خلال مراجعة حقوق الإنسان في مصر في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، زعمت رئيسة المجلس القومي للمرأة أنه "في ظل حكم الإخوان المسلمين، واجهت النساء التهميش والإقصاء والتمييز ومحاولات التراجع عن حقوق المرأة.. وأن القيادة السياسية الحالية، بدلًا من ذلك، أعطت الأولوية لتمكين المرأة وحققت تقدمًا في هذا المجال."
بصفتي امرأة مصرية، أجد صعوبة في رؤية كيف أحرز النظام الحالي تقدمًا في مجال حقوق المرأة منذ العصور المظلمة لجماعة الإخوان المسلمين. يواصل النظام الحالي التمييز ضد المرأة وتهميشها وارتكاب العنف ضدها. لقد أعاق هذا النظام جهودنا لإحراز تقدم فعال لأنه يساوي بين الدفاع عن حقوق الإنسان والإرهاب وشدد على منظمات حقوق الإنسان التي تقود العدالة بين الجنسين، مثل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
منذ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تعرض ثلاثة من زملائنا في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية للاعتقال التعسفي واحدًا تلو الآخر، وهم: محمد بشير المدير الإداري للمبادرة، وكريم النارة مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة، وجاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة. وبالتالي، فقد انضموا إلى باتريك زكي، الباحث في النوع الاجتماعي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المعتقل منذ فبراير/شباط 2020.
ويواجه هؤلاء، مع عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، تهمًا لا أساس لها من الصحة بالانتماء إلى جماعات إرهابية. وجاء اعتقالهم ردًا على اجتماع بين كبار موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وممثلين عن الدول الأوروبية وكندا في 3 نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في مصر. تم الإفراج مؤقتًا عن بشير والنارة وعبد الرازق في 3 ديسمبر/كانون الأول، لكن في 6 ديسمبر/كانون الأول، أمرت محكمة دائرة الإرهاب بالتجميد المؤقت لجميع أصولهم وممتلكاتهم الشخصية.
في كثير من الأحيان، وفر الغرب غطاءً لانتهاكات حقوق النظام بعبارات الدعم. فبعد أيام قليلة من ذلك الاجتماع، التقى رئيس المجلس الأوروبي بالرئيس السيسي في القاهرة و "شدد على أهمية تكاتف القوى في مكافحة الإرهاب." وقبل أيام من اعتقال زملائنا، أشاد رئيس الوزراء اليوناني بجهود مصر في مكافحة الإرهاب وقال إن مصر تلعب دورًا مهمًا كحارس للإسلام المعتدل.
لا يمكن أن يكون نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي حارسًا للإسلام المعتدل عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة. فقد قدم السيسي دليلًا على نهجه تجاه حقوق المرأة في عام 2011، عندما دافع، بصفته رئيس المخابرات العسكرية، أمام منظمة العفو الدولية عن استخدام اختبارات العذرية "لحماية الجيش من مزاعم الاغتصاب المحتملة."
منذ أبريل/نيسان 2020، تم القبض على ما لا يقل عن تسع نساء ووجهت إليهن تهمة "انتهاك قيم الأسرة المصرية". في يوليو/تموز 2020، حُكم على ثلاث نساء على الأقل بالسجن لمدة تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات وغرامة قدرها 300 ألف جنيه مصري (حوالي 19 ألف دولار أمريكي) بسبب محتواهن على وسائل التواصل الاجتماعي (الغناء والرقص على أغاني البوب على تطبيق التيك توك). بيان النيابة العامة الذي أعلن عن توقيف نساء مؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي طرح التهم التي شملت "إثارة الرجال جنسياً" من خلال "الغناء والرقص بطريقة مثيرة تلفت الأنظار" الأمر الذي يهدد "الأمن القومي والاجتماعي" و "يفسد مجتمعنا وقيمنا."
وزعم البيان أن من واجب النيابة "حماية حدود مصر الرابعة، في إشارة إلى الإنترنت." وأشار تقرير الشرطة المقدم إلى النيابة كذلك إلى أن إحدى النساء "ترقص بملابس غير لائقة وتبرز جسدها وأعضائها الخاصة".
تم القبض على إحدى هؤلاء النساء بعد أن نشرت مقطع فيديو تتحدث عن تعرضها للاغتصاب وتطلب المساعدة. تبنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قضيتها ونجحت في إطلاق سراحها. كما يوضح بيان الادعاء بشأن قضيتها أن تمييز الدولة ضد المرأة كان مرتبطًا أيضًا بالتمييز على أساس الطبقة الاجتماعية والاقتصادية.
ففي قضية شهيرة لرجل اعتدى جنسيًا على عشرات النساء من الطبقة العليا، ذكرت النيابة أنها "ترفض إلقاء اللوم على الضحايا". ومع ذلك، في قضية تتعلق بامرأة من طبقة اجتماعية واقتصادية متدنية، أصدرت النيابة بيانًا يلقي باللوم على الضحية، وتحديدًا "صغر سنّها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية الصعبة"، و "تحذير الوالدين من التزام الصمت" بشأن هذا السلوك المنحرف.
كما لا تزال النساء ممنوعات من التقدم للالتحاق بالنيابة، حيث رفعت مجموعة من خريجات القانون دعاوى قضائية للطعن في هذا التمييز ولكن دون جدوى حتى الآن بينما يواجهن قيودًا وتهديدات بسبب نشاطهن.
بعد ظهور تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي حول عصابة اغتصاب بارزة، أصدر المجلس القومي للمرأة بيانًا عامًا يشجع الضحايا والشهود على الإبلاغ مع ضمان حمايتهم. وبعد أن تقدم الشهود وعرض المجلس القومي للمرأة القضية على النيابة العامة، اتهمت النيابة إحدى الشاهدات على الأقل بالتحريض على الفجور وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وللأسف وبعد تقديم ادعاءات جريئة، رفض المجلس القومي للمرأة دعم الشاهدة المحتجزة التي تعرضت حياتها للتهديد مؤخرًا بحسب ما ذكره محاميها.
تواصل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والعديد من الدول الأوروبية تقديم الدعم المالي للمجلس القومي للمرأة، متجاهلة الانتقادات الموجهة ضد المجلس التي أعربت عنها المدافعات عن حقوق الإنسان.
قوبلت المقترحات التي قدمها برلمانيون في عامي 2017 و 2018 لتعديل القوانين المتعلقة بالاغتصاب والاعتداء الجنسي واعتماد قانون شامل لمكافحة العنف ضد المرأة بالنقد أو التقاعس.
التوصيات الصادرة عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 2010 بشأن مواءمة التشريعات المصرية مع التزاماتها بموجب الاتفاقية لم يتم تنفيذها بعد. التعديل الذي تفاخرت به الحكومة: رفع سن زواج الفتيات إلى 18 هو في الواقع غير فعال لأنه في حين أن القانون لا يسمح بتوثيق زواج القاصرات، إلا أنه لا يجرمه.
يرتكب النظام الحالي العنف ضد المرأة بشكل منهجي، بما في ذلك التهديدات بالاغتصاب من قبل القوات الأمنية/العسكرية والاغتصاب والتحرش الجنسي والاعتداء والتعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي للمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات السياسيات واختبارات العذرية وفحوصات الأعضاء التناسلية القسرية لمتحولات الجنس. ترقى ظروف الاحتجاز في سجون النساء بحد ذاتها إلى سوء المعاملة، إذ يتم احتجاز النساء المتحولات في مراكز احتجاز الرجال، مما يعرضهن لخطر العنف. فشلت الجهود القانونية التي بذلها النشطاء لتحدي هذا الأمر. ينتشر الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات، على الرغم من الحماية القانونية والدستورية.
كما ترتكب بعض المجموعات غير الحكومية العنف ضد المرأة بشكل منهجي مع الإفلات من العقاب. التحرش والاعتداء الجنسي الجماعي منتشر بشكل واسع. ولا يتم الإبلاغ عن الاغتصاب والتحرش الجنسي والاعتداء بسبب العوائق القانونية والاجتماعية. كما تروّج تقارير وسائل الإعلام لـ "إلقاء اللوم على الضحية"، والتشكيك في شهادات الضحايا/الناجيات وتلمّح إلى أن سلوكهن/لباسهن يبرّر العنف ضدهن. لا يزال يتم الإبلاغ عن اختبارات العذرية وحالات الزواج القسري وختان الإناث من قبل العائلات.
لا يمكن اعتبار النظام الحالي شريكًا موثوقًا به ومستقرًا للدول الغربية ذات العلاقات الوثيقة مع مصر.
إن احترام حقوق الإنسان وضمانها هو أمر ضروري لأي مجتمع مستقر. إن تجريم الحكومة لكافة الوسائل السلمية للتعبير عن المظالم ومعالجتها يجعل مصر قنبلة موقوتة. لكن لا يزال من الممكن نزع فتيل القنبلة بمساعدة حلفاء مصر الغربيين.
يظهر استثمار الحكومة المصرية في صورتها الدولية نفوذ الحكومات الغربية، وكذلك الإفراج المؤقت عن المدراء الثلاثة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نتيجة الضغوط الدولية. يجب على الحكومات الغربية أن تضغط من أجل إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيًا.
فالإدانات العلنية ليست كافية. يجب أن تكون هناك عواقب لانتهاكات حقوق الإنسان، والتوقف عن إصدار الشيكات البيضاء من قبل الحكومات الغربية الصديقة التي تدعي الدفاع عن حقوق المرأة.
فكما قال جمال خاشقجي، الديمقراطية هي الحل الدائم الوحيد للأمن والسلام والكرامة في الشرق الأوسط.
على الحكومات الغربية أن تدعم مطلب الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي تقدمت به الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان والعديد من النساء الأخريات في مصر، بدلًا من دعم الديكتاتوريين المحكوم عليهم بالفشل في نهاية المطاف.
***
الصورة: متظاهرون مصريون يرفعون لافتات ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة في القاهرة ضد التحرش الجنسي في 12 فبراير/شباط 2013. نزل المتظاهرون المصريون إلى الشارع مرة أخرى للمطالبة بوضع حد للعنف الجنسي مع تزايد الحملات ضد الاعتداءات المتكررة في وسط القاهرة. لطالما كان التحرش الجنسي مشكلة في مصر، لكن الطبيعة العنيفة للهجمات وتواترها مؤخرًا دقّ ناقوس الخطر. صورة من وكالة الصحافة الفرنسية AFP/ خالد دسوقي عبر غيتي إيماجز).