عمرو العظم عالم آثار سوري وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط والأنثروبولوجيا في جامعة شاوني ستيت في أوهايو ومركز دراسات الخليج في جامعة قطر.
تزعم حركة طالبان في أفغانستان، التي نسفت تماثيل بوذا الثمينة في باميان عندما كانت في السلطة آخر مرة في عام 2001، الآن أن حماية التراث الثقافي الهائل للبلاد "هي أولويتنا الوطنية".
وفي شمال غرب سوريا، المنطقة الوحيدة المتبقية من البلاد التي لا تزال خارج سيطرة نظام الرئيس بشار الأسد، أشرفت القوة المهيمنة على الأرض، هيئة تحرير الشام والتي هي فرع لتنظيم القاعدة، على النهب المنهجي والعدواني للمواقع الأثرية. لكن هيئة تحرير الشام تحاول الآن تقديم نفسها كسلطة حاكمة شرعية في إدلب حيث أشرفت على إعادة افتتاح متحف الآثار في المدينة، مع نداءات إلى المنظمات الدولية للمساعدة في حماية التراث الثقافي في منطقة هي موطن لأحد أهم المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في سوريا.
وإلى جانب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، تتمتع حركة طالبان وهيئة تحرير الشام بسجل حافل موثق جيدًا في تدمير ونهب التحف الثقافية القيمة والاتجار بها—وهو جزء من طريقة عملهم في استغلال التراث الثقافي لأغراض الربح والدعاية. لذا فإن هذا التغيير الواضح في موقف طالبان وهيئة تحرير الشام يثير أسئلة أخلاقية متشابكة لأي شخص مهتم بحماية والحفاظ على التراث الثقافي المهدد في سوريا وأفغانستان، فضلًا عن مناطق الصراع الأخرى حيث تفرض الجماعات المسلحة غير الحكومية سيطرتها. كيف ينبغي للخبراء والمنظمات الدولية مثل اليونسكو الرد على التصريحات العامة الصادرة عن هذه الجماعات المتطرفة بأنها الآن من المفترض أنها حامية للتراث؟ هل يجب عليهم أن يأخذوا هذه التصريحات على محمل الجد، وعلى الرغم من تاريخهم، يجب أن يعملوا مع أمثال حركة طالبان وهيئة تحرير الشام لحماية التراث الثقافي في أفغانستان وشمال غرب سوريا، من المتاحف إلى المواقع الأثرية، مع قبول أنهم في هذه العملية يقومون أيضًا بإضفاء الشرعية عليها؟
كيف ينبغي للخبراء والمنظمات الدولية مثل اليونسكو الرد على التصريحات العامة الصادرة عن هذه الجماعات المتطرفة بأنه من المفترض أنها حامية للتراث الآن؟
- عمرو العظم ولاكشمي فينوجوبال مينون
بعد صعود تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، استحوذ التنظيم على الاهتمام الدولي من خلال نهبه وتدميره الكبير للآثار والتراث الثقافي في جميع أنحاء العراق وسوريا. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ذكاء التنظيم في وسائل التواصل الاجتماعي وإصدار مقاطع فيديو دعائية تروج لهيجانهم الثقافي. لكن تنظيم الدولة الإسلامية لم يكن وحده في هذا الأمر. فقد كانت هناك مجموعة أخرى من المنظمات المتطرفة والمصنفة إرهابية في سوريا تقوم بنهب الآثار والاتجار بها، وغالبًا ما كانت تقلد أساليب تنظيم الدولة الإسلامية.
إحدى هذه الجماعات كانت هيئة تحرير الشام، التي تشكلت في عام 2017 كاندماج لجماعات المعارضة المسلحة الرئيسية في شمال غرب سوريا، وسرعان ما استولت عليها جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة بقيادة أبو محمد الجولاني. ومنذ ذلك الحين، أصبحت هيئة تحرير الشام القوة المهيمنة في مناطق سيطرة المعارضة في إدلب. وكان موقف جبهة النصرة تجاه نهب الآثار والاتجار بها يتسم باللامبالاة. وكانت أي مشاركة في مثل هذا النشاط تتم على المستوى الشخصي، ولم تفعل قيادتها الكثير للتدخل أو محاولة السيطرة على تجارة السوق السوداء المزدهرة، باستثناء حالة واحدة في عام 2015. (في ذلك العام، أصدر الشيخ عبد الرزاق المهدي من "مجلس الشورى" التابع لجبهة النصرة، بيانًا يؤيد فيه فتوى تحرم تجارة ونهب الآثار).
لكن في عام 2017، وبالتزامن مع ظهور هيئة تحرير الشام، حدث تحول ملحوظ في موقف جبهة النصرة تجاه التراث الثقافي—من اللامبالاة إلى الاهتمام الشديد باستغلاله كمورد. ويعكس هذا على الأرجح وصول وتجنيد مقاتلين جدد في صفوفه من شرق سوريا بعد انهيار تنظيم الدولة الإسلامية هناك. وقد جلب هؤلاء المجندون الجدد معهم مجموعة المهارات وطريقة العمل المألوفة في المناطق التي كانت تخضع سابقًا لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك نهب التراث الثقافي والاتجار به. ومنذ عام 2017، كانت هناك زيادة مطردة في عمليات النهب الممنهج للمواقع الأثرية في منطقة إدلب. واستخدمت هيئة تحرير الشام مجموعة متنوعة من الأساليب لاستغلال نهب وبيع الآثار في شمال غرب سوريا والاستفادة منها، بما في ذلك تجنيد علماء آثار محليين وإنشاء شبكات من اللصوص والتجار الذين "تم ترخيصهم" من قبل هيئة تحرير الشام لنهب وبيع الآثار تحت مراقبتها.
ثم، في عام 2018، أنشأت هيئة تحرير الشام ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ" لتكون ذراعها المدني في إدلب، وتتولى السيطرة على الإدارة المدنية في المنطقة وتسعى إلى إبراز الشعور بالحياة الطبيعية في الحياة اليومية، في محاولة لإضفاء الشرعية على سيطرتها. وفي وقت لاحق من ذلك العام، فيما كان من المفترض أن يكون إظهار حكومة الإنقاذ ككيان وظيفي، أشرفت الحكومة على إعادة افتتاح متحف إدلب، الذي تضرر بسبب الغارات الجوية وعمليات النهب طوال الحرب السورية ويضم واحدة من أرقى مجموعات الآثار في سوريا، بما في ذلك الألواح المسمارية من مملكة إيبلا القديمة والتي يعود تاريخها إلى 2400 قبل الميلاد. علماء الآثار وخبراء التراث الثقافي الذين تم جلبهم لإدارة المتحف المعاد افتتاحه، ولتزويد إدارة الآثار في إدلب بالموظفين، فعلوا ذلك على أساس فهم واضح أنه من المتوقع منهم توليد إيرادات لحكومة الإنقاذ—أي قادة هيئة تحرير الشام—واستخدام ما تبقى من آثار المتحف لصالحهم.
وهذا يعني محاولة إقناع المجتمع الدولي بأن هيئة تحرير الشام ملتزمة الآن بحماية التراث الثقافي والحفاظ عليه في إدلب وحث اليونسكو على دعمهم من خلال الدعم الفني والمالي. وهذا أمر مهم بشكل خاص لأن إدلب هي موطن لأحد أهم مواقع التراث العالمي لليونسكو في سوريا حيث يوجد فيها العشرات من المستوطنات البيزنطية القديمة المعروفة باسم المدن الميتة. ومن خلال تأمين دعم المنظمات الدولية مثل اليونسكو في جهود التراث الثقافي في إدلب، يمكن لهيئة تحرير الشام الحصول على اعتراف دولي وشرعية لحكومة الإنقاذ التابعة لها، بالإضافة إلى مصدر جديد للإيرادات.
ظلت هذه قصة محلية مثيرة للاهتمام ولكنها لم تحظى بتغطية إعلامية كبيرة في سوريا حتى صيف عام 2021، عندما استولت حركة طالبان على أفغانستان مع انسحاب القوات الأمريكية بعد مرور ما يقرب من 20 عامًا على الحرب. ونظرًا لتاريخ طالبان المظلم في التدمير المتعمد للمواقع الأثرية، فقد كانت هناك مخاوف كبيرة في أفغانستان وعلى المستوى الدولي من أن يشكل استيلاء حركة طالبان على السلطة تهديدًا كبيرًا للتراث الثقافي المادي وغير المادي في أفغانستان. ومع ذلك، تعهدت طالبان بدلًا من ذلك بحماية التراث الثقافي، كوسيلة لمحاولة تخفيف عزلتها الدولية وألم العقوبات. وقد دعت حركة طالبان مرارًا وتكرارًا الخبراء الدوليين والمدافعين عن التراث الثقافي، مثل اليونسكو والتحالف من أجل استعادة التراث الثقافي، للمساعدة في تمويل مشاريع التراث الثقافي في أفغانستان منذ استيلاء الحركة على السلطة.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أعادت حركة طالبان فتح المتحف الوطني في كابول—الذي حطمت الحركة مقتنياته، بما في ذلك التماثيل القديمة وغيرها من الأشياء، في عام 2001 عندما اعتبرتها غير إسلامية ووثنية. وفي العام الماضي، قدمت وزارة الإعلام والثقافة وبلدية كابول طلبًا لإدراج حدائق باغ بابور على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وفي مقابلة مع مجلة نيو لاينز، وصف نائب وزير الثقافة والفنون في حكومة طالبان، مولوي عتيق الله عزيزي، التراث الثقافي بأنه "أولويتنا الوطنية" ووصف الحفاظ عليه بأنه "مسؤوليتنا" و"واجبنا". حتى أن حركة طالبان حددت يوم 11 مارس/آذار—وهو نفس اليوم الذي فجّرت فيه تماثيل بوذا في باميان في عام 2001—بأنه "يوم حماية التراث الثقافي".
وتزامنت كل هذه الجهود مع طلبات حكومة طالبان للحصول على تمويل من المجتمع الدولي للمساعدة في حماية المواقع الأثرية المهددة حاليًا بالنهب والتدهور. وقال عزيزي لصحيفة "آرت" أن "وزارة الإعلام والثقافة في إمارة أفغانستان ستدعم وتتعاون مع المنظمات الدولية التي لديها خبرة في مجال حماية المواقع التاريخية في أفغانستان".
ان هذا التعبير عن التزامها بحماية التراث الثقافي ومناشدة المنظمات الدولية للحصول على التمويل والمساعدة لا ينبغي أن يعتبر تغييرا أعمق في المواقف.
- عمرو العظم ولاكشمي فينوجوبال مينون
ومن الواضح أن حركة طالبان تحاكي تكتيكات هيئة تحرير الشام الجديدة في سوريا، معبّرة عن التزامها بحماية التراث الثقافي ومناشدة المنظمات الدولية للحصول على التمويل والمساعدة. ومع ذلك، لا ينبغي أن يُساء فهم هذا التغيير في الأسلوب باعتباره تغييرًا أعمق في الموقف. إنه لا يعكس تحولًا حقيقيًا في الأيديولوجية الأساسية لحركة طالبان أو هيئة تحرير الشام. على الأرجح أنهم يبحثون عن مزايا سياسية (واقتصادية) ويعتقدون أنه من خلال التراث الثقافي، يمكنهم تأمين الاعتراف الدولي والشرعية للحكومة التي استولوا عليها، في حالة حركة طالبان، أو الحكومة الناشئة قيد التأسيس، في حالة هيئة تحرير الشام. وفي كل من أفغانستان وشمال غرب سوريا، تحاول حركة طالبان وهيئة تحرير الشام إثبات أنهما قادرتان على إدارة المؤسسات التي تعمل وتقدم الخدمات وتوفر الحكم الكفؤ. للإشراف على المتاحف ومواقع التراث الثقافي التي يرغب المجتمع الدولي بشدة في حمايتها مزايا تتجاوز مجرد المكاسب المالية.
وبالنسبة إلى دعاة الحفاظ على التراث الثقافي، تظل المعضلة الأخلاقية قائمة حول ما إذا كان يجب العمل مع هذه الجماعات المسلحة أم لا. إذا استمر المجتمع الدولي في عزل ورفض أي شكل من أشكال التعاون أو التعامل مع حركة طالبان وهيئة تحرير الشام، فهل ستُضيع اليونسكو وغيرها من المنظمات فرصة نادرة لحماية التراث الثقافي المهدد في أفغانستان وسوريا، وحتى الانخراط في بعض الدبلوماسية الثقافية النادرة معهم؟ وماذا لو لم يكن هناك دعم دولي قادم؟ هل يمكن، في هذه الحالة، أن تظل حركة طالبان وهيئة تحرير الشام مسؤولين وحدهما عن أي خسارة مستقبلية للتراث من خلال النهب أو الإهمال؟