اللواء طارق مرزوق هو مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون، ويشار إليه عمومًا برئيس مصلحة السجون في مصر. باختصار، مرزوق هو أكبر مسؤول حكومي مكلف بالإشراف على السجون المصرية، بما في ذلك صحة وسلامة السجناء والأوضاع داخل السجون. بصفته المسؤول الحكومي الأول عن الإشراف على السجون المصرية، فإن مرزوق مسؤول عن انتهاكات حقوق الإنسان الموثقة وواسعة النطاق والممنهجة، لا سيما التعذيب والأوضاع اللاإنسانية في هذه السجون. لقد فشل في تخفيف الانتهاكات في السجون المصرية والتي وصفتها منظمات حقوق الإنسان بأنها جرائم ضد الإنسانية.
يغلب على السجون المصرية التعذيب المنهجي وإساءة معاملة السجناء وظروف معيشية مروعة. غالبًا ما يحرم مسؤولو السجون المعتقلين من حقوقهم الأساسية، في حين يجبرونهم على العيش في ظروف قاسية وغير إنسانية. الإهمال الطبي، من خلال تقييد قدرة المعتقلين على الحصول الرعاية الطبية والأدوية، متفشي في السجون المصرية، ما ساهم في وفاة 59 سجينًا رهن الاحتجاز في عام 2021. بالإضافة إلى ذلك، حظر مسؤولو السجون نشطاء الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين المعارضين المسجونين من تلقي زيارات عائلية، غالبًا لفترات طويلة على أسس تعسفية، واحتجازهم بانتظام في الحبس الانفرادي.
قالت سارة لي ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN): "طارق مرزوق مسؤول عن سجون مصر، وبالتالي التعذيب الممنهج والظروف المروعة الموجودة داخل هذه السجون." وأضافت: "التعذيب وإساءة معاملة السجناء والإهمال الطبي هي السمات المميزة للسجون المصرية لأكثر من 60 ألف سجين سياسي محتجزين داخل هذه السجون. يجب محاسبة مرزوق والممكِّنين الآخرين لهذه الانتهاكات في نظام السيسي الاستبدادي".
تعد أوضاع السجون في مصر من بين الأسوأ في العالم، كما وثقتها العديد من المصادر، بما في ذلك تقرير عام 2021 الذي نشرته منظمة العفو الدولية. حرمان السجناء من السلع الأساسية يجعل تحمل هذه الظروف أكثر صعوبة، كما يفشل مسؤولو السجن بشكل روتيني في توفير الطعام المناسب والفراش والملابس، وكذلك لوازم التنظيف ومواد النظافة الشخصية للمحتجزين. يفيد السجناء بانتظام أنهم ينامون على أرضيات عارية، مع القليل من الكهرباء إن لم تكن منعدمة في البرد القارس، وغالبًا في زنازين مكتظة بشكل متعمد، وبدون وصول تقريبًا إلى الضوء أو الهواء النقي. مجمل هذه التجاوزات والحرمان هي تجريد السجين من إنسانيته، وهو ما يعطي بدوره تحذيرًا صارخًا للمصريين الذين قد يعارضون الحكومة أو يدعون إلى الإصلاح الديمقراطي.
في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، كانت الشرطة المصرية ومسؤولو الأمن القومي يعذبون بانتظام المعارضين السياسيين بالضرب والصعق بالصدمات الكهربائية والأوضاع المجهدة وحتى الاغتصاب. انتشر التعذيب على نطاق واسع لدرجة أن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة خلصت في عام 2017 إلى أن الوقائع "تؤدي إلى استنتاج واضح بأن التعذيب ممارسة ممنهجة في مصر". تعد السجون أحد المواقع الرئيسية للتعذيب داخل مصر، وحتى الأطفال يواجهون الاعتقال التعسفي والاعتداء الجسدي الذي يرقى إلى مستوى التعذيب.
بعد أيام قليلة من تعيينه رئيسًا لمصلحة السجون، قال مرزوق أن ما يتم تداوله في الخارج حول كيفية إدارة السجون المصرية يشوبه الكذب والافتراء، وأن الحكومة تطبق القانون السائد على الجميع دون استثناء. لكن عند إلقاء نظرة فاحصة على سجل مرزوق، يظهر الحجم الهائل للانتهاكات في السجون المصرية تحت قيادته. على سبيل المثال، في مارس/آذار 2021، أفادت منظمة (We Record)، وهي منصة دولية لحقوق الإنسان تتعقب وتوثق انتهاكات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن مديري سجن القناطر منعوا الطعام والمواد الأساسية من دخول السجن للمعتقلين. وشمل هذا الحظر الطعام ومنتجات النظافة الشخصية والملابس الشتوية والبطانيات.
هذه الأعمال تنتهك القانون المصري. تنص المادة 16 من قانون تنظيم السجون (رقم 396 لسنة 1956، المعدل في يناير/كانون الثاني 2015) على أنه يجوز للمحبوسين احتياطيًا استحضار ما يلزمهم من الغذاء من خارج السجن أو شراؤه من السجن أو يتم توفير الطعام لهم من قبل مسؤولي السجن. ومع ذلك، غالبًا ما يمنع مسؤولو السجون عن المحتجزين احتياطيًا الطعام الذي يجلبونه من عائلاتهم. غالبًا ما يقبل المسؤولون أو يرفضون الأطعمة المختلفة—المانجو أو العنب أو زيت الزيتون أو العسل—بشكل تعسفي، معتمدين على أسباب غامضة تتعلق بالأمن القومي والسلامة العامة وهو ما يمكن اعتباره إساءة استخدام لسلطاتهم. في كثير من الحالات، يذهب مسؤولو السجن إلى أبعد من ذلك، حيث يحرمون السجين من الأدوية والطعام والملابس والكتب التي تجلبها عائلته. والنتيجة النهائية هي معاقبة السجين وتقويض دعم الأسرة.
يعاني السجناء المصريون في كثير من الأحيان من ظروف خطرة بسبب تدني المستوى الصحي أو الإهمال المتعمد للصحة والصرف الصحي. ينفي مسؤولو السجون هذه الحقائق ويصورون السجون المصرية على أنها أماكن نظيفة وآمنة. وتشمل هذه الممارسة المضللة الإصرار على الأكاذيب المتعلقة بصحة السجين ووباء فيروس كورونا. فقد أكد مرزوق في مايو/أيار 2021 عدم وجود حالات إصابة بفيروس كورونا في السجون المصرية، مضيفًا أنه لم يتم الكشف عن حالة واحدة بسبب الإجراءات الاحترازية الصارمة التي اتخذها وزير الداخلية. وزعم مرزوق أن هذه الإجراءات الاحترازية تضمنت تطهير جميع زنزانات السجن بشكل يومي، والتأكد من التباعد الاجتماعي داخل قاعات الطعام والمكتبات والمساجد ومستشفيات السجون، وإلزام جميع السجناء بارتداء الكمامات وإجراء الفحوصات وقياس درجة حرارة زوار السجن.
على الرغم من هذه الادعاءات، فقد عزت المنظمات المراقبة العديد من الوفيات الأخيرة في السجون جزئيًا على الأقل إلى عدوى فيروس كورونا. لا يزال النطاق الكامل لأمراض السجن والوفيات بسبب فيروس كورونا غير معروف. ومع ذلك، من المحتمل أن تكون هذه الأرقام كبيرة بسبب الظروف المعيشية السيئة في معظم السجون. تشير الوفيات المبكرة أيضًا إلى ارتفاع كمية الأمراض والوفيات الناجمة عن الوباء، وإن كانت خفية. على سبيل المثال، في 4 فبراير/شباط 2021، وثقت منظمة (We Record) وفاة ثلاثة محتجزين بسبب فيروس كورونا.
إنّ عدم رغبة مرزوق ومصلحة السجون في التحدث بصدق عن حالات الإصابة بفيروس كورونا داخل السجون يؤكد القضية الأكبر المتمثلة في الإهمال الطبي ومنع العلاج الطبي عن قصد. تنتشر هذه الممارسات غير القانونية داخل السجون المصرية وتشكل تهديدًا خطيرًا لصحة وسلامة السجناء. على سبيل المثال، في أبريل/نيسان 2021، دعت عائلة هشام عبد العزيز، الصحفي المصري المحتجز احتياطيًا منذ اعتقاله في 20 يونيو/حزيران 2019، مسؤولي الأمن المصريين للإفراج عن عبد العزيز بسبب مخاوف صحية. يحتاج هشام لإجراء عملية جراحية في عينه اليمنى وإلا سيفقد بصره.
رفضت مصلحة السجون التصرف وعبد العزيز لا يزال مسجونًا. منع مسؤولو السجون بشكل ممنهج الرعاية الطبية الكافية عن السجناء المحتاجين وتوفي المئات في السجن. ترفض الحكومة المصرية الإفصاح عن بيانات عن المحتجزين، لذا من المرجح أن يكون العدد الفعلي للوفيات أعلى من ذلك بكثير.
بالإضافة إلى الحرمان من الطعام والأدوية والسلع الأساسية، ينتشر التعذيب والإيذاء الجسدي. ففي سجن شبين الكوم، اعتدى مأمور السجن ومسؤولون آخرون على مجموعة من السجناء بعد أن أبلغوا لجنة حكومية تتفقد السجن بسوء ظروف السجن. في 7 مارس/آذار 2021، أثناء جلسة محاكمة بمحكمة شبين الكوم، شهد هؤلاء المحتجزون أن مسؤولي السجن فتشوا زنازينهم وكبلوا أيديهم خلف ظهورهم قبل الاعتداء عليهم بشدة. وبعد هذا الاعتداء نقل المسؤولون بعض المحتجزين إلى الأجنحة الخاصة وآخرين إلى أجنحة التأديب. لم يتم توبيخ أو معاقبة أي من مسؤولي السجن على هذه الأفعال.
في حين أن ظروف السجون المصرية صعبة على جميع السجناء، غالبًا ما يواجه السجناء السياسيون ظروفًا مروعة بشكل خاص وانتهاكات مستهدفة. على الرغم من هذه الحقيقة المعترف بها على نطاق واسع، يرفض مرزوق الاعتراف بوجود سجناء سياسيين. ففي 24 أبريل/نيسان 2021، صرح بأن السجون المصرية لا تميز بين المعتقلين السياسيين وغيرهم من السجناء.
هذا التصريح ببساطة غير صحيح ويسعى إلى التعتيم على القمع السياسي الشامل والممنهج الذي تقوم به الحكومة المصرية. في المقابل، تقدّر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن هناك حوالي 65,000 سجين سياسي في السجون المصرية أو رهن الحبس الاحتياطي. توصلت العديد من منظمات حقوق الإنسان إلى استنتاجات مماثلة، حيث ذكرت أن هناك ما لا يقل عن 60 ألف سجين سياسي في مصر.
يُعتقل معظم السجناء السياسيين لممارستهم حريتهم في تكوين الجمعيات وحرية التعبير، وتعمل السجون المصرية جاهدة لاستيعاب الاعتقالات السياسية الجديدة. افتتحت الحكومة المصرية ما لا يقل عن 34 سجنًا جديدًا منذ وصول السيسي إلى السلطة في انقلاب عسكري عام 2013، وأعلنت وزارة الداخلية عن افتتاح ثمانية سجون أخرى في يونيو/حزيران 2021.
تم تعيين مرزوق رئيسًا لمصلحة السجون في 12 يناير/كانون الثاني 2021، لكنه شغل عدة مناصب أمنية قبل هذا التعيين. شغل مرزوق منصب رئيس مديرية أمن الجيزة في ديسمبر/كانون الأول 2019 بعد أن عينه وزير الداخلية في منصب حكمدار العاصمة في يوليو/تموز 2019. تمتد مسيرة مرزوق المهنية في الحكومة لما يقرب من ثلاثين عامًا في وزارة الداخلية، بما في ذلك مناصب في إدارة مباحث الأموال العامة في إدارة الكسب غير المشروع ومناصب مختلفة بالقاهرة ومساعد مدير الأمن بمديرية أمن أسوان قبل تعيينه بالجيزة.
قد يكون مرزوق مسؤولًا جنائيًا عن هذه الأفعال، لأنه كرئيس لمصلحة السجون، كان يعلم أو كان يجب أن يكون على علم بجرائم التعذيب التي تُرتكب في جميع سجون مصر وأنه فشل في منع هذه الجرائم أو المعاقبة عليها. بموجب مبدأ مسؤولية القيادة أو الرئاسة، يعتبر مرزوق مسؤولًا عن سلوك مرؤوسيه، وقد يكون مسؤولًا جنائيًا عن جرائمهم بسبب علاقة الرئيس بالمرؤوس التي تجمعه مع الجناة، لأنه كان يعلم أو كان لديه سبب ليعرف أن هذه الجرائم قد ارتُكبت أو كانت على وشك أن يتم ارتكابها، ولأنه على الرغم من هذه المعرفة، فشل عمدًا في منع هذه الجرائم أو المعاقبة عليها. يشكل هذا المبدأ جزءًا من القانون الدولي العرفي وينطبق على القادة المدنيين والعسكريين.
طلبت منظمة (DAWN) ردًا من مرزوق بتاريخ 4 فبراير/شباط 2022 لكن لم يتم تلقي أي رد حتى وقت النشر.
أخبرْ مرزوق بأن عليه وقف انتهاكات حقوق الإنسان في السجون المصرية. اكتب له على تويتر وفيسبوك.
حول معرض الجناة الخاص بمنظمة (DAWN)
لا يمكن لطاغية أن يفرض طغيانه على بلدٍ كاملٍ بمفرده فهو بحاجة إلى من يساعده في تنفيذ ممارساته القمعية حتى ولو تسبب هذا في الإضرار بمصالح مواطنيه. هؤلاء الموظفون كثيرًا ما يعملون في الظل حيث يقومون بإخفاء تواطئهم تحت غطاء مهنيين يؤدون واجباتهم في المكاتب وقاعات المحاكم ومراكز الشرطة وغرف الاستجواب. تسعى منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي "DAWN" إلى الكشف عن هوية موظفي الدولة الذين يساعدون في تكريس القمع، وجعل مسألة التعرف عليهم سهلة في الداخل والخارج. يتحمل الأفراد الذين تسميهم المنظمة "الجناة" المسؤولية الإدارية أو المدنية أو الأخلاقية أو السياسية عن انتهاكات حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية.