مايكل شيفر عمر-مان هو مدير أبحاث إسرائيل وفلسطين في منظمة (DAWN)
وُصفت محاولة حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لتوطيد سلطتها من خلال إجراء تعديلات على النظام القضائي في البلاد بأشياء كثيرة خلال الأشهر الثمانية الماضية كانقلاب، وتغيير للنظام، وأزمة دستورية. منذ البداية، حذّر رئيس إسرائيل ورؤساء الوزراء السابقون وأعضاء البرلمان والمحللون وغيرهم من أن المخطط المتطرف لتحييد القضاء—ورد الفعل العنيف الذي نتج عن ذلك من خلال الاحتجاجات الجماهيرية التي استمرت أكثر من 30 أسبوعًا—قد يؤدي إلى حرب أهلية. في الأسابيع الأخيرة، كان هناك المزيد والمزيد من الإسرائيليين الذين يطرحون سؤالًا لم يكن من الممكن تصوره حيث تساءلوا ما إذا كانت الدولة في خضم حرب أهلية بالفعل.
لكن الحرب الأهلية تشير إلى الحرب بين المواطنين. وبغض النظر عن أن إسرائيل تحكم ملايين الفلسطينيين غير المواطنين بشكل غير ديمقراطي، إلا أن الانقسامات الاجتماعية التي تحدث في شوارع تل أبيب والقدس خالية تمامًا من غير اليهود، حتى أولئك الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية. تقول أورلي نوي، الناشطة والصحفية الإسرائيلية المخضرمة، أن المصطلح العبري "الحرب بين الإخوة" هو الأنسب في هذا السياق. تلك الحرب هي بين الإسرائيليين اليهود العلمانيين ولفيف من اليهود المتدينين، بما في ذلك حركة المستوطنين.
تقول نوي في مقابلة موسعة مع مجلة "الديمقراطية في المنفى": "عندما أتحدث عن حرب أهلية، لا يتعلق الأمر بأشخاص يحملون السلاح ضد بعضهم البعض في الشوارع، وإنما يتعلق الأمر بتحديد طبيعة الدولة وفهم مسألة أننا لا نستطيع أن نكون دولة يهودية وفي نفس الوقت دولة علمانية ودولة ديمقراطية، وكذلك دولة محتلة ونظام فصل عنصري، كل ذلك في حين أننا دولة ليبرالية." يريد أحد الطرفين الفصل الكامل بين الكنيسة والدولة، بينما يريد الطرف الآخر شيئًا أقرب إلى حكم ديني يهيمن عليه حاخامات أرثوذكسيون متشددون وأكثر المستوطنين عنفًا وتديّنًا.
وتوضح نوي: "فيما يتعلق بالأرثوذكس المتطرفين، لدي الكثير من التعاطف معهم، وخاصة بصفتي مقدسية". هاجرت نوي من طهران إلى القدس في سن التاسعة، بعد أسبوعين من استيلاء آية الله الخميني على السلطة في إيران. "إنهم جزء من المدينة، وهذا أحد الأسباب التي جعلتني أحب المدينة"، كما تقول عن الأرثوذكس المتطرفين. "لكن لم يعد بإمكاني تجاهل رؤيتهم لإسرائيل والقدس. هذا كابوس بالنسبة لي. إنه الكابوس الذي هربنا منه عندما غادرنا إيران".
نوي صحفية ومحرّرة في المجلة الإخبارية العبرية (Local Call) التي تترجم الأدب والشعر الفارسي إلى العبرية. وهي ناشطة مخضرمة في حركة العدل المزراحي، وهي واحدة من الإسرائيليين اليهود الوحيدين الذين ترشحوا للكنيست نيابة عن الحزب الليبرالي الفلسطيني "بلد"، وهي رئيسة مجلس أمناء منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم. بالإضافة إلى كل ذلك، فهي واحدة من المحللين القلائل الذين أعرفهم ممن تمكنوا من عدم المساومة في قيمهم بينما تمكنوا من الحفاظ على التعاطف الفعلي مع خصومهم السياسيين.
هذه الصفات تجعلها مراقبة فريدة لحركة الاحتجاج الجماهيري في إسرائيل ضد إجراءات "الإصلاح" القضائي اليميني المتطرف. تتكون حكومة نتنياهو الحالية من، إن لم تكن تدين بالفضل أيضا، لليهود المتدينين ومختلف أطيافهم—تيارات مختلفة من الأرثوذكس المتطرفين، والمستوطنين الأرثوذكس الحديثين، ومجموعة فضفاضة من اليهود "التقليديين" الذين يميلون إلى أن يكونوا ناخبين لحزب الليكود المحافظ. مشكلتهم الرئيسية، بأبسط العبارات، هي أن ما يسمى بالمؤسسات "الديمقراطية الليبرالية"، وعلى رأسها محكمة العدل العليا في إسرائيل، قد اغتصبت سيادتهم من خلال قلب إرادة الشعب—أي إرادتهم. إرادتهم في فرض القانون اليهودي على الجميع في إسرائيل، بما في ذلك الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتطهير تلك الأرض من أكبر عدد ممكن من غير اليهود.
تحدثتُ إلى أورلي، وهي صديقة وزميلة سابقة، عن مشهد رائع شاهدته الأسبوع الماضي في مخيم احتجاج للإسرائيليين العلمانيين الليبراليين في قلب حركة الاحتجاج لوقف انتزاع اليمين الديني للسلطة. سار المتظاهرون من تل أبيب إلى القدس ونصبوا خيامًا على بعد مئات أمتار من الكنيست الإسرائيلي. كانت إحداها عبارة عن "خيمة حوار"، ودعوا إليها اليهود الأرثوذكس المتطرفين والمستوطنين المتدينين للجلوس "كأخوة"، والاستماع إلى بعضهم البعض، وربما إيجاد أرضية مشتركة.
من الصعب وصف الجو السريالي، كما كتبت نوي في مقال لمجلة (Local Call)، للنشطاء المناهضين للفصل العنصري الذين يتشاركون في نفس المساحة مع مجموعات الاحتجاج العلماني العسكري، إلى جانب العائلات الأرثوذكسية المتطرفة وطلاب المدارس الدينية الشباب. كانت المناقشات رائعة وملهمة، حيث أتاحت للناس فرصة إلقاء أعلامهم ومكبرات الصوت والتحدث مع بعضهم البعض. وكتبت: "لكن أكثر من أي شيء آخر، كشفت تلك المناقشات الهوة التي تفصل ليس فقط وجهات النظر العالمية للطرفين، ولكن الأكوان الموازية التي يعيشان فيها".
عكس سردها لهذا اللقاء النادر للغاية شعورها بأن الإسرائيليين العلمانيين "كانوا مدفوعين بالحنين، مبني بالكامل على عقود من خداع الذات، غير قادرين على صياغة رؤية واضحة […] بخلاف إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى قبل يوم من بدء الإصلاحات القضائية". من ناحية أخرى، فإن اليهود المتدينين اليمينيين موحدون ويتطلعون إلى الأمام، "برؤية متماسكة ومفصلة وكأنها نجم الشمال يشير إلى الهدف".
المقابلة التالية تدور حول الدروس التي تبلورت لنوى أثناء مشاهدتها ذلك المشهد في خيمة الاحتجاج، وأوجه الشبه مع احتجاجات الحجاب العام الماضي في إيران، والتهديد بانقلاب عسكري في إسرائيل، والعبث المحزن الذي تراه في "ديمقراطية" إسرائيل المعلنة طالما أنها تستثني الفلسطينيين. ولماذا هذه لحظة تاريخية ستحدد الكثير للجميع بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.
تم تحرير المقابلة التالية بشكل طفيف من أجل الإيضاح وملائمة طول المادة.
"لا نستطيع أن نكون دولة يهودية وفي نفس الوقت دولة علمانية ودولة ديمقراطية، وكذلك دولة محتلة ونظام فصل عنصري، كل ذلك أثناء كوننا دولة ليبرالية."
- أورلي نوي
مايكل عمر مان: غالبًا ما أحاول أن أشرح للناس في الولايات المتحدة وأماكن أخرى أنه خلال سنواتي الـ 15 التي قضيتها في إسرائيل وفلسطين، كانت أعمق مشاعر الحقد والاستياء والمرارة التي شهدتُها بين مجموعتين من الناس لم تكن بين اليهود والفلسطينيين، ولكن بين اليهود العلمانيين واليهود المتدينين.
لقد اشتمل الخطاب في إسرائيل بشكل متزايد على مناقشة ما إذا كانت البلاد في خضم حرب أهلية، أو ربما في خطر وشيك بدخول حرب أهلية. لقد كتبتِ قبل أيام قليلة عن الهوة الهائلة التي تفصل بين الإسرائيليين اليهود العلمانيين والمتدينين وكيف أن الحوار، من بين كل الأشياء، جعل هذا الانقسام يبدو أكثر وضوحًا بالنسبة لكِ. لذا أسأل ما اذا كانت إسرائيل تتجه إلى حرب أهلية؟
أورلي نوي: هذا سؤال يشغل الكثير من الخطاب الإسرائيلي: هل نحن في حرب أهلية أم لا؟ هل وصلنا إلى تلك المرحلة؟ لكن هذا المصطلح لا يتم استخدامه كثيرًا هنا، وعوضًا عن ذلك يتحدث الناس عن حرب بين الإخوة.
أعتقد أنه بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، بما أن الفلسطينيين ليسوا جزءًا من النقاش على أية حال، فالأمر لا يتعلق بالمواطنة. إنها ليست مسألة "مدنية". إنه شيء يهودي داخلي. الخوف هو من تمزق نسيج [المجتمع أو الشعب اليهودي] بشكل لا يمكن إصلاحه—وهذا يخيف الناس حقًا.
لقد منعنا هذا الخوف من إجراء مناقشة أكثر جدوى حول طبيعة دولة إسرائيل كما نتخيلها، وكما نفهمها، لفترة طويلة جدًا. كانت محاولة طمس هذه الاختلافات باسم الوحدة اليهودية كارثية. لقد شاهدتم ذلك بعد اغتيال رابين حيث دأب اليمين في إسرائيل على ارتكاب العنف السياسي، ولكن "دعونا لا نوجه أصابع الاتهام أو نتهم أي شخص، لا سمح الله" باسم حماية نسيج الوحدة اليهودية.
وبالطبع يُستبعد الفلسطينيون، بمن فيهم المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل، من ذلك. يمكنك سماع ذلك في الخطاب الإسرائيلي الأوسع: استبدل السياسيون اليهود على جانبي الممر مصطلح "مواطنو إسرائيل" (إزراشي يسرائيل) بعبارة "شعب إسرائيل" (أم يسرائيل)، والتي تشير بالطبع فقط لليهود. لذلك أعتقد أننا بحاجة إلى التخلي عن تلك الوحدة الزائفة.
فيما يتعلق بالحريديم، لدي الكثير من التعاطف معهم، لا سيما كمقدسية. إنهم جزء من المدينة، وهذا أحد الأسباب التي جعلتني أحب المدينة. لكن لم يعد بإمكاني تجاهل رؤيتهم لإسرائيل والقدس. هذا كابوس بالنسبة لي. إنه الكابوس الذي هربنا منه عندما غادرنا إيران. لا توجد طريقة للتغلب عليه. عندما تتحدث مع الأرثوذكس المتطرفين، فهم منفتحون للغاية بشأن ما يريدون.
وأنا لا ألومهم على رغبتهم في تطبيق قيمهم الأخلاقية وطريقة تفكيرهم. لكن إذا كنا نطمح لأن نكون ديمقراطية علمانية، فإن أول شيء يجب فعله هو فصل الكنيسة عن الدولة.
لذلك عندما أتحدث عن الحرب الأهلية، فإن الأمر لا يتعلق بحمل الناس السلاح ضد بعضهم البعض في الشوارع، وإنما يتعلق الأمر بتحديد طبيعة الدولة وفهم مسألة أننا لا نستطيع أن نكون دولة يهودية وفي نفس الوقت دولة علمانية ودولة ديمقراطية، وكذلك دولة محتلة ونظام فصل عنصري، كل ذلك أثناء كوننا دولة ليبرالية. لقد حاولنا أن نكون كل هذه الأشياء لفترة طويلة جدًا، وقد حان الوقت لاتخاذ بعض القرارات الحقيقية والوقوف من أجلها. هذا يعني أن اليسار لم يعد بإمكانه الاستمرار في محاولة إرضاء اليمين. نحن بحاجة إلى اتخاذ قرار بأن هذا الأمر غير مناسب، وأنه ليس نظامًا شرعيًا.
هل لديكِ أمل في أن هذا سوف يوقظ جماهير اليهود الإسرائيليين بحيث تنظر إلى الواقع كما هو موجود على الأرض وكذلك التناقض أو التنافر بين تجربتهم الديمقراطية والإجماع المتزايد على أن إسرائيل هي دولة فصل عنصري؟
لقد كتبتِ أن اليمين الديني لديه رؤية واضحة للغاية، في حين أن اليسار، أو المعارضة، لا يستطيعون التعبير عن رؤية محددة—وأن رؤيتهم الأكثر تماسكًا هي إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى اليوم السابق لـ "الإصلاحات القضائية". من الصعب جدًا في أي حركة سياسية حمل الناس على المخاطرة إذا لم تُعرض عليهم رؤية إيجابية. كيف يؤثر ذلك على الناس؟ ماذا يعني ذلك للنضال من أجل الديمقراطية؟
هناك فكرة بين أصدقائنا في اليسار [المناهض للفصل العنصري] أن هناك فرصة كبيرة وأن الناس سيبدأون، أو بدأوا في تكوين روابط. كثير من الناس يرون الكتلة المناهضة للاحتلال في كل مظاهرة… أنا لا أشاركهم هذا التفاؤل.
من المضحك أن شكما بريسلر، إحدى أبرز وجوه الحركة الاحتجاجية، استخدمت مصطلح "التفوق اليهودي" في إحدى خطاباتها. لكن من الواضح جدًا أنها لا تعني المصطلح كما أفهمه أنت وأنا. لذلك قد يتبنون بعض مصطلحاتنا، لكنهم لا يتحدثون عن الفصل العنصري. قد يتحدثون عن تفوق اليهود وقمعهم وتحريرهم وديمقراطيتهم، لكنهم لا يقصدون هذه المصطلحات بالطريقة التي نفهمها بها. إنهم يقصدونها بالطريقة التي كان يتم فهمها بها دائمًا في إسرائيل، وهذا فقط لصالح السكان اليهود.
وبالمثل، فالحركات التي تهدد برفض الخدمة في الجيش تشجع بعض أصدقائنا حقًا (وعلى الأخص، أن مئات الطيارين الاحتياطيين أعلنوا أنهم سيتوقفون عن الحضور لأداء الواجب لأن إسرائيل في أذهانهم لم تعد ديمقراطية). لكن كل هؤلاء الأشخاص الذين يهددون بالتوقف عن الخدمة الاحتياطية إذا تغير أي شيء في القضاء الإسرائيلي—عندما يُطلب منهم ذلك، سيذهبون راغبين وسيقصفون الفلسطينيين في مخيم للاجئين، وهذا الأمر لن يتغير على المدى المنظور.
إنه في جوهره احتجاج قومي متطرف وعسكري للغاية. إنّ حركة الاحتجاج هي التعبير النهائي عن مدى عمق عسكرة المجتمع الإسرائيلي—أي أنه من المفهوم، أو المسلم به، أن كلمة الطيارين تساوي أكثر من كلمة المواطنين العاديين. من المفهوم أنك عندما تتحدث كجندي أو كجندي سابق أو كطيار، فإن كلمتك تكون أكثر قيمة. من المفترض أن تكون هذه حركة احتجاجية ديمقراطية لكنها ذات طابع عسكري شديد، ولا أعتقد أن لديها القدرة على دمج الرسائل المناهضة للاحتلال أو حتى ربطها فعلًا.
"فيما يتعلق بالأرثوذكس المتطرفين، لدي الكثير من التعاطف معهم، وخاصة بصفتي مقدسية. لكن لم يعد بإمكاني تجاهل رؤيتهم لإسرائيل والقدس. هذا كابوس بالنسبة لي. إنه الكابوس الذي هربنا منه عندما غادرنا إيران".
-أورلي نوي
لقراءة المقابلة كاملة باللغة الإنجليزية، انقر هنا.