على السلطات الأردنية إنهاء التعاون الأمني وتعليق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل
(واشنطن العاصمة، 9 ابريل/نيسان 2024): يجب على قوات الأمن الأردنية إنهاء حملتها القمعية العنيفة والمضايقات والاعتقالات المستمرة للمتظاهرين السلميين الذين يحتجون على الهجوم الإسرائيلي على غزة، في إطار جهودها لقمع أكبر الاحتجاجات الشعبية التي تجري في جميع أنحاء البلاد منذ أكتوبر/تشرين الأول. وقالت منظمة (DAWN) إنه لتفادي المزيد من الغضب الشعبي، يجب على الحكومة الأردنية أن تستجيب للمطالب العامة وتعلق علاقاتها الدبلوماسية وتعاونها الاستخباراتي مع إسرائيل في ضوء حملة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة (DAWN): "ليس من المستغرب أن تشعر الحكومة الأردنية بالقلق إزاء الاحتجاجات غير المسبوقة في البلاد، والتي تعكس الغضب العام ليس فقط من الفظائع الإسرائيلية المستمرة في غزة، بل من تعاون حكومتهم المستمر مع إسرائيل". وأضافت: "أفضل ما يمكن أن يفعله الأردن من الناحيتين الأخلاقية والأمنية الوطنية هو السماح للمتظاهرين بالتعبير عن آرائهم وإنهاء التعاون مع إسرائيل".
تصعيد في الاحتجاجات
على الرغم من خروج مظاهرات في البلاد منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، إلا أن حجم الاحتجاجات وتوزيعها الجغرافي بدأ يتصاعد في 21 مارس/آذار، واستمرت الاحتجاجات يوميًا منذ ذلك الحين. وفي 24 مارس/آذار، خرجت أكبر الاحتجاجات في عدد من المدن والبلدات الأردنية، بما فيها عمّان، والكرك (بما في ذلك ثلاثة مواقع في منشية أبو حمور والمزار الجنوبي ووسط مدينة الكرك)، وإربد. وفي جميع هذه الأماكن، بدأت المظاهرات بعد صلاة التراويح في شهر رمضان، حوالي الساعة العاشرة مساءً، واستمرت ما بين بضع ساعات وحتى الفجر. ونظمت مدن وبلدات أخرى، مثل مادبا ومليح، مظاهرات في أيام مختلفة. وتباينت أعداد المتظاهرين، حيث وصلت إلى 500 في بعض الأماكن بينما وصلت إلى عشرة آلاف في أماكن أخرى.
وقامت لجنة تنظيمية يقودها الشباب، وتضم نشطاء من مختلف ألوان الطيف السياسي الأردني، بتأسيس "التجمع الشبابي لدعم المقاومة" في ديسمبر/كانون الأول. وبادرت المجموعة إلى الدعوة للاحتجاج أمام السفارة الإسرائيلية في عمّان من خلال تطويقها تحت عنوان "طوفان الغضب الأردني"، في إشارة إلى اسم هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، "طوفان الأقصى".
وأوضح التجمع أن الغرض من احتجاجهم هو "تخفيف معاناة الناس في غزة وحماية الأردن من تهديد التهجير القسري للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة". وعبّروا عن مطالبهم على النحو التالي: "وقف تصدير الخضار الأردنية إلى إسرائيل، وإيقاف نقل البضائع بين الإمارات وإسرائيل عبر الأراضي الأردنية، وإنهاء الاتفاقيات بين إسرائيل والأردن، بما في ذلك اتفاقيات استيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي إلى الأردن، مبادلة الكهرباء الأردنية بالمياه الإسرائيلية، ومعاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية لعام 1994 (معاهدة وادي عربة)، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. يعتبر يوم 24 مارس/آذار تاريخًا مهمًا تاريخيًا في الأردن لأنه يصادف ذكرى انتفاضات "ربيع الأردن" عام 2011 المطالبة بالديمقراطية في الأردن، والتي قمعتها الحكومة بعنف، ما أسفر عن مقتل متظاهر وإصابة 120 آخرين. وتمنع السلطات الأردنية أي محاولة لإحياء ذكرى ذلك الحدث. كما اتهم بعض المتظاهرين في شرق عمّان الملك عبد الله بالتواطؤ مع إسرائيل. وفي 4 أبريل/نيسان، وسّع المتظاهرون هتافاتهم لانتقاد حرمان الأردنيين من حقوقهم الأساسية. وفي 7 أبريل/نيسان، سَخِر المتظاهرون بشكل مباشر من التناقض بين أقوال الملك وأفعاله، إذ يدعو إلى تمكين الشباب والمشاركة في الأحزاب السياسية وينكر عليهم حرية التعبير.
واستمرت الاحتجاجات حول السفارة الإسرائيلية في عمّان والكرك منذ ذلك الحين، حيث يتجمع المتظاهرون يوميًا بعد الإفطار في الساعة التاسعة مساءً في مسجد قريب من السفارة، ثم يسيرون نحو السفارة حوالي الساعة 10 مساءً، ويغادرون عند الفجر.
هجمات الحكومة على المتظاهرين
منذ بدء الاحتجاجات في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ردت الحكومة باستخدام قوات الأمن لتفريق الاحتجاجات بالقوة، بما في ذلك استخدام العنف غير الضروري، كما وثقت بعض منظمات حقوق الإنسان. ومع ذلك، تصاعد رد الحكومة العنيف بشكل كبير بدءًا من 24 مارس/آذار أثناء الاحتجاج حول السفارة الإسرائيلية في عمّان، حيث قامت الشرطة بضرب ومهاجمة المتظاهرين. وقال اثنان من المشاركين تحدثا إلى منظمة (DAWN) بشرط عدم الكشف عن هويتهما أنهما شاهدا قوات الأمن الأردنية تهاجم المتظاهرين بقسوة وشاركوا مقاطع فيديو تُظهر قوات الأمن وهي تهاجم المتظاهرين. في مقاطع الفيديو التي استعرضتها منظمة (DAWN)، يُظهر أحدها عددًا قليلًا من أفراد الشرطة وهم يهاجمون المتظاهرين، ويُظهر آخر الشرطة وهي تحاول اعتقال أحد المتظاهرين، ويُظهر مقطع فيديو ثالث أفراد أمن بملابس مدنية وهم يمسكون بأحد المتظاهرين ويدفعونه بالقوة داخل سيارة للشرطة. وازداد عنف الشرطة في 26 مارس/آذار، عندما هاجمت قوات الشرطة المتظاهرين في عمّان بالعصي والأيدي، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود المتجمعة، ونفذت اعتقالات جماعية.
وقال جمال الطاهات، وهو مستشار أول في منظمة (DAWN): "من خلال قمع أصوات المواطنين المطالبين بالعدالة للفلسطينيين، لا ينتهك الأردن الحقوق الأساسية لمواطنيه فحسب، بل يؤجج الغضب العام وخيبة الأمل أيضًا". وأضاف أن "سياسات النظام القاسية وغير الحكيمة يمكن أن تحوّل استقرار الأردن إلى الضحية الثانية لحرب غزة".
وأكد صالح العرموطي، عضو البرلمان الأردني، أن الشرطة ضربت المتظاهرين، بمن فيهم النساء، بأيديهم وعصيهم، واعتقلت مائتي متظاهر واحتجزتهم في مراكز الشرطة في جميع أنحاء عمّان. وعندما حاول العرموطي مشاركة هذه المعلومات في البرلمان في 27 مارس/آذار 2024، قام رئيس البرلمان أحمد الصفدي بقطع الصوت عن ميكروفونه، كما يظهر في مقطع فيديو.
وقال عبد الرحمن شديفات، من منشية بني حسن، لمنظمة (DAWN) في 31 مارس/آذار، أن قوات الأمن اعتقلت اثنين من إخوته، إبراهيم شديفات وهو مهندس، وسراج الدين وهو صحفي، إلى جانب عشرات المتظاهرين الآخرين في احتجاج 26 مارس/آذار في عمّان. وقام بزيارة إخوته في سجن الموقر، على بعد 20 ميلًا جنوب شرق عمّان، قبل نقل أحدهم (سراج الدين) إلى مركز احتجاز آخر في رميمن شمال غرب عمّان. وقال إنه رغم أن المدعي العام أطلق سراح جميع المعتقلين في 27 مارس/آذار، إلا أن محافظ عمّان ياسر العدوان قرر احتجاز الأخوين بموجب قانون منع الجرائم رقم 7/1954 سيئ السمعة، والذي يمنح المحافظين سلطة احتجاز أي شخص في محافظتهم. وأعلنت عائلة شديفات في 28 مارس/آذار 2024 أنها تقوم بتنسيق مجموعة دعم مع عائلات النشطاء المعتقلين الآخرين الذين لم يتم إطلاق سراحهم بعد. ورفض المحافظ العدوان إطلاق سراح الأخوين بكفالة في 31 مارس/آذار 2024، بحسب شقيقهما عبد الرحمن.
ومنذ 31 مارس/آذار، وفقًا لمصادر في عمّان حضرت الاحتجاجات وتحدثت إلى منظمة (DAWN)، يبدو أن الشرطة غيرت تكتيكاتها من ضرب المتظاهرين إلى تطويق المنطقة المحيطة بالسفارة بثلاثة خطوط من دوريات الشرطة لمنع الناس من التجمع للاحتجاج وفرض حظر تجول إلى منتصف الليل في المنطقة. وأوضح علي بريزات، المحامي الأردني الذي حضر الاحتجاجات ويراقبها، أنه أصبح من الصعب الآن على المتظاهرين الوصول إلى المنطقة القريبة من السفارة، ما قلل عدد المتظاهرين إلى بضعة آلاف.
التهجم الإعلامي والتحريض على الانقسام الوطني
ويبدو أيضًا أن السلطات شنت حملة إعلامية منسقة لشيطنة المتظاهرين واستغلال الانقسامات والتحريض عليها بين الأردنيين والأردنيين من أصل فلسطيني في البلاد. ويردد أشخاص تابعون للحكومة نفس هذه النقاط، وينتقدون المتظاهرين ويطالبون وسائل التواصل الاجتماعي بـ"طوفان الولاء" من الأردنيين، ردًا على ما أسماه المتظاهرون "طوفان الغضب الأردني". وكان من بين المشاركين في الهجوم الإعلامي ضد المتظاهرين وزراء سابقون وأعضاء في البرلمان ومسؤولون رفيعو المستوى يشيدون بدعم الملك للفلسطينيين، ويُشيطنوا المتظاهرين باعتبارهم "دمى في يد إيران وحماس" يهددون الأمن القومي والاستقرار.
وفي تهديد أكثر مباشرة ضد المتظاهرين، دعا سميح المعايطة، وزير الإعلام السابق، في تغريدة بتاريخ 29 مارس/آذار، إلى "سحب الجنسية من الأردنيين من أصل فلسطيني المشاركين في المظاهرات". وكان المعايطة مرتبطًا في السابق بجماعة الإخوان المسلمين لكنه ترك الجماعة في عام 1999 وأصبح من مؤيدي النظام الملكي. وفي 29 مارس/آذار، اتهم وزير الإعلام الحالي مهند مبيضين، في مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، حماس بتحريض المتظاهرين ضد الحكومة الأردنية.
وامتدت الحملة الإعلامية ضد المتظاهرين الأردنيين إلى وسائل الإعلام السعودية، التي بذلت بشكل منفصل جهودًا لإسكات المشاعر المؤيدة لفلسطين بين المواطنين. ففي الأول من أبريل/نيسان، نشرت صحيفة الشرق الأوسط (ميدل ايست ديلي)، وهي صحيفة ناطقة باللغة العربية مقربة من النظام السعودي، مقالًا رئيسيًا يضخّم الرواية الرسمية للحكومة الأردنية التي تتهم حماس وإيران بتحريض المتظاهرين، وتنقل عن مسؤول سعودي تشجيع بلاده للسلطات الأردنية على قمع المظاهرات: "السعودية تؤيد أي إجراء يتخذه أو سيتخذه الأردن للحفاظ على أمنه…. إنّ أمن الأردن جزء لا يتجزأ من أمن السعودية". وفي 4 أبريل/نيسان، اتصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالملك عبد الله الثاني وأكد وجهة النظر نفسها: "تدعم المملكة العربية السعودية أي إجراءات يتخذها الأردن للحفاظ على أمنه واستقراره". وبينما روجت مصادر سعودية للمكالمة بأنها حظيت بتغطية إعلامية دولية، وصفت وسائل إعلام أردنية والصفحة الرسمية للملك الأردني المحادثة الهاتفية بأنها تتعلق بحرب غزة، دون أن تذكر أي شيء يخص المظاهرات في عمّان.
كما حاولت العائلة المالكة والحكومة مواجهة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين من خلال إثارة الانقسامات القبلية بين البدو الأردنيين في شرق الأردن والمواطنين الفلسطينيين في الأردن، ما أدى إلى استقطاب عام أكثر حدة في البلاد. وفي 27 آذار/مارس، قام الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا وولي العهد الأمير حسين بزيارة إلى البادية الوسطى، حيث حضروا عرضًا فنيًا تراثيًا بعنوان "السمر" قدمته صفوف وحدة الهجانة التابعة لشرطة البادية الملكية، المعروفة بأنها موالية للنظام الملكي. وقاموا بزيارة أخرى إلى البادية الجنوبية، إحدى المحافظات البدوية الثلاث، في 31 مارس/آذار، حيث أعاد الملك التأكيد على أن الأردن يبذل قصارى جهده لمساعدة الفلسطينيين في غزة وأشار إلى أن المتظاهرين يهددون الأمن القومي. وانتقد أحد الناشطين البدو البارزين علنًا هذه الزيارات باعتبارها تكتيكًا استمر لعقود من الزمن لتقسيم المجتمع الأردني، في حين قال ضابط متقاعد رفيع المستوى في الجيش لمنظمة (DAWN) في 27 مارس/آذار، بشرط عدم الكشف عن هويته أيضًا، إنه "من غير المرجح أن يتمكن الملك من حشد الأردنيين الشرقيين، بمن فيهم الأردنيون من البادية والمناطق الريفية الأخرى، ضد المتظاهرين إذا تصاعد الوضع، خاصة في ظل المظاهرات التي تشهدها جميع أنحاء البلاد".
تعاون الأردن المستمر مع إسرائيل
منذ التصديق على معاهدة السلام "وادي عربة" بين إسرائيل والأردن في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994، أقامت إسرائيل والأردن تعاونًا اقتصاديًا وأمنيًا متزايدًا، "من فوق الطاولة ومن تحتها". على المستوى الأمني، طورت الأردن وإسرائيل "منظورًا مشتركًا للأمن والتهديد" ، وهو ما يستلزم تبادل المعلومات في مجالي الدفاع والاستخبارات والتعاون ضد الجماعات المسلحة، بما في ذلك حماس وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. وقد صمدت العلاقة بين البلدين أمام التعرض للصراعات الإقليمية. كما زاد التعاون العسكري بين الأردن وإسرائيل، بما في ذلك التدريبات العسكرية. ولم يعلن الأردن عن تعليق التعاون الدفاعي والاستخباراتي مع إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، أبرمت إسرائيل والأردن بشكل مباشر وغير مباشر عددًا من الاتفاقيات الاقتصادية. في إحدى الاتفاقيات، المعروفة باسم صفقة الغاز الطبيعي، تعمل شركة أمريكية، "نوبل إنيرجي"، كوكيل طرف ثالث لتوفير الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى الشركات الأردنية، في محاولة واضحة لتجنب المشاعر العامة السلبية ضد أي اتفاق مباشر بين الأردن وإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، وقّع الأردن اتفاقية في ديسمبر/كانون الأول 2023 لتسهيل الطريق البري للبضائع عبر الأردن للشحنات القادمة عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى إسرائيل. تم تصميم الطريق البري وتشغيله من قبل شركة الخدمات اللوجستية الإسرائيلية "تركنت"، ويهدف إلى تمكين إسرائيل من تجاوز الحظر الذي يفرضه الحوثيون على الشحنات الإسرائيلية في البحر الأحمر. وهناك أيضًا اتفاق معلق لتبادل المياه من إسرائيل مقابل الكهرباء من الأردن. وردًا على الانتقادات العامة، علق الأردن الموافقة على الاتفاقية، لكن المتظاهرين طالبوا بإنهاء الاتفاقية بالكامل.
وانتقد خبراء محليون ودوليون تعاون الأردن المستمر مع إسرائيل. وقال أحد الأعضاء السابقين في البرلمان لمنظمة (DAWN) في 27 مارس/آذار، شريطة عدم الكشف عن هويته، أن "السلطات الأردنية تكذب، مدعية أنها ضد حرب إسرائيل ولكنها متواطئة مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة". ووصفت جيليان شويدلر، وهي أكاديمية تركز على الأردن، العلاقات بأنها: "المزيد من نفس الشيء…. إدانة حادة لإسرائيل، تجميد العلاقات الدبلوماسية الرسمية لفترة من الوقت، ولكن لا يحدث تغيير يذكر في السياسة أو العلاقات مع إسرائيل".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، دعت منظمة (DAWN) الأردن إلى إنهاء معاهدة السلام وجميع التنسيق العسكري مع إسرائيل في ضوء جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في غزة. وعلى الرغم من إدانات الأردن الخطابية للعدوان الإسرائيلي، إلا أن الحكومة فشلت في اتخاذ إجراءات فعلية لدعم الشعب الفلسطيني ومحاسبة إسرائيل. إنّ استمرار الأردن في الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل وإحجامه عن قطع العلاقات الدبلوماسية يبعث برسالة تواطؤ ويقوض مصداقية التزامه المعلن بالقضية الفلسطينية.
تهديد للاستقرار الوطني
تأتي الاحتجاجات المتصاعدة في الأردن في أعقاب احتجاجات أصغر ولكن مستمرة في جميع أنحاء البلاد ضد الحكومة وسياساتها، في ضوء تصاعد البطالة والتضخم والقمع السياسي. العلاقة بين الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين والاستياء السياسي والاقتصادي الداخلي الواسع النطاق في البلاد يظهر من خلال قرار تنظيم أكبر احتجاج في البلاد في السفارة الإسرائيلية في 24 مارس/آذار، في ذكرى احتجاجات ربيع الأردن عام 2011.
وقال رائد جرار، مدير قسم المناصرة في منظمة (DAWN): "يجب أن تكون الاضطرابات غير المسبوقة في الأردن سببًا آخر لإدارة بايدن للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة". وأضاف: "إنّ الدعم الأعمى الذي يقدمه بايدن للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل يزعزع استقرار المنطقة بأكملها".
وحذر خبراء وقيادات سياسية في الأردن من أن استمرار تعاون الحكومة مع إسرائيل وقمع الاحتجاجات يشكل تهديدًا للاستقرار الوطني. ففي 29 مارس/آذار، قال زعيم بارز في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، والذي دعا إلى الفصل الصارم بين الجماعة وحماس، بشرط عدم الكشف عن هويته لمنظمة (DAWN) أن "الوضع لا يحتاج إلى تحريض من قادة حماس. هناك أسباب اقتصادية وسياسية عديدة تدفع الأردنيين إلى الاحتجاج. حرب غزة هي مجرد أداة إشعال". واتفق ضابط مخابرات متقاعد رفيع المستوى مع هذا التقييم، حيث قال لمنظمة (DAWN) بشرط عدم الكشف عن هويته في 30 مارس/آذار، أن الملك "يُصر بشدة على الحفاظ على العلاقات السياسية للبلاد مع إسرائيل القائمة قبل الحرب. وهو يتجاهل كل المؤشرات من الجمهور الأردني حول استحالة هذا الخيار". وفي إشارة إلى زيارات الملك إلى البادية الوسطى والجنوبية، قال أن الملك "يحاول استخدام تكتيكات مستنزفة وأدوات عفا عليها الزمن للتعامل مع الوضع غير المسبوق للاحتجاجات العامة الحاشدة التي تطالب بإنهاء التعاون الأردني الإسرائيلي".
جدير بالذكر، أن حوالي خمسين في المئة من السكان الأردنيين هم من أصل فلسطيني، ويتركزون في عمّان والزرقاء، و2.2 مليون منهم مسجلون كلاجئين لدى الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين لدى الأمم المتحدة.