نوح أمير أرجوماند هو باحث كرسي مارك هيلمكي لما بعد الدكتوراه في الإعلام العالمي والتنمية والديمقراطية في مركز مساعدة وسائل الإعلام الدولية وكلية هاميلتون لوغار للدراسات العالمية والدولية بجامعة إنديانا.
English
ملاحظة المحرر: المقتطف التالي مقتبس من كتاب "المساعدة في القصص الصحفية: صناعة الأخبار المحلية ووسائل الإعلام الدولية في تركيا وسوريا" من تأليف نوح أرجوماند (مطبعة جامعة كامبردج: 2022). شخصيات الكتاب مبنية على أبحاث إثنوغرافية أجريت في اسطنبول وديار بكر من عام 2014 حتى عام 2016.
"اعتبر نفسي خائنة،" هكذا اعترفت لي سولماز وهي تحتسي القهوة الفاخرة في مقهى في الجانب الأوروبي من اسطنبول. كان ذلك عام 2016، حيث كانت تركيا مركز العالم. كانت اسطنبول مدينة مزدهرة للمراسلين الذين يكتبون عن أزمة اللاجئين الأوروبيين والحرب الأهلية السورية والصراع الكردي والإرهاب الجهادي ورئيس تركيا المثير للجدل. كانت أيضًا مدينة مزدهرة بالمساعدين الذين قدموا المساعدة لهؤلاء المراسلين الأجانب.
كانت سولماز جديدة في لعبة المساعدة الصحفية. كانت قد تركت مؤخرًا مهنتها كصحفية في الصحافة الوطنية التركية. عندما غيّرت الجريدة التي كانت تعمل بها ملكيتها وبدأت في طباعة الدعاية الحكومية، نصحها أحد الزملاء باستغلال معرفتها باللغة الإنجليزية وقدراتها في إعداد التقارير في أن تعمل كمساعدة صحفية والذي من شأنه أن يبقيها واقفة على قدميها. لكن بينما كنا نرتشف قهوتنا، كانت تبحث عن ذاتها بعد تجربة مزعجة بشكل خاص مع مراسل أجنبي سأطلق عليه اسم فريد. كان فريد يغطي منطقة الشرق الأوسط بأكملها للصحيفة التي يعمل بها ووصل مؤخرًا إلى البلاد في رحلة قصيرة. هو أحد الصحفيين المظليين كما يشار إليهم في لغة الصحف. قام هذا الصحفي بطلب خدمات سولماز لمساعدته في التجول في المدينة وربطه بالمصادر والقيام بالترجمة وتوفير خلفية معلومات.
جاء فريد إلى اسطنبول للقيام بعمل حول مجتمع المثليين المحاصر في البلاد، ولكن بعد ذلك صادف وجوده في المدينة حدوث هجوم إرهابي انتحاري. هرع فريد وسلماز إلى مسرح الجريمة. ترجمت سولماز لفريد وأقنعت الشهود بإجراء مقابلات. أراد فريد الاقتراب من موقع الانفجار لالتقاط الصور، لكن الشرطة أجبرته على الابتعاد عن المنطقة التي طوقتها. احتج فريد بغضب على أن رجال الشرطة لديهم "عقلية العالم الثالث،" ووصل غضبه إلى سولماز لأنها لم تسعى بما فيه الكفاية لتمكينه من الوصول بشكل أفضل—وهو جزء من وظيفتها كمساعدة له، بحسب وجهة نظره.
بمجرد أن حددت السلطات أن المهاجم كان أحد عناصر الدولة الإسلامية المزعومة، أو داعش، أراد فريد بعد ذلك الذهاب إلى جارشامبا، الحي الأكثر محافظة من الناحية الدينية في اسطنبول، والذي له سمعة سيئة بأنه مكان للتجنيد لتنظيم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى. رفضت سولماز ذلك قائلة أن الأمر خطير للغاية.
في ذلك الوقت، كانت قد قررت أن فريد كان شديد الصرامة والصراحة لدرجة أنها لا تثق به في أن يكون مراعيًا للاختلافات الثقافية أو أن يعمل بطريقة لا تجذب الأنظار. لا يبدو أنه يستمع إلى نصائحها: ابدأ بمحادثة قصيرة، وأجب عن أسئلة المصادر حول نفسك قبل طرح أسئلة عليهم—لا سيما المصادر المتخوفة من العملاء الأجانب.
في هذه الأثناء، أخطأ فريد فهم عدم رغبة سولماز في إجراء مقابلات شخصية في الشارع مع محافظين متطرفين—في مقابل سهولة تخاطبها مع نشطاء مجتمع المثليين في المهمة السابقة—في أنه كراهية تجاه الدين. صنّف سولماز على أنها نخبوية علمانية وأصبح رافضًا لنصائحها وتوضيحاتها. لم يكن يثق في موضوعيتها.
"أنا أفهم الإسلام!" صاح فريد ردًا على محاولة سولماز تصحيح أحد تصوراته الخاطئة. ومع ذلك، كان على فريد الاعتماد على سولماز، وانتهى بهما الأمر بالاستقرار على قصة روتينية للصحافة الأجنبية في ذلك العام: تراجع السياحة في اسطنبول الجميلة والتاريخية والمأساوية في أعقاب أعمال العنف الأخيرة. لقد كان حل وسط سهل بالنسبة لمراسل ومساعد كانا على خلاف وليس لديهما الكثير من الوقت.
في البازار الكبير، تحدثا إلى أصحاب المتاجر والسائحين الذين قالوا أمور معتادة عن المتاجر والسائحين، واستطاعت سولماز أن تحصل على مقابلة لفريد مع مسؤول في السياحة—لم يكن شخص يمكن اعتباره مصدر، أو أمر يمكن لفريد أن يفسده. على الرغم من مساعداتها له، قرر فريد، دون استشارتها، عدم جعل سولماز "مساهمة في التقارير" في المقالات التي قاما بها معًا. عبّرت لي عن استيائها من هذا الأمر لمعرفتها بالمهنية، حتى عندما ادعت أنها لا تريد اسمها في قصصه المبتذلة على أي حال. رحل فريد بعد أيام قليلة، إلى بلد آخر ومساعد آخر.
وصفت سولماز نفسها بالخائنة لأنها شعرت في تلك اللحظة أن وظيفتها، في الأساس، هي خيانة المصادر، وفتح الأبواب وتقديم المعلومات للمراسلين الأجانب الذين لم يحترموا تلك المصادر أو يأخذوا بالاعتبار آرائهم بما يتجاوز تصنيفات القوالب النمطية. يبدو أن فريد، على الأقل بحسب رواية سولماز، كان يعتبرها خائنة من نوع آخر: خيانة الصحافة من أجل الولاء السري لفصيل سياسي محلي (النخبة العلمانية بحسب تصوره الخاطئ).
المساعدون عالقون بين المراسلين والمصادر، بين عوالم ذات أعراف ثقافية وسياسية مختلفة. إنّ وجود المساعدين بين هاتين الفئتين هو ما يجعل لهم الأهمية في المقام الأول وهو أيضًا المصدر الرئيسي لتوترهم ووجود شكوك ذاتية لديهم. يواجه المساعدون توقعات المراسلين من جانب وتوقعات المصادر من الجانب الآخر.
عندما تتعارض هذه التوقعات، يتم دفع المساعدين إلى حالات التناقض الأخلاقي. يطالب فريد بأن تقوم سولماز بالضغط على مصادر مترددة بطرح أسئلة غير مريحة، بينما تطالب تلك المصادر في نفس الوقت وقوف سولماز إلى جانبهم ضد الأجنبي المشبوه. تشعر سولماز بأنها خائنة لأنها تشعر بأنه من غير الأخلاقي أن تكون وكيلة لمراسل—خاصةً لشخص مثل فريد—في استخلاص ما يريده من مصادر محلية تقاوم أسئلته.
لتجنب الوقوع في وسط هذا الصراع، يصبح المساعدين أكثر إبداعًا. فهم يقومون بمطابقة أنواع المراسلين بأنواع المصادر، مثل الكاتب الذي يعتقد أن المحرر سيكون سعيدًا بمقال عن محنة السياحة في اسطنبول ومثل سعادة تجار البازار عندما يكون هناك أشخاص يستمعون لتذمرهم. إنهم يتجنبون مطابقة المراسلين الذين يعرفونهم من فترة قصيرة ولا يثقون بهم مع المصادر الجيدة التي بنوا معها الثقة. إنهم يعملون كموفّقين بين المراسلين والمصادر بحيث لا يحدث صدامات بينها، كما حدث عندما حاولت سولماز تدريب فريد على الطرق المناسبة ثقافيًا للتعامل مع المصادر وطرح مواضيع حساسة.
هذه الاستراتيجيات ليست دائمًا ممكنة ولا تكون مجدية دائمًا. في بعض الأحيان، كما هو الحال مع سولماز، تؤدي محاولات المساعدين لإدارة التناقضات البينية إلى تشويه مصداقيتهم أمام المراسلين أو المصادر. لكن سواء نجح ذلك أم فشل، ينتج عن ذلك قصص صحفية. ظهرت مقالة في يونيو/حزيران 2016 في إحدى الصحف الكبرى حول التخفيضات الكبيرة التي يمكن أن يجدها السائحون في متاجر اسطنبول، بدلًا من مقالة عن التجنيد لتنظيم داعش في نفس المدينة، لأن سولماز كان لديها راحة أكبر في إحضار فريد إلى البازار الكبير بدلًا من إحضاره إلى جارشامبا. على الرغم من دورها في تحديد ما سيصبح معرفة دولية عن تركيا، ظلت سولماز غير معروفة للقراء.
تتبّعت مراسلة كندية سأسميها سالي ومساعد سوري سأسميه كريم نفس قصة الهجوم الإرهابي. كان لدى كريم وسالي، اللذان يقيمان في إسطنبول كذلك، شبكة من المصادر داخل سوريا للاستفادة منها، بعد أن ذكرت السلطات أن الانتحاري مواطن سوري كان قد عبر الحدود الجنوبية إلى تركيا. على عكس فريد وسولماز، عمل كريم وسالي معًا لبعض الوقت، لفترة كافية لبناء الثقة ببعضهما البعض، ومعرفة نقاط الضعف لديهما لدرجة أن يصبحا أصدقاء، بل عشاق أيضًا، لكننا سنتطرق إلى ذلك في وقت لاحق.
تواصل كريم عبر الهاتف مع منشقين عن داعش ومصادر لها أقارب في الدولة الإسلامية، سألهم عما إذا كانوا يعرفون منفّذ التفجير. سمع أحدهم شائعة أنه من بلدة كان لكريم صديق فيها. اتصل كريم بصديقه الذي قام بربط كريم بأشخاص يعرفون الانتحاري عندما كان صغيرًا. كما نشر كريم على الفيسبوك أنه يسعى للحصول على معلومات، رد صديق آخر بأن أحد الأصدقاء على الفيسبوك قد نشر للتو معلومات حول معرفته بالانتحاري منذ سنوات وأنه مصدوم من الخبر. كان كلا الصديقين على استعداد للتأكيد على أن كريم جدير بالثقة، وبالتالي يساعدان في إقناع المصادر بالموافقة على إجراء مقابلات عبر الفيسبوك أو الواتساب أو سكايب.
تمكنت سالي من كتابة ملف تعريف طويل عن الانتحاري في غضون أيام من الهجوم بفضل جهود كريم وشبكة التواصل الاجتماعي. لم يكن كريم على بعد مجرد طبقات اجتماعية قليلة عن الانتحاري، بل كان أيضًا على استعداد لطلب المساعدة من الآخرين ووضع سمعته كضامن بأن سالي ستنقل القصة بطريقة تحافظ على علاقة كريم مع أصدقائه وتحافظ على المصادر التي تعيش تحت سيطرة حكم المتشددين في سوريا.
تفسر الاختلافات في العلاقة بين المساعد والمراسل بعض التباينات بين أداء سولماز وكريم في قصة تفجير اسطنبول. كان فريد صحفي مظلي وطلب خدمات سولماز للعمل لبضعة أيام. لم يكن ذلك وقتًا كافيًا لبناء ثقة كبيرة بينهما أو لفهم بعضهما البعض بما يتجاوز مستوى الصورة النمطية. لم يكن من المستغرب أن تكون سولماز غير راغبة في المخاطرة بعلاقات طويلة الأمد مع مصادر من أجل شخص سينتقل قريبًا إلى دولة أخرى. على النقيض من ذلك، كرّس كريم وسالي سنوات للمعرفة المتبادلة، حيث كسب كريم معرفة عن الصحافة وكسبت سالي معرفة عن سوريا. توقعت سالي أن تستمر في العمل مع كريم ولذا كان لديها سبب أكبر من فريد للاهتمام بمعنويات مساعدها وعلاقته بالمصادر.
تساعد الاختلافات بين كريم وسولماز في تفسير الاتجاه الذي اتخذه كل منهما في تقاريرهما عن الحادثة. كانت قصصهم الفردية جزءًا لا يتجزأ من القصص الأكبر المتعلقة بالسياسة التركية في تلك الحقبة والحرب الأهلية السورية والتاريخ الأوسع لتفاعلات المنطقة مع بقية العالم.
كان كل مساعد يسير على مساره الخاص في خضم الأحداث الأكبر: سولماز من مراسلة محلية لصحافة معارضة سحقها رئيس سلطوي إلى مساعدة تعمل من وراء الكواليس تعلّمت رؤية بلدها من خلال عيون أجنبية، وكريم من لاجئ مفلس إلى لاعب مركزي في تقاطع الصحافة التي تركز على سوريا مع الإنسانية والتشدد والتجسس. أثّرت هذه المسارات على الأشخاص الذين يتفاعلون معهم، وشروط وتطلعات تلك العلاقات. تتطور استراتيجيات المساعدين في الحصول على المعلومات وإدارة العلاقات مع المراسلين والمصادر إلى جانب أوضاعهم في الصحافة وفي المجتمعات المحلية.
الاتجاهات الواسعة للسياسة الثقافية هي أيضًا من بين الأوراق التي يتعامل معها المساعدون. لم تكن ثقة فريد في تطبيق الصور النمطية وشعوره بالاستحقاق وعدم ثقته بسولماز مجرد خصوصيات شخصية. سواء أدرك ذلك أم لا، فإن فهم فريد للعالم ومكانه فيه كان مستمدًا من سرديات متجذرة قديمة، والتي أطلق عليها الناقد الأدبي إدوارد سعيد الاستشراق، والتي ترى الشرق الأوسط غريبًا ومتخلفًا، وهو ما يبرر الهيمنة الغربية على المسلمين خاصة.
النقطة المهمة هي أنه إذا أردنا أن نفهم سبب تغطية وسائل الإعلام الدولية للقصص الصحفية بالطريقة القائمة، فنحن بحاجة إلى سبر الأغوار إلى عوالم الأخلاق المتغيرة باستمرار للمساعدين دون إغفال روابطهم بالسياقات السياسية الأكبر.