ما قبل جريمة القتل
انتقل جمال خاشقجي في سبتمبر/ أيلول 2017 من المملكة العربية السعودية للعيش في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة الأمريكية.
في أغسطس/آب 2018، أخبرته خطيبته آنذاك خديجة جنكيز بأنه يلزمه الحصول على شهادة أهلية للزواج من السلطات السعودية حتى يتمكن من الزواج منها في تركيا، بلدها الأصلي.
في أغسطس/سبتمبر، اتصل خاشقجي بالسفارة السعودية في واشنطن للحصول على هذه الشهادة، حيث طُلب منه التوجه إلى القنصلية السعودية في تركيا للحصول عليها.
في 28 سبتمبر/أيلول، توجه خاشقجي وخديجة جنكيز إلى القنصلية السعودية بإسطنبول، حيث أبلغه المسؤولون هناك بضرورة العودة إلى يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018 للحصول على الوثيقة الخاصة بالزواج.
التخطيط والتجهيز
- في الساعات الأولى من فجر فاتح أكتوبر/تشرين الأول والساعات الأولى من 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وصل 15 من عناصر المخابرات السعودية إلى إسطنبول. فيما يلي قائمة بأسمائهم ومناصبهم الرسمية في الحكومة السعودية:
- منصور عثمان أبو حسين، ضابط مخابرات – مكتب ولي العهد
- نايف حسن العريفي، ملازم أول – مكتب ولي العهد
- محمد سعد الزهراني، عضو بالفريق الأمني الخاص لولي العهد
- خالد عايض العتيبي، عضو بالفريق الأمني الخاص لولي العهد
- عبد العزيز محمد الحساوي، عضو بالفريق الأمني الخاص لولي العهد
- مشعل سعد البستاني، ملازم أول – القوات الجوية الملكية السعودية
- ماهر عبد العزيز مطرب، ضابط استخبارات – مكتب ولي العهد
- وليد عبد الله الشهري، قائد جناح – القوات الجوية الملكية السعودية
- فهد شبيب البلوي، عضو بالفريق الأمني الخاص لولي العهد
- بدر لافي العتيبي، رائد – جهاز الاستخبارات السعودية
- د/ صلاح محمد الطبيقي، طبيب خبير في الطب الشرعي – وزارة الداخلية السعودية
- مصطفى محمد المدني، عميد – جهاز الاستخبارات السعودية
- ثائر غالب الحربي، ملازم – الحرس الملكي السعودي
- سيف سعد القحطاني، أخصائي تدريب – القوات الجوية السعودية
- تركي مشرف الشهري، خبير التخطيط والاتصالات – جهاز الاستخبارات السعودية
اختفاء جمال خاشقجي وقتله
أمر القنصل العام السعودي الموظفين غير السعوديين العاملين بالقنصلية إما بعدم الحضور للعمل يوم 2 أكتوبر، أو بمغادرة القنصلية في منتصف النهار.
بحلول الساعة 1:15 ظهرًا، دخل جمال خاشقجي القنصلية بمفرده بعد أن ترك هاتفه مع السيدة جنكيز التي ظلت في الخارج. وفقاُ لتقديرات استخباراتية تركية، ربما قتل خاشقجي في غضون العشر دقائق التي تلت دخوله إلى القنصلية.
ووفقًا للتسجيلات التي قدمتها المخابرات التركية، فقد أجرى ماهر عبد العزيز مطرب والدكتور صلاح محمد الطبيقي محادثة في 2 أكتوبر على الساعة 1:02 مساءًا قبل دقائق فقط من دخول خاشقجي للقنصلية، حيث تساءل ماهر عبد العزيز مطرب عما إذا كان من الممكن "وضع جسد خاشقجي في حقيبة"، ليجيبه الدكتور صلاح الطبيقي باستحالة ذلك "لأن جسمه ثقيل جدا"، معربا عن أمله في أن يكون الأمر "سهلاً، بحيث يتم نزع أوصاله بما لا يمثل أي مشكلة عند وضع جسده في حقيبة. الجسم ثقيل، كما أن هذه أول مرة أقوم فيها بالتقطيع على الأرض. إذا أخذنا الأكياس البلاستيكية وقطعنا جسده إلى قطع، سيتم الانتهاء من هذا الأمر ومن ثم نقوم بتغليف كل كيس من هذه الأكياس".
- بحلول الساعة 1:15 ظهرًا، دخل خاشقجي القنصلية بمفرده بعد أن ترك هواتفه مع السيدة جنكيز التي ظلت في الخارج. وفقاُ لتقديرات استخباراتية تركية، ربما قتل خاشقجي في غضون العشر دقائق التي تلت دخوله إلى القنصلية.
- وفقًا للتسجيلات، يبدو أن خاشقجي قد قابل شخصا يعرفه حيث يمكن سماع أصوات صراع، تليه أصوات لهاث شديدة ومن ثم صوت منشار.
- في تمام الساعة 3:53 مساءً، خرج مصطفى محمد المدني والقحطاني من الباب الخلفي للقنصلية، حيث كان يرتدي الزي المدني ويبدو أنها ملابس خاشقجي. كان القحطاني يحمل حقيبة بلاستيكية بيضاء.
- في تمام الساعة 4:41 مساءً، اتصلت السيدة جنكيز هاتفيًا بياسين أقطاي، وهو جهة الاتصال التي خصصها خاشقجي في حالة الطوارئ، حيث أبلغته أن خاشقجي دخل القنصلية السعودية لكنه لم يعد منها حتى الآن. اتصل أقطاي بمكتب الرئيس أردوغان. كما تحدثت السيدة جنكيز عبر الهاتف إلى المديرة التنفيذية لمؤسسة "الديموقراطية الآن للعالم العربي" سارة لي ويتسون، والتي كانت تشغل في ذلك الوقت منصب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إذ حثت سارة لي ويتسون السيدة جنكيز على الاتصال بالشرطة، والبقاء في محيط القنصلية وعدم مغادرتها.
- حطت طائرة خاصة تديرها شركة سكاي برايم للخدمات الجوية، وهي شركة خاصة تعمل في تشغيل خدمات الطيران المستأجر ومقرها بالرياض، في مطار أتاتورك بإسطنبول عند الساعة 5:15 مساءً.
- صعد على متن الطائرة ماهر عبد العزيز مطرب إضافى إلى خمسة آخرين وهم: بدر لافي العتيبي ووليد الشهري وتركي الشهري وفهد البلوي وثائر الحربي. أقلعت الطائرة في تمام الساعة 6:30 مساءً.
- غادر سبعة من المسؤولين السعوديين الآخرين تركيا على الساعة 10:54 مساءً على متن طائرة سكاي برايم للخدمات الجوية.
- غادر اثنان من المسؤولين السعوديين الآخرين تركيا في الصباح الباكر من يوم 3 أكتوبر، إذ غادرا اسطنبول في تمام الساعة 1:25 صباحًا متجهين إلى الرياض على متن رحلة للخطوط الجوية التركية.
ردود الفعل الأولية وبدء التحقيق التركي
وفقا للمدعي العام التركي، فتحت السلطات التركية تحقيقا في اختفاء جمال خاشقجي مساء 2 أكتوبر/ تشرين الأول، بعد أن اتصلت السيدة جنكيز بالشرطة المحلية للإبلاغ عن اختفاء خاشقجي.
مساء يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول، أبلغ مسؤولون أتراك الصحافة بأن "التقييم الأولي للشرطة التركية يشير إلى مقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة العربية السعودية بإسطنبول ونعتقد أن القتل كان مع سبق الإصرار وأن الجثمان قد تم نقله بعد ذلك من القنصلية."
في 3 أكتوبر/ تشرين الأول، أصدرت السعودية بيانًا لوكالة "أسوشيتيد برس" زعمت فيه أن خاشقجي غادر القنصلية. وجاء في البيان: "زار خاشقجي القنصلية لطلب أوراق تتعلق بحالته الاجتماعية وخرج منها بعد ذلك بوقت قصير". عارض إبراهيم قالين، المتحدث باسم الرئيس أردوغان، البيان السعودي في وقت لاحق من مساء ذلك اليوم حيث قال: "حسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن هذا الشخص الحامل للجنسية السعودية لا يزال داخل القنصلية السعودية في اسطنبول وليس لدينا معلومات تثبت عكس ذلك".
- في 4 أكتوبر/ تشرين الأول، استدعت وزارة الخارجية التركية السفير السعودي/ وليد الخريجي إلى أنقرة على خلفية اختفاء خاشقجي.
- في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، قاد موظفو القنصلية السعودية سيارة البعثة التي يُزعم أنها استخدمت لنقل رفات خاشقجي إلى مغسلة سيارات.
- في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، أصر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ نيوز، على أن خاشقجي غادر القنصلية وأن السلطات السعودية تعمل مع نظيرتها التركية للوقوف على ما حدث، حيث قال الأمير محمد بن سلمان "نسمع الشائعات حول ما حدث. إنه مواطن سعودي ونحن حريصون جدا على معرفة ما جرى له. سنواصل حوارنا مع الحكومة التركية لنرى ما حدث لجمال هناك."
- مساء يوم 6 أكتوبر/ تشرين الأول، أبلغ مسؤولون أتراك الصحافة بأن "التقييم الأولي للشرطة التركية يشير إلى مقتل خاشقجي داخل قنصلية المملكة العربية السعودية بإسطنبول ونعتقد أن القتل كان مع سبق الإصرار وأن الجثمان قد تم نقله بعد ذلك من القنصلية."
-
- النفي السعودي المستمر وتنظيف مسرح الجريمة
-
في 7 أكتوبر/تشرين الأول، نشرت وكالة الأنباء السعودية بياناً صادرا عن مسؤول سعودي لم تذكر اسمه، ونفى هذا المسؤول التقارير التي تفيد بمقتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية، واستنكر بشدة هذه المزاعم التي لا أساس لها من الصحة و"أعرب عن شكوكه في صدور هذه التقارير من مسؤولين أتراك على علم بالتحقيق أو مخولين بالتعليق على القضية".
في 15 أكتوبر/ تشرين الأول، غرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تويتر قائلاً أنه تحدث إلى ولي العهد الذي نفى معرفته "بكل ما حدث لخاشقجي". في وقت لاحق من ذلك اليوم، قال الرئيس ترامب في سياق تعليقه على محادثته مع ولي العهد "لا أريد أن أتطرق إلى ما يدور في عقله – لكن بدا لي أنه ربما كان هؤلاء قتلة مارقون. من يدري؟ سنحاول الوصول إلى حقيقة الأمر قريبًا جدًا. لكن إنكاره كان قاطعًا".
- في 8 أكتوبر/ تشرين الأول، نفى السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان، جميع مزاعم تورط الحكومة السعودية في اختفاء خاشقجي، حيث قال "أؤكد لكم أن التقارير التي تشير إلى اختفاء جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، أو أن سلطات المملكة احتجزته أو قتلته، هي تقارير كاذبة ولا أساس لها من الصحة".
- في 10 أكتوبر/ تشرين الأول، نشرت صحيفة ديلي صباح التركية أسماء وصور وتفاصيل أخرى عن 15 مسؤولاً سعودياً يُشتبه في ضلوعهم وتورطهم في مقتل خاشقجي.
- في 11 أكتوبر/ تشرين الأول، أفادت قناة العربية، وهي شركة إعلامية مملوكة للسعودية، أن السعوديين الخمسة عشر المشتبه بهم كانوا سائحين وقد تم اتهامهم زوراً بقتل خاشقجي. يتماشى ما قالته قناة العربية مع مقالان آخرين نُشرا يومي 8 و10 أكتوبر/ تشرين الأول على قناة العربية، حيث وصفا اختفاء خاشقجي بأنه "خبر كاذب".
- في 11 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت السلطات التركية أن تركيا والسعودية اتفقتا على تشكيل مجموعة عمل مشتركة للوقوف على ما حدث لخاشقجي.
- في 12 أكتوبر/ تشرين الأول، أمر المدعي العام التركي بالتحري والتفتيش. في هذه الأثناء وفي تمام الساعة 2:45 بعد الظهر، دخل ثلاثة رجال يُزعم أنهم ينتمون إلى "الفريق الفني" بالمباحث إلى القنصلية السعودية، ومكثوا فيها طوال النهار والليل وغادروها في نهاية يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول على الساعة 8:00 صباحًا، حيث زعمت المخابرات التركية أن الفريق أجرى عملية تنظيف لمسرح الجريمة.
-
- إقرار السعودية وحملة الاعتقالات التي أعقبت ذلك
-
- في 19 أكتوبر/ تشرين الأول، أقر المدعي العام السعودي، في بيان بثه التلفزيون السعودي الرسمي، بمقتل خاشقجي في القنصلية السعودية، وأوضح أن معركة بالأيدي اندلعت بين خاشقجي ومسؤولين سعوديين في القنصلية، ما أدى إلى مقتل خاشقجي.
- في 21 أكتوبر/ تشرين الأول، أوضح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، أن الأمر استغرق 18 يومًا لتأكيد وفاة خاشقجي لأن السلطات السعودية كانت لديها تقارير تشير إلى أنه غادر القنصلية. وقال الوزير "حتى القيادة العليا لأجهزة المخابرات لم تكن على علم بذلك. كانت عملية مارقة انتهى فيها الأمر بالأفراد إلى تجاوز الصلاحيات والمسؤوليات المنوطة بهم. لقد ارتكبوا خطأ عندما قتلوا خاشقجي في القنصلية وحاولوا التستر على مقتله".
- في 21 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت السلطات السعودية أنها اعتقلت 18 شخصًا يُشتبه بضلوعهم في مقتل جمال خاشقجي. من بين المشتبه بهم 15 شخصًا حددتهم تركيا، بالإضافة إلى ثلاثة آخرين يعملون كملحقين أمنيين قنصليين.
-
- بعض ردود الفعل الدولية على ما أقرته السعودية
-
- في 19 أكتوبر/ تشرين الأول، قال الرئيس ترامب إن الإقرار السعودي كان "خطوة أولى جيدة"، ولكنه كرر رفضه لفرض عقوبات على السعودية على خلفية مقتل خاشقجي.
-
- استمرار التحقيق التركي
-
- في 25 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلن مكتب النائب العام السعودي أنه خلص إلى أن مقتل خاشقجي كان مع سبق الإصرار.
- في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني، طلب أبناء خاشقجي، صلاح وعبد الله خاشقجي، من السلطات السعودية إعادة جثمان والدهما ليقوموا بدفنه على الطريقة التقليدية، لكن السلطات السعودية لم تعد جثمانه ولم توضح بعد ما حدث لجثمانه أو مكان تواجده، حيث يُعتقد أن قاتليه قطعوا أوصاله وتخلصوا منها.
- في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني، أصدرت الدائرة الثالثة بالمحكمة الجنائية بإسطنبول مذكرات توقيف بحق 15 مسؤولاً سعودياً وثلاثة من موظفي القنصلية. وفي اليوم نفسه، أصدر المدعي العام طلبات تسليم الثماني عشر (18) مجرماً المذكورين أعلاه.
-
- لائحة الاتهامات والمحاكمات في السعودية
-
- في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، أعلن نائب المدعي العام السعودي، شعلان الشعلان، أن السلطات السعودية احتجزت 21 شخصًا على خلفية مقتل خاشقجي ووجهت اتهامات إلى 11 شخصا، مضيفا أن مكتب المدعي العام سيطلب تنفيذ عقوبة الإعدام بحق خمسة من المعتقلين.
- أكد المدعي العام أن خمسة أفراد اعترفوا بجريمة القتل، وأضاف: بعد جريمة القتل، "تم تقطيع جثة الضحية من جانب من اقترفوا عملية القتل وتم نقل الجثمان إلى خارج مبنى القنصلية".
-
- المحاكمات بالمملكة العربية السعودية
-
- نشرت وكالة الأنباء السعودية، بتاريخ 3 يناير/ كانون الثاني 2019، بياناً صادرا عن النائب العام السعودي يفيد بعقد جلسة استماع أولية بشأن المتهمين البالغ عددهم 11 في محكمة الجنايات بالرياض.
- أشار المدعي العام في البيان إلى استمرار التحقيق مع المشتبه بهم الآخرين من المحتجزين، وأضاف أن المدعي العام التركي لم يرد بعد على رسائلهم التي طالبوا فيها بتمكينهم من الوصول إلى الأدلة ذات الصلة بعملية القتل.
- علمت المقررة الخاصة الأممية من المقابلات أن ممثلين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وتركيا قد حضروا الجلسات. وقال المتحدث باسم المدعي العام السعودي، شعلان الشعلان، إن نجلي خاشقجي حضرا المحاكمة إلى جانب محاميهما.
- وأفادت المقررة الخاصة كالامارد أن المدعوين إلى المحاكمة كان عليهم الموافقة والالتزام بعدم الكشف عما جرى من إجراءات، "وأنه تم إبلاغهم في غضون مهلة قصيرة ومُنعوا من إحضار مترجمين فوريين معهم."
- أبلغت مصادر حكومية مختلفة المقررة الخاصة بأن الأشخاص البالغ عددهم 11 الذين يُحاكمون في المملكة العربية السعودية هم الأشخاص التالية أسماؤهم، وأن الخمسة الأوائل منهم يواجهون عقوبة الإعدام:
-
- في 15 يناير/ كانون الثاني 2019، تابع المدعي العام بإسطنبول الطلب المقدم بتاريخ 16 نوفمبر/ تشرين الثاني للمدعي العام السعودي لمشاركة نسخ من لائحة الاتهامات وأشار إلى أنه في المرحلة الحالية من التحقيقات، "أصبح من الضروري طلب نسخة من جميع السجلات والمستندات المتضمنة في ملف القضية شاملاً ذلك أقوال المشتبه بهم وأقوال الشهود ولائحة الاتهام ومحاضر الاستجواب ومحاضر الجلسات والمراسلات الرسمية التي جرت أثناء التحقيق وكذلك الإجراءات التي تُجريها الهيئات القضائية بالمملكة العربية السعودية".
- في يوم 31 يناير/ كانون الثاني، عُقدت جلسة استماع ثانية في المملكة العربية السعودية. وبحسب المقابلات التي أجرتها المقررة الخاصة، فقد حضر هذه الجلسة الممثل القانوني لأسرة خاشقجي، وكان السيد عسيري حاضراً في تلك الجلسة ولكن محاميه لم يحضر. في هذه الجلسة الثانية، ادعى محامو المتهمين أنهم كانوا موظفين حكوميين ولا يجوز لهم الاعتراض على أوامر رؤسائهم. قال السيد/ تركي والسيد/ فهد البلوي والسيد/ وليد الشهري أن السيد خاشقجي بدأ بالصراخ لذلك قاموا بكتم فمه لمنعه من إحداث بلبلة أو أصوات مزعجة مما أدى إلى مقتله عن طريق الخطأ. أما السيد/ محمد مصطفى المدني، الذي تظاهر بأنه السيد خاشقجي، فقد قال أنه كان "مكلفا" بالقيام بذلك. أقر السيد عسيري واعترف بأنه أمر الفريق بإقناع السيد خاشقجي بالعودة إلى المملكة العربية السعودية لكنه لم يأمر أبدًا باستخدام القوة.
- في فبراير/ شباط، لاحت تقارير في الأفق تفيد بأن النائب العام السعودي قد وكل شركة "كرول" وهي شركة تحقيقات أمنية بارزة، لفحص الرسائل الموجودة على هاتف محمول يملكه السيد القحطاني مستشار ولي العهد. ركز الفحص على رسائل الواتساب المتبادلة بين ولي العهد والسيد القحطاني يومي 2 & 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، ولم يأخذ التقرير في الاعتبار المحادثات التي ربما أجراها الطرفان باستخدام تطبيقات أو قنوات تواصل أخرى. وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال التي اطلعت على مسودة تقرير شركة كرول، فقد تم حذف رسالة واحدة من هاتف السيد القحطاني وقام النائب العام السعودي بإبلاغ شركة كرول بأن "السيد القحطاني قد كنب تلك الرسالة ولاحظ بعدها بأنها تحتوي على خطأ مطبعي وبالتالي قام بحذفها، ثم أرسل رسالة مصححة". بعد مراجعة التقرير، خلص النائب العام السعودي إلى أنه لا توجد برسائل الواتساب المتبادلة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والقحطاني ما يتعلق بالسيد خاشقجي أو مقتله. لم يتم نشر تقرير كرول.
- في 17 مارس/ آذار، في جلسة متابعة عقدتها للمحكمة ووفقاً لمقابلات أجرتها المقررة الخاصة، ادعى السيد مفلح المصلح أنه لم يكن على علم بأن السيارة التي قادها من القنصلية إلى مقر الإقامة كانت تحمل رفات السيد خاشقجي ويُزعم أنه لم يعلم أنه نقل رفات السيد خاشقجي إلا بعد اعتقاله. وقال البلوي إن ماهر مطرب أمره بتشريح جثة السيد خاشقجي. وقررت المحكمة عقد الجلسة التالية في 24 مارس/ آذار.
- وفقاً للتقارير، فقد عقدت المحكمة السعودية ما مجموعه تسع جلسات على مدى عام واحد تقريباً قبل أن تصدر حكمها. ومع ذلك وحيث أن السلطات السعودية قد عقدت المحاكمة سراً، فلا توجد معلومات متاحة للجمهور حول ما حدث خلال هذه الجلسات وماهية الأدلة التي قدمها الادعاء أو ما إذا كان المتهمون أو أي شهود قد أدلوا بشهادتهم. أفاد مراقبو السفارة بأن عشرة من المتهمين البالغ عددهم 11 لم تُكبل أيديهم بالأصفاد أثناء جلسات الاستماع وأنهم بدوا مرتاحين أثناء الإجراءات.
- في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019، أعلنت محكمة جنايات الرياض حكمها في مقتل جمال خاشقجي وحكمت على خمسة من المتهمين البالغ عددهم 11 بالإعدام لتورطهم في القتل وحكمت على ثلاثة آخرين بالسجن بتهمة التستر على القتل، لكن المحكمة لم تقدم أسماء الرجال البالغ عددهم 8 الذين تم إدانتهم ولكن مصادر مختلفة، بما في ذلك المقررة الخاصة كالامارد، كشفت أسماء أولئك الذين ثبتت إدانتهم والأحكام الصادرة بحقهم. الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام في المحاكمة السعودية هم: صلاح محمد الطبيقي وماهر عبد العزيز مطرب وفهد شبيب البلوي وتركي مشرف الشهري ووليد عبد الله الشهري.
- أُدين الثلاثة المحكوم عليهم بالسجن "لدورهم في التستر على هذه الجريمة وانتهاك القانون". وحكمت المحكمة على منصور أبو حسين بالسجن 10 سنوات بتهمة الكذب على رؤسائه وإخفاء معلومات بشأن جريمة القتل. وحُكم على اثنين آخرين بالسجن سبع سنوات وهم: مصطفى المدني الذي انتحل صفة خاشقجي وهو يخرج من القنصلية بعد وقت قصير من عملية القتل إذ كان يرتدي ملابس خاشقجي في محاولة فاشلة لصرف الشكوك، والثاني هو سعد القحطاني (يجب عدم الخلط بينه وبين سعود القحطاني العقل المدبر لعملية القتل).
- قال وكيل النائب العام شعلان الشعلان إن المحكمة أسقطت التهم الموجهة إلى ثلاثة من المتهمين البالغ عددهم 11 وأصدرت حكماً ببراءتهم. كان من بين الذين تمت تبرئتهم أحمد العسيري، نائب رئيس المخابرات السابق. كان النائب العام قد أسقط في وقت سابق التهم الموجهة إلى سعود القحطاني، المساعد السابق لمحمد بن سلمان، "بسبب عدم كفاية الأدلة". كما تمت تبرئة القنصل السعودي محمد العتيبي الذي سمح للصحفيين بأخذ جولة في قنصلية المملكة باسطنبول بعد مقتل خاشقجي.
- عند إعلان الحكم، أشار وكيل النائب العام شعلان الشعلان أن التحقيق أثبت أن "القتل لم يكن مع سبق الإصرار، حيث أن قرار القتل كان وليد اللحظة".
- انتقد المراقبون الدوليون إجراءات سير المحاكمة. ففي 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019، وهو نفس اليوم الذي أُعلن فيه الحكم، وصفت منظمة العفو الدولية الحكم بأنه "تبرئة لا تحقق العدالة لخاشقجي ولا تظهر الحقيقة لأحبائه". في اليوم نفسه، كتب فريد رايان، الناشر والمدير التنفيذي لصحيفة واشنطن بوست: "الغياب التام للشفافية ورفض الحكومة السعودية التعاون مع محققين مستقلين يشير إلى أن ما حدث هو مجرد محاكمة صورية". غردت المقررة الخاصة للأمم المتحدة أغنيس كالامارد قائلة: "تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة.. وأمر يدعو للسخرية". صرح جيمس سميث، سفير الولايات المتحدة السابق لدى المملكة العربية السعودية، بأن "هذه الحادثة ستلوث إلى الأبد سمعة محمد بن سلمان وسمعة المملكة العربية السعودية".
- أشادت إدارة ترامب بالحكم السعودي. في 23 ديسمبر/ كانون الأول، وهو نفس اليوم الذي صدر فيه الحكم، وصف مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية، لم يُفصح عن اسمه، الحكم بأنه "خطوة مهمة في إتجاه محاسبة المسؤولين عن الجريمة الشنيعة".
- في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019، وهو اليوم الذي صدر فيه الحكم، غرد صلاح خاشقجي، نجل جمال خاشقجي، الذي يعيش في المملكة العربية السعودية، مؤيداً المحاكمة قائلاً: "نؤكد إيماننا بالقضاء السعودي على جميع المستويات وفي تحقيق العدالة والإنصاف لنا".
- بعد خمسة أشهر من صدور الحكم، غرد صلاح خاشقجي في 21 مايو/ أيار 2020 قائلاً: "نحن أبناء الشهيد جمال خاشقجي نعلن مسامحة من قتل والدنا". علماً بأنه قبل تغريدة 21 مايو/ أيار، منحت الحكومة السعودية أبناء خاشقجي عشرات الآلاف من الدولارات وعقارات بملايين الدولارات كتعويض عن مقتل والدهم.
- أدت مسامحة صلاح خاشقجي لمن قتلوا والده لتخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق السعوديين الخمسة إلى السجن لمدة خمس سنوات. وفقًا لمرسوم ملكي سعودي، فإن مسامحة أفراد الأسرة في حالة القتل العمد تخفف عقوبة الإعدام إلى عقوبة بالسجن لمدة خمس سنوات ولكنها لا تلغي الإدانة.
- في 21 مايو/ أيار 2020، غردت خطيبة خاشقجي السابقة، السيدة جنكيز، قائلة: "لا يحق لأحد العفو عن القتلة. لن نعفو عن القتلة وعمن أمر بالقتل."
- إجراءات سعودية أخرى
- في 14 مارس/ آذار 2019، ألقى بندر بن محمد العيبان، رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية، كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، حيث ذكر في كلمته أن المملكة العربية السعودية قد اتخذت الإجراءات المطلوبة "لكي نحل هذه الجريمة البشعة"، وأردف قائلاً أن المملكة العربية السعودية لن تقبل الدعوات إلى "تدويل" الإجراءات القانونية الجارية والتي ستُنظر إليها على أنها تدخل خارجي في الشؤون الداخلية. في 1 أبريل/ نيسان 2019، لاحت في الأفق تقارير إعلامية تفيد بأن أبناء السيد خاشقجي تلقوا دفعات مالية كبيرة من الحكومة السعودية، كما علمت المقررة الخاصة بهذه الادعاءات من مصادر أخرى.
- في 10 أبريل/ نيسان 2019، رفض صلاح خاشقجي نجل السيد خاشقجي الادعاء بأنه تم التوصل إلى تسوية، حيث قال "المحاكمة جارية حالياً ولم تتم مناقشات أو مداولات للتسوية. الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجريمة والمتورطون فيها سيُقدمون جميعًا إلى العدالة ويواجهون العقوبة". في الوقت نفسه، أشار إلى أن الملك سلمان وولي العهد "يُعتبران أوصياء على جميع السعوديين وينظر إليهما كذلك. تنبع أعمال الكرم والإنسانية من باب المبادئ الأخلاقية السامية التي يمتلكاها وليس من باب الإقرار بالجرم أو الافتراءات."
-
- لائحة الاتهامات والمحاكمة التركية
-
- في 25 مارس/آذار 2020، أعلن مسؤولون أتراك توجيه لائحة اتهام لـ20 مواطناً سعودياً بتهمة القتل والتحريض على القتل في قضية مقتل جمال خاشقجي.
- وُجهت لائحة الاتهام التركية إلى ما مجموعه 20 شخصاً، حيث اتهمت فيها رجلين وهما أحمد العسيري وسعود القحطاني، مساعدين سابقين لولي العهد محمد بن سلمان، بالتحريض على القتل العمد من خلال التعذيب واتهمت الثماني عشر شخصاُ التالي بيانهم بالتعذيب والقتل العمد: منصور عثمان أبو حسين، ماهر عبد العزيز مطرب، صلاح محمد الطبيقي، مصطفى محمد المدني، سيف سعد القحطاني، ثائر غالب الحربي، بدر لافي العتيبي، تركي مشرف الشهري، فهد شبيب البلوي، وليد عبد الله الشهري، محمد سعد الزهراني، نايف حسن سعد العريفي، عبد العزيز محمد الحساوي، خالد عايض العتيبي، سعد مشعل البستاني، مفلح شايع المصلح، أحمد عبد الله المزيني، سعد مؤيد القرني.
- استندت لائحة الاتهام التركية إلى أدلة مستمدة من بيانات موقع الهاتف الخلوي وشهادات تحركات المتهمين وتفتيش غرف الفندق التي أقام فيه المتهمون وتفتيش القنصلية ومقر إقامة القنصل وهاتف خاشقجي الخلوي وجهاز الحاسوب الشخصي وجهاز الآيباد الخاص به وإفادات الشهود.
- كانت المحاكمة التركية بمثابة أول تحقيق قانوني علني، حيث بدأت في 3 يوليو/ تموز 2020 أمام الدائرة 11 بالمحكمة الجنائية العليا بإسطنبول. رفضت المملكة العربية السعودية طلبات تسليم المتهمين التي تقدم بها المدعي العام التركي وأفاد محامو المتهمين السعوديين المكلفين من قبل نقابة المحامين التركية بأنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى موكليهم. وعليه، فقد عقدت المحاكمة غيابيًا.
- خلال الجلسة الأولى التي استمرت قرابة الأربع ساعات، أدلى كلاً من التالي بيانهم بشهادته أمام المحكمة: خطيبة خاشقجي السابقة، السيدة جنكيز، وياسين أكتاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعمال من القنصلية السعودية. وصفت السيدة جنكيز كيفية علمها بحدوث خطأ ما في القنصلية، حيث قالت: "لقد خرج شخص ما يتراوح عمره ما بين 25 و 30 عاماً وكان يبدو على وجهه الخوف والقلق، ثم قال لي: لقد فتشت الغرف ولم أجد أحداً، ولكنه لم ينظر إلى وجهي. في تلك اللحظة، شعرت بخوف لم أشعر به من قبل في حياتي. لم يكن الخوف فقط هو ما داهمني، بل كان رعبًا". قالت السيدة جنكيز في شهادتها أمام المحكمة أن الموظف في القنصلية الذي طلب من خاشقجي أن يأتي إلى القنصلية يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول كان اسمه أكرم سلطان. قالت السيدة جنكيز: "لقد استدعوه بخسة وخداع كبير".
- قدم ياسين أقطاي، مستشار الرئيس أردوغان والصديق المقرب لخاشقجي، شهادته قائلا أن انتقادات خاشقجي للأمير محمد وسياساته وأنشطته وكونه رئيسا لمؤسسة الديموقراطية في العالم العربي الآن هو ما أغضب الحكومة السعودية. صرح أقطاي بأن "أنشطة مؤسسة الديموقراطية في العالم العربي الآن" قد أثارت غضب حكومة المملكة العربية السعودية"، حيث قال: "الديموقراطية مثلها مثل اللعنة بالنسبة لهم".
- قدم عدد من المواطنين الأتراك العاملين بالقنصلية شهاداتهم بأنهم تلقوا أوامر بعدم الذهاب إلى مقر إقامة القنصل يوم وقوع القتل. قال زكي دمير، المواطن التركي العامل في القنصلية، بأنه تم استدعاؤه إلى مقر إقامة القنصل الساعة 2 ظهرًا وطُلب منه إشعال فرن. أفاد دمير: "كان هناك حالة من الذعر، كان الأمر كما لو كانوا يريدون مني المغادرة في أسرع وقت ممكن". ذكر دمير أنه عاد إلى القنصلية بعد عدة أيام ولاحظ أن الرخام الموجود حول الفرن قد تم تبييضه.
- حضرت المقررة الخاصة، كالامارد، المحاكمة التركية. في 3 يوليو/ تموز، أعربت كالامارد عن أملها في تحقيق سبق قانوني في المحاكمة التركية، حيث قالت: "إذا نجحت المحاكمة، فإنها ستعزز إمكانية نقل المحاكمة للاختصاص القضائي العالمي".
- أحد المعلقين سلط الضوء على الطبيعة السياسية لدوافع أردوغان لإجراء هذه المحاكمة مشيراً إلى أن أردوغان يخوض "حرباً بالوكالة على عدة مستويات سياسية وإقليمية مع ولي العهد السعودي ويسعى للحصول على حكم يضر بمنافسه".
- قال أندرو غاردنر الباحث في الشؤون التركية لدى منظمة العفو الدولية أن "هذه المحاكمة وغيرها من الجهود التي بذلتها السلطات التركية كانت مهمة في إبقاء جريمة القتل في دائرة الضوء وعدم السماح بنسيانها".