يحاول مسؤولو الحكومة الإسرائيلية التستر على استخدام برنامج التجسس المحظور بيغاسوس الخاص بمجموعة (NSO) من خلال تصنيف مجموعات حقوق إنسان فلسطينية على أنها "منظمات إرهابية"
(واشنطن العاصمة، 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021)- تشير الأخبار التي نشرتها وكالة أسوشيتد برس إلى أن الحكومة الإسرائيلية صنّفت على ما يبدو ست مجموعات من المجتمع المدني الفلسطيني على أنها "منظمات إرهابية" في محاولة للتستر على استخدام إسرائيل لنظام بيغاسوس المحظور الخاص بمجموعة (NSO) وتبرير تلك الخطوة. تدعو منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN)، التي أسسها الراحل جمال خاشقجي الذي تعرض أصدقاؤه وعائلته للقرصنة بنفس برنامج التجسس، الحكومة الأمريكية للتحقيق وفرض سياسة حظر خاشقجي على جميع المسؤولين المتورطين في فضيحة القرصنة.
تقوم الحكومة والجيش الإسرائيليان بشكل روتيني بملاحقة ومضايقة مجموعات ونشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين، لكنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021 عندما أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية تصنيف ست من أبرز منظمات المجتمع المدني الفلسطينية بأنها "منظمات إرهابية". هذه المنظمات هي: مؤسسة الضمير ومؤسسة الحق والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين واتحاد لجان العمل الزراعي ومركز بيسان للبحث والتطوير واتحاد لجان المرأة الفلسطينية. يحظر هذا التصنيف أنشطة هذه المنظمات ويجرّم العمل لديها أو دعمها. وسرعان ما أثار هذا التصنيف الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية رد فعل عنيف من المجتمع الدولي. فقد أدان خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة هذا التصنيف، واصفين إياه بأنه "هجوم مباشر على حركة حقوق الإنسان الفلسطينية وعلى حقوق الإنسان في كل مكان". حتى أن الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل المخلصة، عبّرت عن قلقها، وإن كان بمستوى منخفض، حيث طلبت "توضيحًا" من الحكومة الإسرائيلية بشأن التصنيف، وأشارت إلى أن "الحكومة الإسرائيلية لم تعطنا تحذيرًا مسبقًا".
اليوم، بعد ثلاثة أسابيع من التصنيف الإسرائيلي لمنظمات المجتمع المدني الفلسطينية الست، كشفت الأخبار العاجلة أن إسرائيل استخدمت برنامج التجسس بيغاسوس لمراقبة أعضاء نفس مجموعات المجتمع المدني ونشطاء آخرين تواصلوا معها. وقبل أيام قليلة من التصنيف، تحقق شركاؤنا في "فرونت لاين ديفندرز"، وهي منظمة مقرها الاتحاد الأوروبي تركز على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر، من أن إسرائيل اخترقت ستة هواتف لموظفي هذه المنظمات الفلسطينية. ولقد تحققت منظمة (DAWN) من أنه قبل يومين من التصنيف، التقت منظمة "فرونت لاين ديفندرز" بممثلي جميع المنظمات الست المصنفة لإبلاغهم باختراقهم عبر برنامج بيغاسوس وطلبت أجهزة إضافية للتحقق من وضعها.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "إنّ توقيت الحدثين—التصنيف الإسرائيلي لمنظمات المجتمع المدني الست كـ "منظمات إرهابية" والكشف عن استخدام إسرائيل لبرنامج التجسس بيغاسوس لمراقبة أعضاء المنظمات—يشير إلى السبب الحقيقي لتصنيف الحكومة الإسرائيلية لهذه المنظمات بأنها إرهابية". وأضافت: "ربما تكون الحكومة الإسرائيلية قد علمت أنه سيتم الكشف قريبًا عن استخدامها لبرنامج بيغاسوس المحظور الخاص بمجموعة (NSO)، وسعت إلى التستر على ذلك بأثر رجعي وتبرير استخدام برامج التجسس على أعضاء المنظمات الفلسطينية الست المحددة وغيرهم ممن تواصلوا معهم".
في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، أدرجت إدارة بايدن شركتين إسرائيليتين على القائمة السوداء، وهما مجموعة (NSO) وشركة (Candiru)، مشيرة إلى أن الشركتين "طورتا وقدمتا برامج تجسس إلى حكومات أجنبية استخدمت هذه الأدوات لاستهداف مسؤولين حكوميين وصحفيين ورجال أعمال ونشطاء وأكاديميين وموظفين في السفارات". عند فرض عقوبات على مجموعة (NSO) وشركة (Candiru)، أشارت وزارة التجارة الأمريكية إلى أن الشركتين الإسرائيليتين، اللتين تعملان تحت الإشراف المباشر للحكومة الإسرائيلية والتي تم تطويرهما من قبل وحدة حرب إلكترونية إسرائيلية سرية، قد انخرطتا في "أنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية الأمريكية".
تضمنت هذه الأنشطة تصدير برنامج تجسس متطور يسمى بيغاسوس يمكنه اختراق الهواتف الذكية عن بُعد. استخدمت الحكومة السعودية برنامج بيغاسوس المحظور الخاص بمجموعة (NSO) لاختراق هواتف المعارضين السعوديين ومراقبة المقربين من الصحفي السعودي السابق جمال خاشقجي قبل وبعد وقت قصير من جريمة قتله على يد فرقة النمر السعودية في القنصلية السعودية في اسطنبول. أسس خاشقجي منظمة (DAWN) قبل أربعة أشهر من مقتله.
قالت سارة لي ويتسن: "نرحب بإدراج مجموعة (NSO) في القائمة السوداء". وأضافت: "الآن يجب على إدارة بايدن اتخاذ الخطوة التالية من خلال فرض سياسة حظر خاشقجي على جميع المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين الذين يتبين أنهم شاركوا في قرار ترخيص واستخدام برنامج بيغاسوس على نشطاء حقوق الإنسان".
في فبراير/شباط 2021، أعلنت إدارة بايدن سياسة حظر خاشقجي، وهي خطوة مهمة في السعي لحماية النشطاء السياسيين والمعارضين وعائلاتهم من الأنظمة الاستبدادية التي تسعى إلى مضايقتهم وترهيبهم وإسكاتهم. تقيد هذه السياسة تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة على "الأفراد الذين يُعتقد أنهم شاركوا بشكل مباشر في أنشطة جادة ضد المعارضة خارج الحدود الإقليمية نيابة عن حكومة أجنبية." يشمل هذا الأمر أولئك الذين "يقمعون أو يضايقون أو يراقبون أو يهددون أو يؤذون الصحفيين أو النشطاء أو غيرهم من الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم معارضون بسبب عملهم".
قال رائد جرار، مدير قسم المناصرة في منظمة (DAWN): "إنّ المراقبة التي تتم عبر برنامج التجسس بيغاسوس ضد أعضاء منظمات الحقوق المدنية الفلسطينية تتناسب بشكل واضح مع الأنشطة المحظورة الموصوفة في سياسة حظر خاشقجي". وأضاف: "وبصفتها رئيسة مجموعة العمل الخاصة بسياسة حظر خاشقجي، التي تضم العشرات من مجموعات حقوق الإنسان الأمريكية والدولية، ستقدم منظمة (DAWN) هذا الأسبوع إلى وزارة الخارجية الأمريكية أسماء المسؤولين الإسرائيليين الذين ربما شاركوا في ترخيص وتنفيذ هذه المراقبة، بما في ذلك بول لاندز، رئيس المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب، ورونين بار، مدير جهاز الأمن العام (الشاباك). ستعمل منظمة (DAWN) مع شركائها للدعوة إلى فرض سياسة حظر خاشقجي على هؤلاء الأفراد الذين يتصرفون نيابة عن الحكومات الأجنبية المتورطة في نشر برامج التجسس كنشاط مضاد للمعارضين".
تصاعدت حملات القمع العابرة للحدود الوطنية على مدى العقدين الماضيين، حيث استخدمت الأنظمة الاستبدادية، بما في ذلك الصين وروسيا وإيران والمملكة العربية السعودية، مجموعة من أدوات وسائل التواصل الاجتماعي المتطورة، فضلًا عن العنف التقليدي، مثل الترحيل والاغتيال.، لاستهداف النشطاء السياسيين والمعارضين داخل وخارج بلدانهم. تمثل برامج التجسس المتطورة للشركتين الإسرائيليتين، (NSO) و (Candiru)، أداة جديدة قوية ستمكن هذه الأنظمة الاستبدادية من تكثيف هجماتها على النشطاء السياسيين والمعارضين.
في الأسبوع الماضي، لعبت منظمة (DAWN) دورًا رائدًا في تنظيم جلسة إحاطة للكونغرس مع منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية. اجتمع عشرات الموظفين من مكاتب الكونغرس من مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين مع هذه المنظمات. ستتواصل منظمة (DAWN) بجميع مكاتب الكونغرس اليوم لتطلب منهم اتخاذ إجراءات فورية استجابة للأمور التي ظهرت مؤخرًا.
قال رائد جرار: "يجب على المسؤولين الأمريكيين أن يرفضوا بشكل واضح وصريح تهم الإرهاب الموجهة ضد جماعات حقوق الإنسان الفلسطينية، ويجب على إدارة بايدن التحقيق في ترخيص واستخدام برامج التجسس ضد النشطاء السياسيين والمعارضين من قبل جميع الحكومات، بما في ذلك إسرائيل وإيران والإمارات والبحرين والسعودية، وفرض سياسة حظر خاشقجي على الأفراد المتورطين في عمليات المراقبة". وأضاف: "تبرز إسرائيل من بين هؤلاء الفاعلين السيئين على اعتبار أنها تتلقى 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية وباعتبارها الحكومة التي توافق على جميع التراخيص والمبيعات لبرنامج التجسس بيغاسوس الخاص بمجموعة (NSO)".