ملاحظة المحرر: هذه المقالة مقتبسة من ورقة بحثية قُدمت في مؤتمر اليمن بالعاصمة الأمريكية واشنطن، والذي تم تنظيمه من قبل منظمة (DAWN) ومؤسسة توكل كرمان ومركز الدراسات العربية المعاصرة في جامعة جورج تاون.
وعد الرئيس الأمريكي جو بايدن عند توليه منصبه بإنهاء الحرب في اليمن. كان تعهده الأساسي هو إنهاء المساعدات الأمريكية للتحالف الذي تقوده السعودية، لكن أعضاء في حزبه الديمقراطي طالبوا بأكثر من ذلك. في إطار اتخاذ مسار مختلف في السياسة، ذهب بايدن إلى أبعد من ذلك وعيّن مبعوثًا خاصًا للصراع في اليمن، تيم ليندركينغ، ووضع توقعات عالية لم تُسفر حتى الآن عن أي تقدم نحو بدء محادثات سلام.
كانت تعليقات بايدن حول الحرب في اليمن غامضة مثل السياسة الأمريكية تجاه اليمن على مدى العقدين الماضيين. قد يكون الوعد بإنهاء الحرب في اليمن قد اكتسب بعض الدعم بين التقدميين (وبعض المحافظين، مثل راند بول) في الولايات المتحدة، لكن الإجراء الأول لبايدن كرئيس كان الغاء تصنيف الولايات المتحدة للحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، حيث تم تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية في الأيام الأخيرة من رئاسة دونالد ترامب. لم تتعارض هذه الخطوة مع وعد بايدن بإنهاء الحرب فحسب—وفقًا للعديد من اليمنيين الذين أدانوا جرائم الحرب التي ارتكبها الحوثيون في جميع أنحاء البلاد—ولكنها أدت أيضًا إلى تفاقم توترات إدارته مع شركاء مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، اللتين عارضتا بشدة الغاء التصنيف الإرهابي.
ذكرت إدارة بايدن التأثير الإنساني على اليمن كسبب لإلغاء التصنيف عن الحوثيين، حيث قال مسؤول لوكالة أسوشيتيد برس: "إنّ تحركنا يرجع بالكامل إلى العواقب الإنسانية لهذا التصنيف الذي قامت به الإدارة السابقة في اللحظة الأخيرة ، حيث أوضحت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أن التصنيف سيؤدي إلى تسريع تدهور أسوأ أزمة إنسانية في العالم". ردًا على ذلك، ذكر مؤيدو التصنيف أن نفس الأفراد المستهدفين من قبل وزارة الخزانة الأمريكية قد تم بالفعل معاقبتهم بشكل منفصل من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة، وأن هذه العقوبات الحالية لم تؤثر على تدفق المساعدات إلى اليمن منذ بدء الحرب. كما أصر المؤيدون على أن العديد من التراخيص العامة الصادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية للواردات إلى اليمن ستخفف من أي تداعيات قد تنتج عن التصنيف الإرهابي.
يبدو أن وعد بايدن بشأن اليمن غير واضح عن قصد، لأنه فشل في تحديد الحرب التي كان يهدف إلى إنهائها. هل هي حرب الحوثيين الطويلة ضد الدولة اليمنية؟ أم الحرب اليمنية المتعددة الجوانب التي تشمل الانفصاليين الجنوبيين؟ أم الحرب بين الحوثيين والسعودية؟
يبدو أن وعد بايدن بشأن اليمن غير واضح عن قصد، لأنه فشل في تحديد الحرب التي كان يهدف إلى إنهائها. هل هي حرب الحوثيين الطويلة ضد الدولة اليمنية؟ أم الحرب اليمنية المتعددة الجوانب التي تشمل الانفصاليين الجنوبيين؟ أم الحرب بين الحوثيين والسعودية؟
فرناندو كارفاخال
يجب أن تقر الإجابة بأن "المشهد يمني في الأصل وليس سعوديًا أو إيرانيًا"، كما كتب جمال خاشقجي في مقال رأي عام 2015، وبالتالي فإن نهاية الحرب في أيدي اليمنيين أنفسهم. ومع ذلك، يقر اليمنيون والمراقبون في المنطقة أيضًا أنه من أجل توحيد الأطراف المتحاربة نحو اتفاق حول مستقبل اليمن، "قد يكون التدخل الأجنبي إيجابيًا إذا كان هدفه هو توحيد اليمنيين ودفعهم للاتفاق على كيفية مشاركة الحكم في اليمن وتأسيس يمن جديد"، كما ذكر خاشقجي. اختارت قوة أجنبية واحدة فقط، هي إيران، ما أسماه خاشقجي نفسه "التحيز الصارخ للحوثيين" من أجل "فرض إرادتها وقراراتها بقوة على الأطراف الأخرى". إنّ الروايات حول اليمن التي تتجاهل هذا التسلسل الزمني لا تؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب المدمرة، وهي أطول نزاع مسلح في اليمن منذ بدء انتفاضة الحوثيين ضد حكومة الرئيس علي عبد الله صالح في صعدة في صيف عام 2004.
تبقى الحقيقة أن الحرب بين الأطراف اليمنية مستمرة عبر جبهات متعددة، حتى في غياب الضربات الجوية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية على الأراضي اليمنية منذ أبريل/نيسان 2022 من خلال وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة. لم تكن هناك تقارير عن ضربات عبر الحدود منذ انتهاء الهدنة في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2022، وهو ما يتعارض بوضوح مع الادعاءات بأن الحرب في اليمن ستنتهي إذا توقفت الولايات المتحدة عن تزويد الطائرات المقاتلة السعودية بالوقود وعن تبادل المعلومات الاستخبارية مع المملكة، أو أن الحوثيين "قد انتصروا [بالفعل]".
تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية في نهج الولايات المتحدة تجاه الصراع في اليمن في افتقارها إلى الوضوح. هذا الغموض سببه في المقام الأول الفشل في تحديد أهداف السياسة. ويتفاقم هذا الغموض بسبب الروايات التي تتجاهل التسلسل الزمني للأحداث أو دور أطراف النزاع. نتيجة لذلك، يرى العديد من المراقبين اليمنيين وجود انحياز للحوثيين بين الدبلوماسيين الدوليين، بمن فيهم المسؤولين الأمريكيين.
عند فحص الروايات التي قدمها أولئك الموجودون في الولايات المتحدة المهتمون في الصراع في اليمن، نجد هناك ثلاثة معسكرات رئيسية: حكومة الولايات المتحدة تحت حكم الديمقراطيين أو الجمهوريين، والنشطاء التقدميون المناهضون للحرب بما في ذلك في الكونغرس، وصقور إيران. تعاني المعسكرات الثلاثة من نهج قصير النظر تجاه اليمن، مجرد النظر إلى الصراع من خلال دور القوى الإقليمية، بدلًا من جذوره اليمنية، والفشل في فصل الأزمة اليمنية عن الصراعات الأخرى في المنطقة.
قوات الحكومية اليمنية المدعومة من السعودية تصد هجوماً للمتمردين الحوثيين على محافظة مأرب الغنية بالنفط ، 14 فبراير 2021.
يمكن أن يؤدي هذا في الحالات القصوى إلى تبني رواية حوثية بشكل أساسي تدّعي أن الحرب في اليمن هي غزو خارجي من قبل السعودية ودول التحالف الأخرى. ومع ذلك، دعت الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة إلى هذا التدخل في عام 2015—بعد أن استولى الحوثيون على القصر الرئاسي في صنعاء وأجبروا الرئيس آنذاك عبد ربه منصور هادي على الفرار إلى عدن—كشكل من أشكال الأمن الجماعي ضد فاعل غير حكومي، بموجب المادة السادسة من ميثاق جامعة الدول العربية، وكما هو مذكور في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216. هناك أيضًا عدد من الموارد المتاحة التي تدحض مزاعم الحوثيين بشأن تدفق الواردات إلى اليمن، وعدد السفن الراسية في ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، ومقدار المساعدات التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.
على مدى السنوات الثماني الماضية، كانت سياسة الولايات المتحدة في اليمن، التي كانت بالفعل غامضة جدًا في أهدافها، مقيدة بالرأي المقبول عمومًا بأن علاقة الولايات المتحدة مع السعودية وتأثيرها عليها يمنحها ببساطة القدرة على "إنهاء الحرب في اليمن". يؤدي سوء الفهم هذا للنزاع إلى تطبيع مزاعم الحوثيين بالشرعية بشكل فعال ويصور أي سياسة لإضعاف نفوذ الحوثيين على أنها عدوان—غالبًا ضد الشعب اليمني، بدلًا من كونه ضد الجماعة المسلحة التي بدأت العنف ضد الدولة. أظهرت الأحداث التي وقعت طوال عام 2022 أيضًا حدود نفوذ الولايات المتحدة على الرياض أثناء الخلاف حول إنتاج النفط، ناهيك عن تأثير أربع سنوات في ظل إدارة ترامب. لقد أثبت هذا النهج الذي اتبعه النشطاء المناهضون للحرب وأعضاء الكونغرس المصممون على معاقبة السعودية بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان نتائج عكسية وساعد بشكل مباشر في إطالة معاناة ملايين اليمنيين مع اتساع نطاق الحرب.
علاوة على ذلك، اختار أعضاء الكونغرس استخدام القيود التشريعية على الرئيس كأدوات أساسية لتقييد دور الولايات المتحدة في الصراع اليمني. لسوء الحظ، فإن التركيز السياسي على قرار سلطات الحرب من قبل مشرّعين مثل السناتور بيرني ساندرز في ديسمبر/كانون الأول 2018 ومارس/آذار 2019 وديسمبر/كانون الأول 2022 لم يفشل فقط في تمرير القرار في كل مرة، بل فشل في توفير أي مساهمة كبيرة نحو وقف تصعيد الصراع أو تقديم الإغاثة لملايين المدنيين في جميع أنحاء اليمن.
إذا أرادت الحكومة الأمريكية أو المجتمع المدني لعب دور في عملية السلام في اليمن، فيجب أن يكونوا وسطاء محايدين. يجب عليهم أيضًا التركيز على الصراع اليمني وحده، وفصله عن الصراعات والتوترات الأخرى مع الحلفاء الإقليميين. سيؤدي الفشل في دعم الحلول المركزة على اليمن للحرب الأهلية التي أثارها انقلاب الحوثيين في سبتمبر/أيلول 2014 إلى تفاقم الأزمة الإنسانية على أكثر من 28 مليون يمني في جميع أنحاء البلاد وتغذية نزاع مسلح طويل الأمد من خلال مئات الآلاف من الضحايا. ينبغي على النشطاء والمسؤولين الحكوميين ملاحظة أن التقديرات الخاصة بالخسائر المباشرة وغير المباشرة للحرب لا تشمل في كثير من الأحيان عشرات الآلاف من اليمنيين الذين يتم سجنهم وتعذيبهم وإعدامهم من قبل الحوثيين، ولا تشمل كذلك الأطفال الذين جندهم الحوثيون ونشروهم في الخطوط الأمامية. وفقًا لمنظمة سام للحقوق والحريات، وهي منظمة غير حكومية تركز على اليمن، ربما قام الحوثيون بتجنيد أكثر من 10,000 طفل يمني منذ عام 2014.
"يجب أن تعطي أي جهود لإنهاء هذا الصراع المستمر منذ ما يقرب من تسع سنوات الأولوية لمصالح اليمنيين أنفسهم—من خلال فصل اليمن عن أي صراع سياسي آخر في المنطقة ومعالجة جذور الحرب الأهلية اليمنية."
فرناندو كارفاخال
بدون سلام شامل ودائم بين الأطراف اليمنية، لا يوجد سلام بين اليمن وجيرانه. تشترك السعودية واليمن في حدود طولها 800 ميل، كما أن عدم الاستقرار في أي مكان في اليمن سيمثل أيضًا تهديدًا أمنيًا للإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان. تظل مطالب الحوثيين المستمرة لإجراء محادثات مباشرة مع السعودية خارج إطار الصراع وتقوض الاتفاقات الدولية الداعمة للحكومة اليمنية الشرعية.
هناك مشكلة في صميم مطالب البعض في واشنطن بإنهاء الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي للسعودية، وهي أن مثل هذه الخطوة ستضفي الشرعية على انقلاب الحوثيين وجرائمهم ضد المدنيين اليمنيين. على الرغم من انتهاء وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في الخريف الماضي، إلا أن غياب الهجمات عبر الحدود من قبل قوات الحوثيين والغارات الجوية من قبل التحالف الذي تقوده السعودية قد أدى في الغالب إلى احتواء الحرب في اشتباكات منخفضة الحدة، حتى مع استمرار استخدام الحوثيين لطائرات بدون طيار قصيرة المدى لمهاجمة المنشآت النفطية في مختلف أنحاء اليمن.
يجب أن تعطي أي جهود لإنهاء هذا الصراع المستمر منذ ما يقرب من تسع سنوات الأولوية لمصالح اليمنيين أنفسهم—من خلال فصل اليمن عن أي صراع سياسي آخر في المنطقة ومعالجة جذور الحرب الأهلية اليمنية. هذا هو المكان الذي يمكن للولايات المتحدة أن تركز فيه مواردها الدبلوماسية، ولا سيما دور المبعوث الخاص للولايات المتحدة الذي عينه بايدن لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات لدعم عملية السلام الوليدة التي يتوسط فيها المبعوث الخاص للأمم المتحدة. توفر أشهر من الانفراج الهش بين السعودية والحوثيين فرصة مثالية لتأكيد الدبلوماسية الأمريكية وكسر الجمود.
ومن أجل تجاوز المأزق الحالي، يجب أن يتحول ميزان القوى نحو الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، والتي مقرها في عدن منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء. يجب على إدارة بايدن التعامل مباشرة مع مجلس القيادة الرئاسي—الهيئة التنفيذية الجديدة للحكومة، الذي تشكل في الرياض العام الماضي والمكلف بالبحث عن "حل سياسي شامل" لحرب اليمن—لتعزيز شرعيته والوحدة بين الأحزاب السياسية اليمنية. قدم كل من التحالف الذي تقوده السعودية ومجلس القيادة الرئاسي تنازلات لتلبية مطالب الحوثيين منذ بدء وقف إطلاق النار التابع للأمم المتحدة، دون أي تغيير كبير في سلوك الحوثيين، الذين زادوا بدورهم من مطالبهم منذ انتهاء وقف إطلاق النار. لم تفِ قيادة الحوثيين في صنعاء بعد بأي من التزاماتها بموجب الاتفاقية التي ترعاها الأمم المتحدة، مثل رفع الحصار عن تعز، وبدلًا من ذلك صعّدت الأعمال العدائية من خلال استهداف منشآت الغاز والنفط في جميع أنحاء جنوب اليمن. تؤدي تصرفات الحوثيين إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في جميع أنحاء اليمن دون أي إشارة من صنعاء على استعدادهم للمشاركة في محادثات سلام.
لم يقدم الانفراج الهش بين السعودية والحوثيين حتى الآن أي مؤشرات لإنهاء الصراع اليمني الأوسع نطاقًا، حيت تستمر الاشتباكات بين قوات الحوثيين والجماعات التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة عبر خطوط المواجهة المتعددة. لكن حتى هذا الانفراج قد لا يستمر، ما قد يؤدي إلى إشعال حروب في اليمن.