانسر (إيرين سابقًا) والتليغراف والجزيرة الإنجليزية. عمل سابقًا كمدير تحرير لصحيفة يمن أوبزرفر.‎

عندما سافر سفير المملكة العربية السعودية في اليمن، محمد بن سعيد آل جابر، إلى صنعاء في أوائل أبريل/نيسان الماضي، مع مبعوثين من سلطنة عُمان، لإجراء محادثات مباشرة وعلنية مع الحوثيين لأول مرة منذ عام 2015، أثار ذلك بصيصًا من الأمل لحدوث انفراجه تؤدي إلى السلام في البلاد. فبعد أكثر من ثماني سنوات على تدخل الرياض عسكريًا لدحر مكاسب الجماعة المتشددة التي تسيطر الآن على مساحات شاسعة من شمال اليمن، كان يبدو أن السعوديين والحوثيين ملتزمون بإجراء مفاوضات. جرت هذه المفاوضات، التي وصفها دبلوماسيون بالاجتماعات "الجادة والإيجابية" في صنعاء بوساطة عُمانية، وسط ثاني أكبر عملية تبادل للأسرى في الحرب. وكان من المتوقع أن تعقب ذلك جولات أخرى من المفاوضات.

لكن بعد أكثر من شهرين، لم تسفر المحادثات السعودية-الحوثية، بهدفها الطموح المتمثل في إقامة "فترة انتقالية" في اليمن، عن هدنة دائمة، بعد وقف إطلاق النار الذي انتهت مدته العام الماضي بوساطة الأمم المتحدة، ناهيك عن تمهيد الطريق لمحادثات سلام نهائية. يبدو أن المفاوضات مجمدة. فقد اعترف المبعوث السعودي، آل جابر، في مقابلة مع وكالة فرانس برس في أوائل مايو/أيار قائلًا: "ليس من السهل أن تكون الأمور واضحة بشأن الخطوات التالية"، في حين قال دبلوماسي آخر يعمل في اليمن لوكالة فرانس برس أن الآمال في التوصل إلى حل سريع "تراجعت إلى حد ما".

من جانبه، سافر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانز غروندبرغ، إلى صنعاء وعدن خلال الأسبوع الأول من مايو/أيار على أمل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة. في 17 مايو/أيار، أطلع غروندبرغ مجلس الأمن على آخر التطورات في اليمن وعلى جهوده "لتأمين اتفاق حول طريقة للمضي قدمًا يمكن أن تنهي النزاع بشكل مستدام". ومع ذلك، بحلول نهاية الشهر، تغيرت نبرة غروندبرغ بشكل طفيف، حيث قال لشبكة تلفزيون الصين العالمية أن الهدنة الدائمة في اليمن "ممكنة، ولكنها ليست سهلة".

كان العديد من المحللين والمراقبين اليمنيين حذرين منذ البداية من النطاق الضيق للمفاوضات، والتي لا تشمل مجموعة واسعة من الفاعلين اليمنيين. يقول عبد الغني الإرياني، الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، في مقابلة مع مجلة الديمقراطية في المنفى: "وصلت المحادثات السعودية-الحوثية إلى طريق مسدود. لم يكن هناك سيناريو محتمل لها للنجاح حيث تم استبعاد الأطراف اليمنية الأخرى". وحذر من أن الجانبين "يستعدان الآن لجولة العنف التالية".

 

وصلت المحادثات السعودية-الحوثية إلى طريق مسدود. لم يكن هناك سيناريو محتمل لها للنجاح حيث تم استبعاد الأطراف اليمنية الأخرى". 

- عبد الغني الإرياني

وحذر تحليل نشره مركز صنعاء في مارس/آذار من أن الدبلوماسية بين السعوديين والحوثيين فقط "تضمن أمرين: أولًا، أن المفاوضين سيعانون من نقص المعلومات، وسيفشلون في فهم أو معالجة المظالم العديدة لغير الممثَّلين في المفاوضات. وثانيًا، أنه من غير المرجح أن تحظى هذه الجهود بتأييد العديد من الجهات الفاعلة التي تم رفض وجود مكان لها على الطاولة".

كما أشار إبراهيم جلال، الباحث غير المقيم في معهد الشرق الأوسط، إلى أن الحوثيين يقومون بإفشال محاولات السلام. وقال لمجلة الديمقراطية في المنفى، في إشارة إلى وقف إطلاق النار العام الماضي: "على الرغم من وجود آمال في شكل جديد من اتفاق لخفض التصعيد، إلا أن المحادثات السعودية-الحوثية توقفت لنفس سبب انهيار الهدنة. وصعّد الحوثيون من لعبتهم مرة أخرى من خلال اتباع موقف متطرف بينما يكسبون الوقت ويعمقون حربهم الاقتصادية ضد الحكومة اليمنية. إذا أردنا نجاح المفاوضات، يجب ربط المحادثات بمحادثات السلام بين اليمنيين".

ويشير جلال إلى أن "المحادثات السعودية الحوثية ليست جديدة وقد حدثت بشكل متقطع منذ 2016 على الأقل". كان الاختلاف هذا العام هو أن "نطاق المحادثات توسع لمناقشة قضايا تتجاوز أمن الحدود والهجمات غير التقليدية، أو بعبارة أخرى، القضايا السيادية التي ينبغي أن تناقشها الحكومة اليمنية، بدعم من السعودية"— أي ليس فقط بين ممثلين عن السعودية والحوثيين.

ومع وصول المحادثات السعودية الحوثية الآن إلى طريق مسدود، فإنها تعكس ما اعتبره العديد من الخبراء عيوبًا في مفاوضات محدودة أبعدت العديد من الأطراف اليمنية، فضلًا عن دول رئيسية في المنطقة كانت أيضًا أطرافًا في الحرب.

تم تهميش مجلس القيادة الرئاسي اليمني الجديد—الكيان المكون من ثمانية أعضاء والذي أنشأته السعودية والإمارات العام الماضي ليحل محل الرئيس عبد ربه منصور هادي—في المحادثات السعودية-الحوثية، على الرغم من أن المجلس لا يزال يعتقد أنه سيشارك. في نهاية المطاف في الحوار اليمني-اليمني المأمول أن يُعقد تحت رعاية الأمم المتحدة. كما تستثني المفاوضات بين الرياض والحوثيين الإمارات العربية المتحدة، التي كانت الشريك الرئيسي للسعودية في التحالف في اليمن، لكنها حولت فيما بعد أولوياتها إلى دعم حلفائها ووكلائها اليمنيين، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الذي يسيطر على جزء كبير من الجنوب، ويرى المجلس نفسه حكومة تنتظر استقلال جنوب اليمن، والذي كان دولة منفصلة من عام 1967 إلى عام 1990.

مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي للحوثيين، يلتقي محمد الجابر، السفير السعودي في اليمن، في صنعاء ،9 أبريل 2023. (Houthi-run Saba News Agency/Handout via Xinhua)

منذ زيارة المبعوث السعودي إلى صنعاء في 9 أبريل/نيسان، لم تعلق الحكومة الإماراتية رسميًا على المفاوضات السعودية الحوثية. لكن بعد يومين من زيارة آل جابر، قال المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لدولة الإمارات والممثل في مجلس القيادة الرئاسي، أن جنوب اليمن يسعى لاستعادة "دولته المغتصبة بسيادة كاملة كهدف استراتيجي لشعب جنوب اليمن"، مُصرًا على أنه لن يتم القبول بأي بدائل لهذا الهدف. علاوة على ذلك، صرّح كبار المسؤولين في المجلس الانتقالي الجنوبي أنه بسبب استبعادهم من المحادثات السعودية الحوثية، فإن أي صفقة محتملة بين الرياض والحوثيين لن تكون "ملزمة لنا".

يبدو أن قرار الرياض بمواصلة المحادثات المباشرة مع الحوثيين فقط قد أشعل التوترات في الصراع اليمني الذي طال أمده، وخاصة في جنوب اليمن. لسنوات، بدت السعودية والإمارات ملتزمتين، علنًا على الأقل، بما وصفه فارع المسلمي، الباحث اليمني في تشاتام هاوس، بـ "سردية التوافق" في اليمن، على الرغم من "أولوياتهما المتباينة بشكل متزايد". في الواقع، تجلى هذا التباين في المصالح في "دورات متكررة من الصراع العنيف بين حلفائهم" في الجنوب، كما ذكرت ندوى الدوسري، الباحثة اليمنية في معهد الشرق الأوسط—ولا سيما منذ ظهور المجلس الانتقالي الجنوبي في عام 2017. أدت جولات متعددة من القتال منذ ذلك الحين، بين الحلفاء السعوديين والإماراتيين في مواجهة بعضهم البعض، بما في ذلك القوات الحكومية اليمنية، إلى تأجيج التوترات وزعزعة استقرار الجنوب. في مايو/أيار، وقّع المجلس الانتقالي الجنوبي ما أسماه بالميثاق الوطني الجنوبي في عدن، والذي دعا إلى "استعادة دولة الجنوب بحدودها السياسية والجغرافية"—أي قبل توحيد اليمن في عام 1990. يحاول المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتمتع بقوة أكبر الآن تأكيد نفسه كممثل شرعي لجنوب اليمن، جزئيًا بسبب المظالم من استبعاده من محادثات السلام بين الحوثيين والسعودية.

 

إذا جلس السعوديون والحوثيون وحدهم على طاولة المفاوضات، فهناك احتمال ضئيل للوصول لسلام شامل ودائم.

- محمد علي كلفود

ومع استمراره في التوسع واستيعاب المزيد من الأحزاب والجماعات السياسية في صفوفه في جنوب اليمن، يتطلع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات حاليًا إلى حضرموت، أكبر محافظة في اليمن و "آخر معقل للقوات المتمركزة في الشمال"، وفقًا لما ذكره ماجد المذحجي، المؤسس المشارك لمركز صنعاء. يدّعي المجلس الانتقالي الجنوبي أن الغالبية العظمى من الناس في حضرموت "اتخذوا خيارهم وأخذوا زمام المبادرة في النضال من أجل استقلال الجنوب".

لكن طموحات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت قد تبدو أشبه بالسيطرة الكاملة. ففي سبتمبر/أيلول 2022، عندما استولت القوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي على محافظة شبوة الجنوبية بأكملها، طردوا جميع القوات التابعة لحزب الإصلاح المدعوم من السعودية، أكبر كتلة إسلامية سُنية في اليمن.

مع تزايد الخلافات حول نفوذهما الاقتصادي والسياسي المتنافس في جنوب اليمن، من المرجح أن تتصاعد التوترات بين الرياض وأبو ظبي وحلفائهما. فقد أثارت هذه الانقسامات بالفعل المواجهة التي تلوح في الأفق في حضرموت، التي تمتلك ما يقرب من 80 في المئة من احتياطيات النفط اليمنية والتي تشترك معها السعودية في حدود طويلة.

هذه المصالح السعودية والإماراتية المتنافسة في اليمن هي عنصر آخر يعقّد المحادثات الحصرية بين السعودية والحوثيين. يقول إبراهيم جلال: "لدى السعودية مخاوف تتعلق بالأمن القومي، بينما لدى الإمارات مصالح استراتيجية" في اليمن، "لذلك سيحاول كل طرف التأثير بقدر ما يستطيع لتأمين أهدافه". لكن بينما قد يهدف السعوديون إلى منع الإماراتيين وحلفائهم من توسيع نفوذهم في حضرموت، يعتقد الإرياني أن "الإمارات لن تسمح للسعودية بتنفيذ مخططاتها على" المحافظة.

إذا كانت الرياض وأبو ظبي شريكتين سابقًا في اليمن، على الرغم من تلك الأعمال العدائية بين حلفائهما ووكلائهما على الأرض، فكما قال المسلمي، "لا يمكن للمرء إلا أن يتخيل كيف ستؤول الأمور في هذه العلاقة التنافسية".

هذا يؤكد فقط على تعقيد أي تسوية تفاوضية في اليمن، والحاجة إلى محادثات شاملة تضم العديد من الجهات اليمنية المختلفة والقوى الخارجية التي تتنافس على السلطة والنفوذ في البلاد. فكما حذرت ندوى الدوسري، "المجتمع الدولي حريص على تحقيق نجاح في اليمن، حتى لو كان ذلك يعني تسوية سياسية زائفة من المرجح أن تؤدي إلى استمرار الحرب الأهلية". إذا جلس السعوديون والحوثيون وحدهم على طاولة المفاوضات، فهناك احتمال ضئيل للوصول لسلام شامل ودائم.

مشهد لمدينة صنعاء في يوم الذكرى 33 لتوحيد اليمن بين الشمال والجنوب، 22 مايو 2023 (تصوير محمد حمود / غيتي إيماجز)

Source: Getty IMages

Want more insights like this?

Get our newsletter straight to your inbox

Support Us

We hope you enjoyed this paywall-free article. We’re a non-profit organization supported by incredible people like you who are united by a shared vision: to right the wrongs that persist and to advocate for justice and reform where it is needed most.

Your support of a one-time or monthly contribution — no matter how small — helps us invest in our vital research, reporting, and advocacy work.

مقالات ذات صلةالمشاركات

related

ساعدوا "دون" على حماية حياة وحقوق الفلسطينيين في غزة.

إننا نناضل من أجل وقف إطلاق النار ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المسؤولين عن جرائم الحرب في غزة.