أحمد الغباري صحفي يمني مستقل قدّم تقارير عن حرب اليمن لوسائل الإعلام الدولية منذ اندلاع الحرب في عام 2015. وقد ظهرت أعماله في الغارديان والجزيرة الإنجليزية ووسائل إعلامية أخرى. قام الغباري، بصفته مخرج مشارك للتصوير الفوتوغرافي، بتصوير الفيلم الوثائقي "سماء الإرهاب في اليمن" في عام 2018، والذي تم ترشيحه لجوائز إيمي وشيفيلد، وفاز بجائزة الصحافة الإلكترونية. أطلق الغباري أيضًا حملة تبرع عامة عبر حسابه على تويتر لتقديم الدعم للأطفال ضحايا الحرب.
تثير احتمالية إجراء محادثات السلام حالة من الشك بين العديد من اليمنيين اليوم، بعد فشل عدة محاولات من قبل الأمم المتحدة لجمع الأطراف المتحاربة لإجراء مفاوضات وإنهاء الصراع المستمر منذ ما يقرب من تسع سنوات.
مع كل محاولة، أعربت القوى العالمية، بما في ذلك تلك التي تقدم الدعم العسكري للجهود الحربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين، عن دعمها العلني للمحادثات. كان الخطاب من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول غربية أخرى متفائلًا لدرجة أن بعض اليمنيين شعروا أن الحرب قد تقترب بالفعل من نهايتها. لكن في كل مرة، كانت النتيجة خلاف ذلك. وكانت الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة العام الماضي والموقعة في أبريل/نيسان والتي تم تمديدها مرتين حتى أكتوبر/تشرين الأول تشير إلى تقدم نادر لكنه محدود. من خلال وقف إطلاق النار، هدأت الخطوط الأمامية في اليمن في الغالب وأوقف التحالف الذي تقوده السعودية غاراته الجوية وخفف من حصاره الاقتصادي.
ومع ذلك، بعد أن شاهدوا الكثير من الدمار الذي لحق ببلدهم وتحملوا العواقب الوخيمة، بما في ذلك بعض أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، لا يزال ينتظر اليمنيون الكثير من عملية السلام الوليدة. لم تعني الهدنة الكثير في حياتهم اليومية، بالنظر إلى حجم معاناتهم الاقتصادية والأزمة الإنسانية في اليمن. التذمر الشائع بين اليمنيين هو أن الأطراف المتحاربة، إلى جانب الأمم المتحدة نفسها، لم تعط الأولوية لاحتياجاتهم الملحة في الاجتماعات الدبلوماسية المستمرة للتوصل إلى حل للصراع.
قال صابر الفقيه، صاحب بقالة في صنعاء: "كان من المستحيل وضع أولويات الشعب في أذهانهم. كل طرف لديه اهتماماته الخاصة"، في إشارة إلى الأطراف المتحاربة وجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة وقال أن الوعود بمعالجة معاناة الشعب اليمني تبدو جوفاء، حيث أننا "لم نلمس شيئًا".
دعت الهدنة المنتهية مدتها إلى وقف الهجمات الجوية والبرية من قبل جميع الأطراف، وإجراءين لتخفيف الحصار الذي تقوده السعودية على موانئ اليمن: دخول 18 سفينة وقود إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون على مدى شهرين، ورحلتين تجاريتين أسبوعيًا من مطار صنعاء الدولي إلى عمّان والقاهرة. كما تضمنت الهدنة التزامًا بإجراء محادثات لفتح طرق مؤدية إلى تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ سنوات. بعد توقيع الهدنة، اختفت طوابير طويلة من السيارات في محطات الوقود—وهو مشهد مألوف في صنعاء ومختلف أنحاء اليمن لسنوات—على الرغم من أن سعر الوقود ظل ولا يزال مرتفعًا بالنسبة لمعظم السكان. تمكن آلاف الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج طبي عاجل في الخارج من مغادرة مطار صنعاء أخيرًا.
ومع ذلك، قدمت الهدنة القليل من الانفراجات الأخرى في الصعوبات التي يواجهها معظم اليمنيين. لا تزال أسعار المواد الغذائية المرتفعة أصلًا مستمرة في الارتفاع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحرب في أوكرانيا والانخفاض الحاد في صادراتها من القمح. حتى أولئك اليمنيون الذين ما زالوا يكسبون لقمة العيش يكافحون من أجل تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية.
وعلى الرغم من انتهاء الهدنة رسميًا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا تزال الهدنة قائمة إلى حد كبير منذ ذلك الحين. أشاد مراقبو اليمن بالتوقف النسبي في الحرب، لكنهم يشددون على ضرورة مساعدة اليمنيين العاديين. ذكرت عائشة جمعان، رئيسة مؤسسة الإغاثة وإعادة الإعمار اليمنية، أنه على الرغم من نجاح الهدنة في خفض التصعيد، إلا أن ذلك لا يعني الكثير بالنسبة لغالبية اليمنيين. وقالت عائشة جمعان: "لم يكن لذلك تأثير كبير في تخفيف الدمار الاقتصادي والحد من الجوع أو منع الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية وغير المعدية. لم يتم دفع رواتب الموظفين الحكوميين منذ عام 2016، ولا يزال الحصار مفروض على السلع الأساسية، بما في ذلك الأدوية".
أدى تعليق رواتب القطاع العام طوال تلك الفترة إلى عدم استلام أكثر من مليون موظف مدني لمستحقاتهم. هؤلاء يعولون ما يُقدّر بعشرة ملايين يمني آخر.
وقال الخبير الاقتصادي اليمني رشيد الحداد أن "الأمم المتحدة لعبت دورًا إيجابيًا في الحد من المعاناة الإنسانية في اليمن، لكنها لم تتمكن من وقف التدهور الحاد في الملف الإنساني". ولم يكن بوسع الامم المتحدة أن تلعب دورها كاملًا في المجال الانساني حيث تجنبت الاصطدام مع أطراف الصراع. وأضاف أن الهدنة "لم تنعكس إيجابًا على حياة اليمنيين بسبب عدم تنفيذ جميع بنودها. توقفَ الصراع العسكري، لكن الحصار المستمر زاد كثيرًا من معاناة اليمنيين".
كان من المفترض أن يكون دفع رواتب الموظفين الحكوميين ورفع الحصار من أولويات المفاوضين خلال الهدنة. وكما قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانز غروندبرغ، أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، "هناك حاجة إلى معالجة القضايا الإنسانية والاقتصادية العاجلة على المدى القريب لتجنب تدهور أكبر لوضع المدنيين". لكنه أقر بأن هناك جدولًا زمنيًا طويلًا يعتمد على محادثات سلام أكبر بكثير. وقال "لا يمكن التوصل إلى حلول أكثر استدامة إلا في سياق تسوية شاملة للصراع. العديد من القضايا الاقتصادية التي تجري مناقشتها، مثل مسألة إدارة الإيرادات لدفع الرواتب، تتطلب التعاون بين الطرفين لكي تكون مستدامة".
لقد كانت رسالة محبطة ومألوفة للعديد من اليمنيين، الذين يلومون الأطراف المتحاربة لتجاهل محنتهم. قالت عائشة جمعان: "كان بإمكانهم تقديم تنازلات لضمان تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للشعب اليمني، بما في ذلك دفع الرواتب ورفع الحصار الذي يخنق الاقتصاد. الحصار هو القاتل الصامت في اليمن. فغالبية الناس الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي يموتون في منازلهم".
في مواجهة الغضب العام من هذه التأخيرات، ألقى كل طرف في النزاع باللوم والمسؤولية على الطرف الآخر. قال التحالف الذي تقوده السعودية والحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة في عدن المدعومة من التحالف أنهم وافقوا على اقتراح الأمم المتحدة بدفع رواتب الموظفين الحكوميين—لكنهم لا يستطيعون الموافقة على طلب خصمهم، الحكومة التي يقودها الحوثي في صنعاء، والذي يشمل دفع رواتب قوات الدفاع والأمن المتحالفة معها. وشدد الحوثيون على أن تلك القطاعات تشكل الجزء الأكبر من العاملين لدى الحكومة وأنهم من جميع أنحاء اليمن وليس فقط من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وإلى أن يتم حل هذا المأزق، سيعاني اليمنيون بلا سبب—"وسيظلون رهينة مفاوضات السلام حيث تريد الأطراف المتحاربة تسجيل نقاط ضد بعضها البعض"، على حد تعبير عائشة جمعان. ودعت إلى اتخاذ المزيد من الخطوات الإنسانية بغض النظر عن أي تقدم تحرزه الأمم المتحدة لتجديد الهدنة وبدء محادثات سلام أكثر رسمية. وقالت: "يجب رفع الحصار دون قيد أو شرط لأنه المحرك الرئيسي للأزمة الإنسانية في اليمن".
لكن صابر الفقيه، صاحب البقالة في صنعاء، فقد الأمل، حيث يقول: "من الصعب أن نتخيل الآن أنه سيتم تلبية احتياجات الناس الملحة".