فريدريك ديكناتل المحرر التنفيذي لمجلة الديمقراطية في المنفى الخاصة بمنظمة (DAWN)
English
بدأ الأمر في أبريل/نيسان الماضي، عندما التقى مسؤولون سعوديون وإيرانيون لإجراء محادثات مباشرة في بغداد، لم يتم الكشف عن تلك المحادثات إلا بعد أن تمت. ومنذ ذلك الحين، استمر هذا الحوار الناشئ، حيث أكدت إيران علنًا في مايو/أيار أنها تجري محادثات مع منافستها، المملكة العربية السعودية.
أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أن "تخفيف حدة التوتر بين البلدين المسلمين في منطقة الخليج الفارسي يصب في مصلحة البلدين والمنطقة".
حتى محمد بن سلمان—أحد الدوافع الرئيسية لهذا التنافس في السنوات الأخيرة، منذ أن أصبح وليًا للعهد في المملكة العربية السعودية—قد خفف من نبرته، مدعيًا في مقابلة على التلفزيون السعودي الرسمي في أواخر أبريل/نيسان أن الرياض تأمل في "بناء علاقة طيبة وإيجابية مع إيران من شأنها أن تفيد جميع الأطراف"، مع استمراره في انتقاد "سلوك إيران السلبي".
الاجتماع الأخير في هذا الانفراج المحتمل استضافته الحكومة العراقية مرة أخرى في بغداد، في أواخر أغسطس/آب، وضم وزيري الخارجية السعودي والإيراني. ومن المقرر الآن أن يتبع ذلك جولة أخرى من المحادثات، وفقًا لطهران، بمجرد تشكيل الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي لحكومته.
على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما رسميًا في عام 2016، إلا أن السعودية وإيران كانتا عدوين لعقود، منذ الثورة الإسلامية الإيرانية في عام 1979. وأثارت الحرب الباردة بينهما صراعات وحروبًا بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من اليمن إلى سوريا ولبنان. لذا فإن إجراء أي حوار يعتبر أمرًا جيدًا.
وكما ذكر جوست هيلترمان من مجموعة الأزمات الدولية في مقالة لمجلة "الديمقراطية في المنفى" في مايو/أيار الماضي، "يأتي الخطر الأكبر المتمثل في المواجهة المباشرة من عدم وجود اتصالات كافية بين جانبي الخليج".
لكن بينما تخفف حكوماتهم خطابها وتتحول إلى لغة الدبلوماسية الحذرة، أين ستترك هذه المحادثات المواطنين السعوديين والإيرانيين أنفسهم؟
في شهر يونيو/حزيران الماضي، على خلفية انخفاض محتمل في التوترات الإقليمية، استضافت منظمة (DAWN) نقاشًا على تطبيق كلوب هاوس الصوتي، حيث جمع النقاش قادة المجتمع المدني السعودي والإيراني والمنفيين السياسيين وغيرهم من المعارضين. شارك المتحدثون قصصهم عن النشاط السياسي والاضطهاد في الداخل، وناقشوا ما قد تعنيه المحادثات الدبلوماسية بين حكوماتهم بالنسبة لهم، وللمنطقة بشكل عام.
أدار النقاش أوميد معماريان، مدير قسم التواصل في منظمة (DAWN)، حيث كان النقاش على منصة كلوب هاوس فرصة نادرة للسعوديين والإيرانيين للتحدث مباشرة مع بعضهم البعض، ومناقشة التحديات المماثلة التي يواجهونها—التي أهمها اضطهاد الحكومات التعسفية للنشطاء السياسيين بقسوة ومحاولة القضاء على أي نوع من المجتمع المدني.
فيما يلي مقتطفات من أهم النقاط التي تم التطرق لها في النقاش على تطبيق كلوب هاوس، الذي حضره موظفين من منظمة (DAWN) وغيرهم من المدافعين عن حقوق الإنسان والباحثين.
*
عبد الله العودة، مدير أبحاث الخليج في منظمة (DAWN)، الذي يقبع والده سلمان العودة في السجن في السعودية منذ عام 2017:
"لسنا هنا لإزالة الاختلاف الطبيعي بين تفسيرات الدين أو تفسيرات السياسة أو تفسيرات أي شيء آخر. إن تسييس هذه الاختلافات هو الذي يضر الطرفين. من المنطقي أن تكون هناك علاقة بين الشعبين، مقابل بين الدولتين اللتين نعلم أنهما ستعتمدان على الحكومات التي لا تهتم إلا بمصالحها الذاتية".
*
لينا الهذلول، ناشطة سعودية في مجال حقوق المرأة تعيش في بلجيكا، وهي شقيقة لجين الهذلول، التي تم سجنها وتعذيبها بسبب دعوتها إلى حق المرأة في قيادة السيارة في المملكة:
"الصمت لا يجدي نفعًا. الشعب الإيراني يعاني بنفس القدر الذي نعاني منه نحن في السعودية، وأعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله لوقف الظلم والقمع وإخافة من يقوم باضطهادنا هو التحدث إلى بعضنا البعض. كلا النظامين سعداء بالصمت وعدم قدرة الناس على تجاوز الخط الأحمر الذي فرضوه، حتى لا نتحدث عن بعضنا البعض. تشترك الحكومتان الإيرانية والسعودية في نفس الأمر: إنهما تعاملان شعبهما كعدو. علينا أن نتجمع ونتضامن".
"هناك خطاب واحد فقط يُسمح للسعوديين باتباعه. بالطبع، سوف تسمع الأشخاص الذين يعارضون الشعب الإيراني. عندما لا يستطيع الأشخاص الذين لهم آراء مغايرة التعبير عن آرائهم، فإن ذلك يؤدي إلى تطبيع الكراهية، ولهذا السبب أعتقد أنه يمكننا تغيير هذا الآن بوجود مغتربين سعوديين خارج البلاد. أتفق أن هناك اختلافات وحرب بين السعودية وإيران، لكنني أريد أن أقول أنه كلما تحدثنا عن الاختلافات وركزنا عليها، فإننا نزيد من حجمها. لا توجد أماكن حيث يمكننا التحدث عن مدى قربنا وتشابهنا. في كل مرة يجتمع فيها أشخاص للتحدث عن إيران والسعودية، فإنهم يتحدثون عن مدى كرههم لبعضهم البعض، وليس عن كيفية تغيير الأمور معًا".
"يتفق الكثير من الناس في السعودية الآن، ونرى ذلك في حزب التجمع الوطني، أن كل ما نريده هو أن نكون قادرين على اختيار ما نريد داخل البلاد. إننا نريد أن نشق الطريق نحو دستور أو نوع من الديمقراطية. لا نريد أن نفرض ما سنختاره بمجرد أن يُسمح لنا بالاختيار، لكننا نريد فقط أن نتمتع بهذه الحرية في الاختيار".
*
سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN):
"نريد أن نأتي بأصوات المجتمع المدني هذه إلى أبواب صانعي السياسة الأمريكيين. لدينا الكثير من الوقت للقيام بذلك، وعلينا أن نتعلّم الكثير من بعضنا البعض—وهذا ينطبق على العديد من المجتمعات المنقسمة حول العالم. لكن هذا الانقسام بالذات له تداعيات هائلة. فالعداء بين هذين البلدين كان مبررًا لكثير من العنف في جميع أنحاء المنطقة".
"إنني متأكدة أن نقاشنا هنا، بغض النظر عن عدد الأشخاص لدينا، هو أكثر من أي نقاش حكومي تم إجراؤه داخل السعودية حول إيران، أو داخل إيران حول السعودية. لذا، إذا كان لديك الوعي الذاتي بأن تكون ممثلًا لمجتمعك، فعليك أن تعلم أن حوارنا أكثر تنوعًا وأكبر عددًا من محادثة بين اثنين أو ثلاثة من صناع القرار في إيران أو السعودية حول مسائل تتعلق بالسياسة في بلدانهم. إن هذا النقاش هنا هو عكس الخطاب والدعاية التي تُغرق هذه الحكومات شعوبها به وتُغرق به صانعي السياسة الأمريكيين كذلك".
*
تارا سبهري فار، باحثة في الشؤون الإيرانية في منظمة هيومن رايتس ووتش:
"يجب أن نرحب بوقف تصعيد التوترات، لكن التهديد هو أنه إذا كان هناك تهدئة للتوتر دون مشاركة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، فقد لا يفيد ذلك المجتمعان بالضرورة. يجب أن يبدأ حوار المجتمع المدني فعليًا بالاستماع للقصص من المجتمعين الذين انقسما لأسباب جيوسياسية، قبل رسم أوجه التشابه والاختلاف وتوحيد القوى لمواجهة القمع المتزايد في كل من إيران والسعودية. من المهم للغاية بالنسبة لنا أن نتوقف لبرهة أولًا ونستمع للقصص وتجارب الصمود من هذين المجتمعين اللذين يحاربان القمع بأساليب ربما متشابهة وربما مختلفة. وعند القيام بذلك، أعتقد أنه يمكننا بالفعل البدء في بناء منظور للتحديات وكيف يمكننا مساعدة بعضنا البعض في هذا النضال. لأنه ومنذ فترة طويلة لم نسمع ذلك في وسائل الإعلام الرئيسية في هذين البلدين".
*
سوزان تهماسيبي، مديرة منظمة (Femena) التي تدعم المنظمات النسائية والحركات النسائية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
"الحكومات التي تُصلح علاقاتها بدون أصوات وآراء الشعوب يمكن أن تصبح حكومات قمعية أكثر. أتفق مع ما قالته تارا والآخرون فيما يتعلق بالاعتراف بالاختلافات فيما بيننا. ومن الناحية الإيجابية، هناك اهتمام متزايد بين الإيرانيين، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، بالحركة النسوية. هناك هذا الاهتمام الهائل والتعطش للتواصل مع نظرائهن في المنطقة. تابعت الناشطات الإيرانيات في المنطقة قضية لجين الهذلول عن كثب، وتعاطفن مع قضيتها، وكن سعيدات للغاية بإطلاق سراحها. أنا أعتبر ذلك إشارة إيجابية".
*
ماني موستوفي، مدير مجموعة ميان، وهي منظمة حقوقية تركز على الأمن الرقمي في الشرق الأوسط.
"لا يمكن إنكار أن التوترات الإقليمية تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان في البلدين. وعادة ما يكون هذا على أسس طائفية. يجب أن نهتم بهذا لأنه كما رأينا في أماكن أخرى في المنطقة، فإن هذه الانقسامات الطائفية هي التي تؤدي بشكل أكبر إلى انتهاكات حقوق الإنسان بصورة عنف جماعي، خاصة وأن الحكومات والسياسات الإقليمية تصبح أكثر استقطابًا. ويرتبط هذا بطريقة التعامل مع السنّة في إيران والشيعة في السعودية، والتي تبدو متوازية إلى حد ما".
"نريد أن تطبق الدول منظورًا عالميًا لحقوق الإنسان للتعامل مع النزاعات الاجتماعية بين مجموعات الهوية والمجتمعات المختلفة بدلًا من العدسات المسيّسة التي يمكن أن ينتج عنها عنف كبير للغاية.
وهذا يؤكد الغرض من هذا النقاش، حيث كلما أبعدنا هذه النقاشات بصورة أكبر، بما في ذلك النقاشات حول حقوق الأقليات، عن السياسات الإقليمية والطائفية والعمل نحو القيم العالمية والأشكال العالمية للحماية القانونية لحقوق الإنسان، أعتقد أنه بمقدورنا أن نقدم خدمة أكبر للناس. يتحقق هذا الأمر من خلال نقاشات على مستوى المنطقة تضم مدافعين سعوديين وإيرانيين عن حقوق الإنسان. هذا هو التحدي الذي نواجهه: كيف نصل إلى مكان يمكننا فيه أن ننزع الطابع السياسي عن هذه القضايا؟"
*
دريوري دايك، زميل أبحاث أول في مركز السياسات الخارجية في لندن، وكان سابقًا باحث في الشؤون الخليجية في منظمة العفو الدولية.
"الأشخاص الموجودون هنا ليسوا كُثُر، ولا يمكننا قيادة جيوش، لكن أعتقد أننا على وشك أن نكون قادرين على قيادة الخطاب. وهذا الخطاب يعني عبور الحدود وفتح العيون وبناء فهم وشرعية ما نقوم به وإظهار، إن أمكنني القول، عدم الشرعية وعدم تمثيل تلك السلطات في تلك المناطق".
*
سحر، عاملة إغاثة في الأمم المتحدة. يتم التعريف باسمها الأول فقط لحماية هويتها.
"ما أعرفه خلال كل هذه السنوات الـ 14 [في العمل كعاملة إغاثة للأمم المتحدة]، هو أنه ما لم يبدأ الناس في التحدث لبعضهم البعض، فإن هذا الاغتراب سيستمر في تأجيج السياسة، وستستمر السياسة في تأجيج ذلك الاغتراب. سيحدث التغيير الرئيسي في المنطقة فقط إذا حدث هذا التنوير في المجتمعات والتبادل فيما بينها. إذا لم يحدث ذلك، فلن يكون لدينا تغيير وستستمر هذه الصراعات الدينية".
*
مهند. يتم التعريف باسمه الأول فقط لحماية هويته.
"هناك الكثير من القضايا التي يمكننا العمل عليها، وليس فقط حقوق الإنسان. هناك قضايا بيئية تؤثر بشكل أساسي على المنطقة بأكملها. الإدارة الإيرانية السيئة لموارد المياه لها تأثير كبير على العراق. وإدارة العراق السيئة لموارد المياه لها تأثير كبير على إيران. المنطقة مترابطة بشكل كبير من حيث القضايا التي تؤثر على كل مواطن، سواء كانوا في هذا الجانب من الخليج أو في الجانب الآخر—لا يهم موقعهم".
*
ياسر. يتم التعريف باسمه الأول فقط لحماية هويته.
"من المهم تحديد أهداف هذا الحوار، بالنظر إلى هذه الاختلافات بين المجتمعين. التحدي الآخر هو: ما هي القضايا؟ لدي الكثير من الأصدقاء الإيرانيين ونناقش ونتحدث، ومن الواضح جدًا أن قضايانا على الجانبين مختلفة تمامًا. حتى داخل الشتات الإيراني، لدينا أشخاص يعارضون النظام تمامًا—وبعضهم يريد تقسيم إيران إلى دول صغيرة. وبالنسبة للسعوديين، يظهر عندهم نفس الأمر. ما هو هدف الشتات السعودي فيما يتعلق بوجود رأي واحد في الإصلاح؟ ما هي أهدافنا؟ ما هي الأرضية المشتركة فيما بيننا؟"
*
جاوا. يتم التعريف باسمها الأول فقط لحماية هويتها.
"هناك فائدة في الخوض في مواضيع محددة جدًا وإيجاد أصحاب المصلحة والمحاورين لمناقشة هذه الأمور. في أوقات التوترات السياسية، يتعين علينا جميعًا إعداد قائمة طويلة من الأفكار والمبادرات الملموسة، حتى إذا أدرك القادة السياسيون يومًا ما أنه يجب عليهم تجربة المصالحة، يمكن تقديم تلك المبادرات لهم لجعل الأمر سهلًا ومريحًا قدر الإمكان—لترجمة الإرادة السياسية الحذرة إلى عمل ملموس ذو صبغة اجتماعية. وفي النهاية، مجتمعات كلا البلدين—وهذه هي قيمة مناقشة اليوم—يجب أن ترحب بأي محاولة من قبل القادة السياسيين للسعي إلى التقارب".
*
محمد منزربور، صحفي بريطاني إيراني ورئيس التحرير التنفيذي السابق لشبكة أخبار صوت أمريكا الفارسية:
"أعتقد أن السبيل للالتفاف حول الصدام الوشيك هو إشراك الناس ونزع الفتيل عن الخطاب الذي يتم ضخه من كلا الجانبين. ولكن، يجب أن أقول أنه لا يوجد الكثير من الخطاب المعادي للسعودية الذي يتم ضخه من إيران بقدر الخطاب المعادي لإيران الذي يتم ضخه من السعودية. ليس علينا بالضرورة أن نكون متوازنين في نقدنا، وأن يكون لدينا نفس النوعية والكمية من الانتقادات ضد كل نظام. كل نظام له أسلوب عمله الخاص. إنهم ليسوا متشابهين، إنهم مختلفون في كيفية قمعهم للرأي العام ومنتقديهم".
*
نادر هاشمي، أستاذ مشارك ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة دنفر، وزميل في منظمة (DAWN):
"إنه لأمر رائع أن تنخرط إيران والسعودية محادثات اليوم—أي خفض في التوتر مفيد للمنطقة. ولكن دعونا لا نفرط في تخيلاتنا عن أسباب المحادثات التي تمت مؤخرًا. أولًا وقبل كل شيء، تتم هذه المحادثات لأن هناك رئيسًا جديدًا في البيت الأبيض، ومحمد بن سلمان يريد الحفاظ على علاقات جيدة مع الولايات المتحدة، لذلك وافق على التحدث إلى الحكومة الإيرانية. إذا أُعيد انتخاب ترامب في غضون أربع سنوات، سيختفي الحوار السعودي الإيراني بالسرعة التي بدأ فيها. ودعونا لا ننسى أن هذان نظامان يتحدثان عن مصالحهما الإقليمية ويسعيان في المقام الأول لتحقيق مصالح النخب الحاكمة. إنهم غير مكترثين بما يهمنا".