أحمد الغباري صحفي يمني مستقل قدّم تقارير عن حرب اليمن لوسائل الإعلام الدولية منذ اندلاع الحرب في عام 2015. وقد ظهرت أعماله في الغارديان والجزيرة الإنجليزية ووسائل إعلامية أخرى. قام الغباري، بصفته مخرج مشارك للتصوير الفوتوغرافي، بتصوير الفيلم الوثائقي "سماء الإرهاب في اليمن" في عام 2018، والذي تم ترشيحه لجوائز إيمي وشيفيلد، وفاز بجائزة الصحافة الإلكترونية. أطلق الغباري أيضًا حملة تبرع عامة عبر حسابه على تويتر لتقديم الدعم للأطفال ضحايا الحرب.
English
رحّبت جميع الأطراف في حرب البلاد الطاحنة بالهدنة الهشة التي استمرت شهرين في اليمن والتي تم تمديدها لشهرين آخرين. وعلى الرغم من أن الهدنة، التي توسطت فيها الأمم المتحدة، صمدت إلى حد كبير رغم بعض الانتهاكات، إلا أنها لا تزال تواجه عقبات كبيرة في المضي قدمًا، حيث لا تزال المحادثات بشأن تنفيذ بنودها الرئيسية متوقفة بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين. إذا لم تصمد الهدنة التي تم تمديدها، فإن الأطراف المتحاربة—وبالأخص المملكة العربية السعودية، بصفتها المهندس الرئيسي لهذه الحرب—ستفوّت أفضل فرصة لإنهاء الصراع.
دعت الهدنة الأولية، التي دخلت حيز التنفيذ في 2 أبريل/نيسان، إلى "وقف جميع العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية الهجومية" داخل اليمن وخارجه وتجميد القتال في الجبهات، ودخول 18 سفينة وقود إلى ميناء الحديدة شمال اليمن، والسماح برحلتين تجاريتين أسبوعيًا إلى عمّان والقاهرة من مطار صنعاء الدولي الذي تم إغلاقه أمام حركة الطيران المدني كجزء من الحصار الخانق الذي تقوده السعودية على اليمن.
منعَ إغلاق المطار وصول إمدادات الأدوية المنقذة للحياة وغيرها من السلع الأساسية إلى العاصمة التي تسيطر عليها حكومة الحوثيين. وفي إطار الهدنة، دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الأطراف إلى "اجتماع للاتفاق على فتح الطرق في تعز" التي حاصرها الحوثيون طوال الحرب، "ومحافظات أخرى لتسهيل حركة المدنيين من الرجال والنساء والأطفال." عُقد ذلك الاجتماع الأسبوع الماضي في عمّان على مدى ثلاثة أيام من المحادثات لكنه انتهى دون أي اتفاق على رفع حصار الحوثيين عن تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن.
وبحسب بعض التقارير، عرض ممثلو الحوثي في عمّان فتح ثلاثة طرق إلى تعز، فيما وصفه مبعوث الأمم المتحدة بـ "إعادة الفتح على مراحل." رفضت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية هذا العرض وأصرت بدلًا من ذلك على فتح جميع الطرق المغلقة، بما في ذلك نقطة الدخول الشرقية الرئيسية إلى مدينة تعز. رفض الحوثيون ذلك، مؤكدين أن الطريق المعروف باسم الحوبان هو خط جبهة، وعرضوا إعادة فتح طريق مختلف إلى الجزء الشمالي من المدينة.
يبدو أن هذه الخلافات تنبع مما كان ضمنيًا ولكن غير مذكور في الهدنة، وهو أن بنودها كانت ستُنفذ بالتسلسل، حيث تأتي المحادثات حول رفع الحصار عن تعز بعد دخول 18 سفينة وقود إلى الحديدة واستئناف رحلتين أسبوعيًا من وإلى صنعاء. لكن بنود الهدنة هذه تم تعليقها في أبريل/نيسان ومايو/أيار من قبل التحالف الذي تقوده السعودية وشركاؤها اليمنيون، ولهذا السبب لم يتم تجديد الهدنة تقريبًا إلا في هذا الأسبوع.
لم تقلع الرحلة الأولى من صنعاء إلا في 16 مايو/أيار، بعد أكثر من ستة أسابيع من الهدنة الممتدة لشهرين. قالت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية أنها لا تستطيع السماح للمسافرين الذين يحملون جوازات سفر صادرة عن الحكومة المنافسة التي يقودها الحوثيون في صنعاء للصعود على متن هذه الرحلات الجوية، حيث أن ذلك جزء من "الشرعية."
ولكن بعد مزيد من دبلوماسية الأمم المتحدة، بدأت الرحلات الجوية—ولكن في البداية فقط إلى عمّان، تلاها رحلة واحدة إلى القاهرة في 1 يونيو/حزيران، وهي الأولى منذ عام 2016، قبل يوم واحد من انتهاء صلاحية الهدنة. كان على مبعوث الأمم المتحدة غروندبرغ الانخراط في المزيد من الاجتماعات لإقناع التحالف الذي تقوده السعودية بالسماح للرحلات الجوية، على الرغم من أنه سبق وأن تم الاتفاق على شروط الهدنة.
مع وجود ما يقدر بـ 32,000 مريض يمني في حاجة ماسة إلى العلاج الطبي العاجل في الخارج، أحبطت الرحلات الجوية المحدودة خلال فترة الهدنة عائلات المرضى الذين كانوا يأملون في النهاية في أن يتمكنوا من السفر إلى الخارج. وصف المدير القُطري في اليمن للمجلس النرويجي للاجئين، إسحاق أووكو، إغلاق المطار في إطار الحصار بأنه "وضع رهينة استمر لمدة خمس سنوات، والمرضى محاصرون في اليمن، حتى عندما يكون هناك طريق لإنقاذهم."
بالنسبة لسفن الوقود التي تدخل ميناء الحديدة المهم والمحاصر بشدة والذي يخدم شمال اليمن، لم يُسمح في النهاية بدخول جميع السفن الـ 18 المتفق عليها في الهدنة، وفقًا للجدول الزمني المقدم من الأمم المتحدة في إطار الهدنة. تم تأجيل السفن التي تم السماح لها بدخول الميناء قبالة الساحل اليمني من قبل التحالف الذي تقوده السعودية—تأخيرات أدت إلى تحمّل غرامات تأخير كبيرة سيتكبدها السكان اليمنيون، مما قلل من تأثير تخفيف الحصار، حيث أن الوقود الذي سيتم توفيره سيكون أغلى بكثير.
يبدو أن الحكومة التي يقودها الحوثيون في صنعاء تعتقد أن هذا لا يزال أفضل من لا شيء، حيث أن الأراضي التي تسيطر عليها، والتي تضم حوالي 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 31 مليون نسمة، عانت من نقص حاد وأحيانًا نقص كامل في الوقود خلال العامين الماضيين.
ومع ذلك، كأول هدنة صامدة حتى الآن منذ أكثر من سبع سنوات من الحرب، لا يزال هذا يمثل تقدمًا دبلوماسيًا. تحتاج الدبلوماسية إلى مزيد من الوقت، على الرغم من خيبات الأمل بين اليمنيين من البنود المفقودة المتعلقة بالرحلات الجوية وسفن الوقود المتفق عليها منذ أوائل أبريل/نيسان.
توفر الهدنة فرصة طال انتظارها لجميع الأطراف المتحاربة للخروج بماء الوجه من هذه الحرب الكارثية. لكن إذا انهارت، فقد تكون نذير بمزيد من التصعيد، وليس مقدمة لإحلال سلام دائم. ستبدو الدبلوماسية الحالية التي تقودها الأمم المتحدة أقل صدقًا إذا لم يلتزم السعوديون بشروط الهدنة الواضحة وسمحوا بالعدد المتفق عليه من الرحلات الجوية المدنية من صنعاء وإدخال السفن المحملة بالوقود إلى ميناء الحديدة دون أي تأخير، وإذا لم يقم الحوثيون، بالمقابل، برفع حصارهم عن تعز.
يقع على عاتق السعودية المسؤولية لإنهاء الحرب التي شنتها في عام 2015 والتي لم يكن بوسعها القيام بها إلا بمساندة من داعميها الغربيين الرئيسيين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، المتورطين في جرائم الحرب. على الرغم من عدم تضمين الرفع الكامل للحصار الذي تقوده السعودية على اليمن في اتفاقية الهدنة، إلا أن ذلك من شأنه أن يشير بوضوح إلى حسن النية في صنع السلام، من خلال السماح بالواردات الحيوية في الرحلات الجوية التجارية والسماح برحلات جوية إلى خارج البلاد. وبنفس الدرجة من الأهمية لإحداث عملية سلام حقيقية، ينبغي على الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية دفع رواتب موظفي القطاع العام العاملين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
ستعزز هذه الخطوات الهدنة وتجعلها أكثر استدامة وتضع الأساس لحل أوسع للحرب. سيجعل ذلك السعودية أكثر أمانًا من خلال إنهاء هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ على الحدود، والأهم من ذلك أنها ستنقذ أرواح اليمنيين، التي أُهدر منها مئات الآلاف بسبب الحرب الجوية التي تشنها الرياض على جارتها الفقيرة.
هناك فرصة نادرة للسلام في اليمن مطروحة أخيرًا على الطاولة. إذا انهارت بسبب عدم الالتزام بشروط الهدنة الكاملة، فمن المرجح أن يرد الحوثيون بقوة متجددة، ما يؤدي إلى حلقة مدمرة أخرى من الانتقام السعودي. على الرغم من تمديد الهدنة، إلا أن الوقت ينفد بسرعة.