أحمد الغباري صحفي يمني مستقل قدّم تقارير عن حرب اليمن لوسائل الإعلام الدولية منذ اندلاع الحرب في عام 2015. وقد ظهرت أعماله في الغارديان والجزيرة الإنجليزية ووسائل إعلامية أخرى. قام الغباري، بصفته مخرج مشارك للتصوير الفوتوغرافي، بتصوير الفيلم الوثائقي "سماء الإرهاب في اليمن" في عام 2018، والذي تم ترشيحه لجوائز إيمي وشيفيلد، وفاز بجائزة الصحافة الإلكترونية. أطلق الغباري أيضًا حملة تبرع عامة عبر حسابه على تويتر لتقديم الدعم للأطفال ضحايا الحرب.
English
اليمن على شفا كارثة بيئية. في أي وقت تقريبًا، يمكن أن تتسرب أو تنفجر ناقلة صافر، وهي ناقلة عملاقة متهالكة صدئة ترسو قبالة الساحل اليمني طوال الحرب التي دامت سبع سنوات الآن، ما قد يؤدي إلى تدفق 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف إلى البحر الأحمر. الناقلة، وهي منشأة عائمة لتخزين النفط، تقطعت بها السبل على بعد حوالي خمسة أميال بحرية قبالة الشاطئ، و 32 ميلًا بحريًا من ميناء الحديدة الرئيسي، منذ عام 2015 دون أي صيانة.
الرئيس السابق للشركة المالكة للناقلة التي تديرها الدولة—شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج، والتي كانت قبل الحرب تقوم بصيانة سنوية بملايين الدولارات—وصف الناقلة العملاقة المتآكلة بأنها "قنبلة، "في تقرير مفصل لمجلة نيويوركر. بدأت مياه البحر تتسرب إلى غرفة محركات السفينة صافر في مايو/أيار 2020، تم احتواء ذلك من قبل طاقم صيانة الطوارئ الذي يعاني من نقص شديد في الموظفين، بما في ذلك فريق من الغواصين الذين عملوا بشكل مُجهد على مدار خمسة أيام. ولكن كما قال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ في الأمم المتحدة، لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "الإصلاح الذي قاموا به مؤقت فقط، ومن المستحيل تحديد المدة التي قد تتماسك فيها السفينة." كان ذلك قبل عامين.
أوقف الحوثيون خطط تفريغ النفط ومنع تسرب النفط في البحر الأحمر الذي حذر أحد المحللين من أنه سيكون "أكبر كارثة نفطية من صنع الإنسان يتم تسجيلها على الإطلاق." نظرًا لأن الحوثيين يسيطرون على ميناء الحديدة والمنطقة المحيطة بها، فإنهم يتحكمون في الوصول إلى الناقلة المتدهورة. لقد لعب الحوثيون لعبة خطيرة، باستخدام سفينة صافر كورقة مساومة في اليمن، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما الذي يفاوضون من أجله حقًا. على الرغم من المحاولات المتكررة من قبل الأمم المتحدة لتفقد السفينة أولًا ثم إطلاق مهمة إنقاذ، إلا أن الحوثيين يعرقلون الطريق باستمرار.
لجأت الأمم المتحدة مؤخرًا إلى التمويل الجماعي لتأمين الأموال اللازمة لمهمة الإنقاذ، لكنها لا تزال بحاجة إلى 20 مليون دولار إضافية. قال مايكل بيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، في بيان هذا الأسبوع: "إنّ عدم وجود إلحاح من الحكومات جعل اليمن يقترب بشكل خطير من كارثة إنسانية وبيئية جديدة." وأضاف: "من غير المفهوم أن الأمم المتحدة أصبحت الآن تسعى إلى تمويل جماعي بقيمة 20 مليون دولار في حين أن الأضرار المحتملة قد تكون أكبر ألف مرة."
كل يوم، هناك خطر متزايد من أن تنفجر الناقلة، ما قد يتسبب في أضرار بيئية لا يمكن إزالتها لليمن والبحر الأحمر، ويؤدي إلى تعطيل الممرات الملاحية الحيوية في مضيق باب المندب القريب، وهو ممر ضيق بين اليمن وجيبوتي، في القرن الأفريقي، وهو ممر حيوي للغاية للتجارة العالمية. ستكون الآثار ملموسة خارج اليمن نظرًا لسلاسل التوريد العالمية. في اليمن نفسه، قد يجبر تسرب النفط ميناء الحديدة على الإغلاق، ما يؤدي إلى إغلاق الميناء الرئيسي لدخول الواردات الأساسية من المواد الغذائية والأدوية والسلع الأساسية الأخرى لغالبية اليمنيين. في عام 2018، حذرت منظمات إنسانية من أن مئات الآلاف من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في اليمن قد يموتون إذا تعرض ميناء الحديدة للإغلاق.
التهديد الذي تشكله ناقلة صافر يتراكم منذ سنوات على مرأى من الجميع. سبق أن ألقى لوكوك باللوم على الحوثيين في عرقلة عمل الأمم المتحدة، قائلًا إنهم "غير مستعدين لقبول مهمة خاصة بتلك العملية. وبدلًا من ذلك، فرضوا شروطًا مسبقة وربطوا ناقلة صافر بمسائل أخرى."
أبلغ الحوثيون الأمم المتحدة، عدة مرات في السنوات الأخيرة، بموافقتهم الظاهرية على مهمة تفقد الناقلة وإخراج نفطها، لكنهم يغيّرون رأيهم في اللحظات الأخيرة، حيث أنهم في كل مرة يثيرون مطلبًا جديدًا، بما في ذلك أن يتم استبدال صافر بناقلة نفط أخرى. قال لوكوك لمجلس الأمن العام الماضي: "يبدو أن النقطة الخلافية الرئيسية هي بالضبط ما ستحاول بعثة الأمم المتحدة فعله—وبشكل أكثر تحديدًا—لماذا لا تستطيع الأمم المتحدة الوصول إلى اتفاق يتعلق بالإصلاحات."
أخيرًا، في مارس/آذار الماضي، وقّعت الأمم المتحدة مذكرة تفاهم مع الحوثيين، تنص على أن جميع الموقعين "يقرون بأن السلطات في صنعاء"—أي الحوثيين—"لا يتحملون أي التزامات مالية،" ما يعني أن الأمم المتحدة ستمول مهمة الإنقاذ. كما ذكرت أن "السلطات في صنعاء ملتزمة بتقديم كافة التسهيلات لإنجاح المشروع." وبحسب المذكرة، فإن الأمم المتحدة "التزمت" بتوفير بديل لناقلة صافر في غضون 18 شهرًا، مع إمكانية وجود ناقلة مؤقتة لتفريغ نفط صافر.
لا تزال الأمم المتحدة بحاجة ماسة إلى 80 مليون دولار للجزء الأول من المهمة، لإخراج النفط (بالإضافة إلى ما يقدر بنحو 64 مليون دولار بعد ذلك لوضع ناقلة جديدة في مكانها، على الرغم من أن ذلك يمكن تحمله جزئيًا عن طريق بيع قطع ناقلة صافر كخردة). لكن الحوثيين انتقدوا جهود الأمم المتحدة لجمع التبرعات، زاعمين أنهم "لم يمتثلوا" لمذكرة مارس/آذار، على الرغم من أن الأمم المتحدة قالت أنها "ستبذل كل الجهود لتأمين الأموال اللازمة." حتى أن المسؤولين الحوثيين أصدروا بيانًا في أوائل مايو/أيار ألقوا فيه باللوم على الأمم المتحدة في "عدم الامتثال" للاتفاق، ما يقوّض جهود التمويل الجماعي التي تقوم بها الأمم المتحدة وجعل عرضها على المانحين المترددين بالفعل أكثر صعوبة.
عند محاولة التواصل معهم، لم يرد المسؤولون الحوثيون على أسئلة حول سبب انتقادهم لنداءات جمع التبرعات. لم يصل راسل جيكي، مستشار التواصل لمنسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، إلى حد إلقاء اللوم على الحوثيين، حيث قال في مقابلة عبر البريد الإلكتروني "من وجهة نظرنا اليوم، المهم هو أن لدينا خطة منسقة من الأمم المتحدة تدعمها جميع أطراف النزاع، بما في ذلك سلطات صنعاء."
وأضاف جيكي أنه لا توجد "شروط مسبقة مفروضة على أحد" من قبل الحوثيين. وأضاف: "بالنسبة لسلطات صنعاء، كان من المهم الحفاظ على قدرة [نفطية] تعادل ناقلة صافر، والتي تم تضمينها في خطة العمليات ذات المسارين التي تدعمها جميع الأطراف." وقال جيكي أن كلًا من الحوثيين وخصمهم في جنوب اليمن، الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، تم تزويدهم بخطة عمليات الأمم المتحدة قبل التعهد. وذكر أنه "منذ ذلك الحين، أعربت سلطات صنعاء باستمرار عن دعمها للخطة التي تنسقها الأمم المتحدة في اجتماعات معنا."
لكن كما قال جيري سيمبسون، المدير المساعد للأزمات والصراع في منظمة هيومن رايتس ووتش، لصحيفة واشنطن بوست: "الحوثيون يعرّضون حياة 30 مليون شخص وسبل عيشهم ورفاهيتهم للخطر لأسباب استراتيجية وعسكرية وسياسية." في حين تمت مقارنة الناقلة بانفجار ميناء بيروت المميت في عام 2020، والذي نتج عن مخزونات من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار محفوظة في مستودعات مهملة لسنوات، فإن الوضع في اليمن هو نتيجة للحرب القائمة فيها، حيث يرى الحوثيون أن ناقلة صافر هي وسيلة ضغط.
يمكنهم استخدامها في مفاوضات الحرب الأخرى. وأضاف سيمبسون: "في حالة سلطات بيروت، يبدو الأمر وكأنه إهمال محض." وأضاف "الحوثيون ليس لديهم أي مصلحة على الإطلاق في التخلص من المزايا الاستراتيجية في حربهم ضد السعوديين. الناقلة هي أداة تفاوض للوصول إلى أهدافهم الاستراتيجية."
حتى لو قام الحوثيون في النهاية بتسهيل مهمة الأمم المتحدة، يظل التمويل عقبة خطيرة. حيث قال جيكي "هناك مخاطر إذا انتظرنا وقتًا طويلًا للحصول على تمويل. الخطر الأعظم، بالطبع، هو أن تنهار السفينة، وهو احتمال متزايد كل يوم، وخاصة في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، عندما تكون التيارات متقلبة والرياح قوية جدًا."
المخاطر تستمر في الزيادة. يجب أن يكون الحوثيون، أكثر من أي طرف آخر في اليمن، هم الأكثر اهتمامًا بهذه الكارثة الوشيكة. لكنهم يتصرفون بتهور، حيث قدّموا في البداية مطالب غير معقولة ثم قوضوا جهود الأمم المتحدة لتجنب تسرب نفطي من شأنه أن يدمر اليمن. لن يغفر اليمنيون للحوثيين هذا الفشل.