أميد معماريان مدير التواصل لدى منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن «DAWN».
بعد قرابة ثلاثة عقود من قيادة منظمة هيومن رايتس ووتش، تنحى كينيث روث عن منصب المدير التنفيذي العام الماضي. عندما أعلن قراره في أبريل/نيسان الماضي، قال أنه يعتزم تأليف كتاب، وسرعان ما عُرض عليه منصب زميل رفيع في مركز كار لسياسة حقوق الإنسان في كلية هارفارد كينيدي. ولكن كما ذكرت صحيفة "ذا نيشن" لأول مرة هذا الشهر، تم إلغاء زمالة روث فجأة من قبل عميد كلية هارفارد كينيدي دوغلاس إلمندورف الذي تدخل على ما يبدو تحت ضغط من المانحين للكلية. وبحسب ما ورد استشهد العميد بانتقادات روث ومنظمة هيومن رايتس ووتش لإسرائيل، أو ما أسماه "تحيزهم ضد إسرائيل"، في شرح قرار هيئة التدريس.
تساءل روث في مقال رأي في صحيفة الغارديان يشرح بالتفصيل هذه المحنة: "كيف يمكن لمؤسسة تدّعي معالجة السياسة الخارجية—وتستضيف حتى مركزًا لسياسة حقوق الإنسان—أن تتجنب انتقاد إسرائيل؟"
وجّهت الحكومة الإسرائيلية والمنتقدون اليمينيون للمنظمة ولروث اتهامات بأن هيومن رايتس ووتش متحيزة ضد إسرائيل منذ سنوات. وتكثفت هذه الاتهامات بعد أن نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرها في عام 2021 وخلصت فيه إلى أن انتهاكات إسرائيل للفلسطينيين، في ظل سياسة التفوق اليهودي في كل من إسرائيل والأراضي المحتلة، تتوافق مع تعريف الفصل العنصري بموجب القانون الدولي.
أصبح روث منذ ذلك الحين زميلًا زائرًا في جامعة بنسلفانيا. قال روث لمجلة "الديمقراطية في المنفى" في مقابلة هذا الأسبوع: "إنني قلق بشأن الأكاديميين الشباب الذين سيتلقون رسالة مفادها أنهم إذا انتقدوا إسرائيل، فإنهم يعرضون حياتهم المهنية للخطر. هذا درس مخيف تقوم هارفارد بتدريسه".
تحدث روث مطولًا إلى مجلة "الديمقراطية في المنفى" الخاصة بمنظمة (DAWN) عن الفترة التي قضاها في منظمة هيومن رايتس ووتش والتحديات الجديدة التي تواجه منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك وضع الأمم المتحدة. وتحدث عن مصير الديمقراطية الأمريكية، ولماذا يعتبر الصين "أكبر تهديد لحركة حقوق الإنسان العالمية اليوم".
ناقش روث أيضًا الاحتجاجات الجارية في إيران، وكيف كان ينبغي لإدارة أوباما أن تدعم بشكل أكثر علانية الاحتجاجات في إيران في عام 2009. وقال عن إيران: "يمكن للمجتمع الدولي تشجيع أو إحباط الروح في الشارع". وأضاف: "أعتقد أنه في عهد أوباما كانت الفكرة أنه لا ينبغي أن نتحدث لصالح المحتجين لأن الحكومة الإيرانية سوف تستغل ذلك وتشير إلى أنهم مجرد بيادق غربية، حيث أعتقد أن ذلك كان خطأ في الماضي، وينبغي على بايدن والحكومات الغربية ألّا تكرره الآن".
تم تحرير النص التالي بشكل طفيف من أجل الإيضاح وملائمة طول المادة.
ماذا يكشف قرار كلية هارفارد كينيدي بإلغاء زمالتك عن الرقابة التي يقودها المانحون؟ هارفارد هي مؤسسة واحدة، ولكن كيف يمتد هذا النوع من الرقابة إلى ما وراء كلية هارفارد؟
إنّ الرقابة التي يقودها المانحون هي دائمًا مشكلة. يعتمد نجاحها على قيادة المؤسسة. إذا أراد أحد من منظمة هيومن رايتس ووتش أن توجه لكماتها إلى بلد معين، فلن أقبل ببساطة أن يكون من المانحين. هذا هو ثمن التمسك بالمبدأ—في حالة منظمة هيومن رايتس ووتش، التطبيق المتساوي للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
كان على عميد كلية هارفارد كينيدي أن يفعل الشيء نفسه لدعم الحرية الأكاديمية. كان يجب عليه أن يوضح أنه لا يحق لأي مانح المساومة على الحرية الأكاديمية أو إعاقة حرية الفكر والتحدث الفكري. بالتأكيد، يمكن لمؤسسة غنية مثل هارفارد—أغنى جامعة في العالم—أن تتخذ هذا الموقف من حيث المبدأ.
بدلًا من ذلك، يشير المقال الأخير في مجلة كرونيكل للتعليم العالي إلى أن العميد دوغلاس إلمندورف قد التمس آراء بعض المانحين المؤيدين لإسرائيل في كلية كينيدي واستسلم لرغبتهم في عدم منحني زمالة في مجال حقوق الإنسان بسبب انتقاداتي لإسرائيل. هذا الاستعداد للتنازل عن الحرية الأكاديمية يشوه سمعة كلية هارفارد. آمل أن يصحح رئيس هارفارد ذلك.
القضية تتجاوز وضعي الشخصي. لن يؤدي حرماني من هذه الزمالة إلى إعاقة مستقبلي بشكل خطير. لكني أشعر بالقلق بشأن الأكاديميين الشباب الذين سيتلقون رسالة مفادها أنهم إذا انتقدوا إسرائيل، فإنهم يعرضون حياتهم المهنية للخطر. هذا درس مخيف تقوم هارفارد بتدريسه.
بالنظر بشكل أوسع إلى منظمة هيومن رايتس ووتش، لماذا تركز منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش على أعراض المشاكل أكثر من التركيز على المشاكل نفسها، من خلال التركيز على الاعتقالات وانتهاكات الحقوق، ولكن ليس على أسباب قيام الحكومات بهذه الانتهاكات في المقام الأول؟
لماذا تقوم الحكومات بقمع الاحتجاجات، أو محاولة خنق المجتمع المدني، أو فرض الرقابة على وسائل الإعلام؟ يكاد يكون السبب دائمًا البقاء في السلطة. تميل الدوافع إلى أن تكون شفافة جدًا. تحاول الحكومات التي تتشبث بالسلطة من خلال القمع أن تمنع مشاركة الناس في تحديد من يحكمهم. ولذا، لا أعتقد أننا بحاجة إلى تحليل نفسي عميق لمعرفة سبب قيام الحكومات بذلك. أعتقد أن الهدف هو تغيير تحليل التكلفة والعائد الذي تنخرط فيه الحكومات. وبعبارة أخرى، تجد الحكومات أنه من المجدي أن تقوم بالقمع لأنها ترى أنه استراتيجية جيدة للتشبث بالسلطة.
الهدف من حركة حقوق الإنسان هو رفع تكلفة هذا القمع، ومحاولة جعله مؤلمًا بدرجة كافية بحيث لا ترى الحكومات أنه من المجدي اتخاذ إجراءات صارمة، وبالتالي يكون لشعب البلاد رأي أكبر في كيف يتم حكمهم.
هل نجحت هذه الاستراتيجية في منع الحكومات من ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان بكل الآليات التي تم تطويرها دوليًا؟
الأداة التي تستخدمها حركة حقوق الإنسان تقوم على التشهير. فهي تقوم بتسليط الضوء على التناقض بين ادعاءات الحكومات باحترام حقوق الإنسان والواقع القبيح في كثير من الأحيان. وهذا التناقض محرج، إنه مخجل وينزع الشرعية، ولذلك تبذل الحكومات جهودًا كبيرة لتجنبه. كما نضيف إلى ذلك التشهير أشكال مختلفة من الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية. سنحاول قطع المساعدات العسكرية أو تقييد الإعانات الخاصة للحكومة، أو سنحاول إقناع الهيئات الحكومية الدولية أو مجموعات الحكومات بإدانة القمع. كل ذلك له تأثير في رفع تكلفة التجاوزات. بالإضافة إلى الضغط لمحاكمة الأشخاص في الحالات القصوى. هذه هي الأدوات.
نعم، يطرح الناس بدائل أخرى والمقولة الشائعة هذه الأيام هي أن "التسمية والتشهير لم تعد مجدية"، وهذا ليس صحيحًا. انظر إلى كيفية استجابة الحكومة الصينية بصوت عالٍ للجهود المبذولة لتسليط الضوء على بكين وفضح سلوكها في شينجيانغ. الحكومات تهتم حقًا بالسمعة. عادة ما يتخيل الأشخاص الذين يقولون أن التسمية والتشهير لم تعد مجدية أن الوضع كان ورديًّا في الماضي حيث تقفز الحكومات عندما تتمكن مجموعات حقوق الإنسان من نشر مقال حول سوء سلوكها. لكن الأمر لم يكن هكذا أبدًا. بعبارة أخرى، لقد كان دائمًا صراعًا طويل الأمد.
الآن، عندما تسأل الناس، "ما هو البديل؟"، هناك بالفعل بديلان للمضي قدمًا. الأول هو المساعدة الفنية، وهو ما تحبه الحكومات المسيئة. الفكرة هي أن الحكومة تريد احترام حقوق الإنسان، لكنها لا تعرف حقًا كيفية القيام بذلك، لذلك ستوفر التدريب والدعم الفني. من الناحية النظرية، توجد هذه الحالات، لكن هذا لا يتم فعليًا عادةً. الأمر لا يتعلق بمدى معرفة الحكومات بكيفية احترام حقوق الإنسان. إنهم لا يريدون احترام حقوق الإنسان لأنهم يتشبثون بالسلطة.
ولذا، أعتقد أن المساعدة الفنية تميل إلى أن تكون مراوغة للواقع. هذا ما تود الحكومات المسيئة أن تستخدمه كبديل للتشهير والضغط. الآن، الإستراتيجية الأخرى التي طرحها الناس هي التجارة. مجرد التجارة مع الحكومة وبناء الاقتصاد وبناء الطبقة الوسطى، وفي نهاية المطاف ستصرّ الطبقة الوسطى على حقوقها. وأعتقد أن هذه الاستراتيجية قد فقدت مصداقيتها تمامًا، وفي مقدمة الأمثلة الصين—حيث، نعم نما الاقتصاد، ونعم هناك طبقة وسطى أكبر، لكن قدرة الحكومة على إجراء المراقبة والرقابة والقمع أصبحت أكبر بكثير اليوم بسبب الاقتصاد الموسع.
نحن بعيدون عن حكومات تحترم الحقوق، ولسنا أقرب. لا أعتقد أن أي شخص يعتقد بعد الآن أن التجارة هي طريق لمزيد من الاحترام لحقوق الإنسان، في ظل غياب هذا النوع من الضغط الذي أتحدث عنه. لذلك، عندما يقول الناس أن التسمية والتشهير لم تعد مجدية، أعتقد أنهم لا ينظرون إلى الواقع، ولكن ثانيًا، ما هو البديل؟ هل يجب أن نذهب إلى المنزل ونستسلم؟ أم هل يجب أن نستخدم هذه الاستراتيجيات الأخرى التي من الواضح أنها لن تنجح؟
ما هو التحدي الرئيسي لمنظمات حقوق الإنسان في التعامل مع الحكومات المسيئة، خاصة تلك المعزولة عن بقية العالم والتي بالكاد تستجيب للجهود التي تنظمها المنظمات الحقوقية وآليات الأمم المتحدة؟
حسنًا، هناك عدد قليل نسبيًا من الدول التي لا يجدي معها التشهير. أعتقد أنك ستقول على الأرجح أن حكومة الأسد في سوريا لا تكترث للتشهير. فقد انتهكت كل المحرمات. ربما كيم جونغ أون في كوريا الشمالية، وربما بوتين اليوم في أوكرانيا، على الرغم من أن بوتين لم يكن كذلك قبل غزو أوكرانيا. هناك عدد قليل من الحكومات التي لن ينجح معها التشهير وحده وتحتاج إلى استخدام أشكال أخرى من الضغط. في حالة بوتين، هناك ضغط اقتصادي، إنها العقوبات والتهديد بالمقاضاة. هذه الأدوات موجودة نظريًا في أماكن أخرى أيضًا.
هناك عقبات. من الواضح أنك إذا كنت ستهدد بالملاحقة القضائية، فيجب أن تحصل على الولاية القضائية، لذلك ستكون الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية. إما أن تكون الحكومة المعنية قد صادقت على معاهدة المحكمة [نظام روما الأساسي]، أو أن يكون مجلس الأمن مستعدًا لإحالة الوضع، وقد يكون ذلك صعبًا. ولهذا السبب نتطلع الآن بشكل متزايد إلى استخدام الولاية القضائية العالمية من قبل الحكومات التي لديها قوانين تسمح بمحاكمة جرائم الحرب أو الفظائع الأخرى، حتى خارج حدودها. إذن فهذه أداة أخرى ممكنة. لكني أعتقد أنه حتى لو كانت الحكومة لا تكترث بالتشهير، فإنها لا يمكن أن تكون بمنأى عن الضغط. إنّ الأمر يتعلق أكثر بمعرفة ما يكترثون له وكيف يمكننا استخدام ذلك كوسيلة ضغط لإجبارهم على التصرف بشكل أفضل.
لقد ذكرتَ سوريا وكوريا الشمالية وروسيا. هل تعتقد أن الحكومة الإيرانية في هذا النادي أيضًا؟
لا، لا أعتقد، لأن رجال الدين بحاجة إلى الحفاظ على واجهة للاستجابة لاحتياجات الشعب الإيراني. إذا كانوا سيقولون ببساطة، "نحن نتجاهل حقوق الإنسان، ولا نهتم بها"، فسيكون ذلك بمثابة مسمار آخر في نعشهم. لذلك عليهم أن يتظاهروا بأنهم قلقون، وأعتقد أننا نرى ذلك اليوم في الرد على الاحتجاجات حيث هم فعلًا يحاولون قمع الاحتجاجات بوحشية، لكنهم لا يتصرفون بنفس الوحشية التي كانوا يقومون بها في الماضي خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الاحتجاجات. أعتقد أن الحكومة الإيرانية في موقف صعب الآن لأنها فقدت تقريبًا أي شرعية متبقية. يشعر جزء كبير من الجمهور أنهم لا يريدون هذا الحكم الديني الرجعي. أعتقد أن الحكومة تدرك أنها بحاجة إلى إيجاد حل وسط. عليها أن تقدم بعض التنازلات، لكنها تخشى أن تبدو ضعيفة. أعتقد أنها في الواقع شديدة الانتباه إلى الطريقة التي ينظر بها الشعب الإيراني إليها. ليس من الواضح كيف ستؤول إليه الأمور، لكن الحكومة قلقة للغاية بشأن صورتها العامة.
يمكنك قراءة المقابلة الكاملة مع كينيث روث باللغة الإنجليزية هنا.