شادي حميد هو زميل أول في مركز سياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينغز. كتابه القادم هو مشكلة الديمقراطية: أمريكا والشرق الأوسط وصعود وسقوط فكرة.
English
مر عام على الانقلاب البطيء الذي قام به الرئيس قيس سعيّد في تونس. ربما ذلك البطء في عملية الانقلاب هو مفتاح نجاحه. إنني أفضّل عدم كتابة هذا الأمر وكأنه نوع من التأبين السياسي. لكن يبدو أن الكتابة بصيغة الماضي مناسبة، على الأقل في الوقت الحالي. هذا لا يعني أن التونسيين لن يكونوا قادرين على انتزاع بلادهم من هذا الرئيس متزايد السلطوية.
أتمنى وأدعو الله أن يفعلوا ذلك. لكن في أسبوع كهذا—مع تحرّك سعيّد لتكريس سلطاته الاستبدادية في استفتاء دستوري مُدار على مراحل—من الجدير التحدث عن خطورة ما حدث.
بشكل ما، هذا ما أراده التونسيون. ليس كل التونسيين بالطبع، لكن معظمهم حسب استطلاعات الرأي المختلفة. لقد رأوا الجمود البرلماني وحكومات ائتلافية غير فعالة وانهيارًا اقتصاديًا وكانوا مستعدين لقائد يمكن أن يقدم رؤية مختلفة تمامًا. كان ذلك الرجل قيس سعيّد. ومن المثير للاهتمام، أن سعيّد، أستاذ القانون الدستوري والذي يعتبر نفسه شعبويًا صريحًا، لم يكن يتمتع بشعبية خاصة في البداية.
في يونيو/حزيران 2021، كانت نسبة قبوله 38 في المئة فقط. لكن بعد أن حلّ الحكومة وعلّق البرلمان إلى أجل غير مسمى في 25 يوليو/تموز، بدعم من الجيش، ارتفعت نسبة تأييده إلى 82 في المئة. لعدة أشهر بعد ذلك، ظل يتأرجح ما بين 70 و 80 في المئة، قبل أن تنخفض النسبة إلى حدٍ ما. في استطلاع أُجري في شهري ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني الماضيين، وجد عالما السياسة ألكسندرا دوميك بلاكمان وإليزابيث نوجنت أن ما يقرب من 80 في المئة من التونسيين ينظرون إلى استيلاء الرئيس على السلطة بشكل إيجابي، بينما يعتقد أقل من 15 في المئة أنه يهدد الديمقراطية والحقوق الأساسية. بعبارة أخرى، هناك أدلة دامغة على أن الغالبية العظمى من التونسيين كانوا لا يزالون على الأقل يدعمون الانقلاب إلى حد ما بعد أن أمضوا أكثر من أربعة أشهر لإعادة النظر في رأيهم.
للتأكيد، لا ينبغي أن تؤخذ بيانات هذا الاستطلاع في ظاهرها. هذا الأمر معقد. هذه الأرقام لا تقيس مدى الحماس. أو بعبارة أخرى، فإن القول بأنك تدعم شيئًا فهذا شيء، بينما التصرف وفقًا لذلك في الحياة الواقعية شيء آخر تمامًا. المواقف ليست هي السلوك. في نظرة عامة على مقاييس الدعم المختلفة، يرى محمد ضياء حمامي وشاران غريوال بأن الدعم لسعيّد ضحل نسبيًا، ما يعكس أغلبية "صامتة" وغير مبالية إلى حد كبير. علاوة على ذلك، يبدو أن عدم الرضا قد زاد بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. تقريبًا جميع الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد تدعو إما إلى مقاطعة الاستفتاء أو التصويت بـ "لا" ضد دستور سعيّد.
ومع ذلك، يظل السؤال القائم: من المفترض أن تونس كانت النقطة المضيئة الوحيدة في الربيع العربي، كيف يمكن لدولة وشعب أن يهدرا مثل هذه المكاسب الكبيرة بهذه السرعة؟ مرة أخرى، الأمر معقد. أتذكر بعد إعلان سعيّد عن القرار الجديد في يوليو/تموز الماضي، نصحني العديد من الأصدقاء والمعارف التونسيين بتجنب القفز إلى الاستنتاجات. شعروا، ربما بشكل صحيح، أنني كنت متأثرًا للغاية بانقلاب 2013 في مصر وأن مقارنة التونسيين بالمصريين أضر بالأول. قالوا أن التونسيين مختلفون. فبعد 10 سنوات من الممارسة الديمقراطية، لن يقبلوا أبدًا بالعودة إلى الاستبداد.
لسوء الحظ، لم يكن هذا مختلفًا تمامًا عما أصر عليه العديد من مؤيدي انقلاب عبد الفتاح السيسي في الأيام والأسابيع التي أعقبت توليه السلطة في مصر منذ ما يقرب من عقد من الزمان. بالنسبة للمراقبين والمحللين الخارجيين مثلي، بدا بديهيًا أن ما حدث في مصر لم يكن مجرد انقلاب، لقد كان منهج انقلاب. كان الأمر كما لو أن المصريين اعتقدوا أنهم خارج التاريخ، محصنين ضد المكائد السياسية التي أنهت الديمقراطية في أماكن أخرى. صحيح أنني أو أي شخص آخر يكتب من الولايات المتحدة أو أوروبا، كان يتمتع بامتياز بُعد المسافة. لم يكن علينا أن نعيش عواقب آرائنا—أو بشكل أكثر دقة، عواقب انتخابات دول ليست دولتنا. ومع ذلك، في هذه الحالة، كانت المسافة ذات فائدة. كان للقرب تأثير مشوِّه. من الصعب الحكم على ثورة—أو انقلاب—عندما يمر المرء بها جسديًا.
كما تبين، لم يكن التونسيون أو المصريون استثناءًا. كون أن هذه الانقلابات كانت شعبية قد عزز هذه النقطة. بشكل عام، تميل الانقلابات الناجحة إلى التمتع بالدعم الشعبي، وإلا فلن تنجح.
أما لماذا وجد الكثير من العلمانيين والليبراليين التونسيين—الذين كان من المتوقع أن يدافعوا عن الديمقراطية—أنفسهم مغرمين بأداء سعيّد، الرجل القوي، فإن جزء من التفسير يكمن في معضلة الشرق الأوسط الديمقراطية الطويلة. يختلف تقدير الديمقراطية نظريًا عن الإعجاب بنتائجها في الممارسة. في تونس، كما هو الحال في معظم أنحاء المنطقة، أنتجت الديمقراطية مكاسب للإسلاميين. حتى مع انخفاض الدعم والشعبية عن حزب النهضة، الحزب الإسلامي الرئيسي في البلاد، فقد انتهى به المطاف بأن يكون أكبر كتلة برلمانية بعد انتخابات 2019 بسبب انقسام منافسيه العلمانيين.
أصبح راشد الغنوشي، المؤسس المشارك والرئيس المثير للجدل لحزب النهضة، رئيسًا للبرلمان، وهو نفس البرلمان الذي أغلقه سعيّد بإجراءات موجزة في اليوم الأول من انقلابه قبل عام. وكما أشار شاران غريوال وإيان ديهافن وصلاح الدين ساتوري مؤخرًا في صحيفة الواشنطن بوست، فإن احتمال إعادة البرلمان المُحل هو نقطة شائكة بالنسبة للمعارضة، لأنه سيعني العودة إلى السيطرة الإسلامية المتصورة.
بالنسبة للعديد من التونسيين العاديين، كانت مصادر عدم الرضا أكثر عمومية وشمولية. لقد جلبت ثورة 2011، مثلها مثل أي ثورة، آمالًا كبيرة. لم تتحقق هذه التوقعات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها لا يمكن أن تتحقق. تقدم الديمقراطيات، في المتوسط، نتائج اقتصادية أفضل على المدى الطويل. ومع ذلك، لا يعيش المواطنون على المدى الطويل. على مدى 10 سنوات، بينما كان الاقتصاد التونسي يعاني، عانى التونسيون بدورهم. وعدهم قيس سعيّد بحياة أفضل. ماذا لديهم ليخسروا؟ الجواب للأسف هو: الكثير. الاقتصاد ليس شيئًا يمكن لرجل واحد إصلاحه بمفرده. ومع ذلك، فإن الديمقراطية شيء يمكن لرجل واحد أن يدمره—إذا سمح له عدد كافٍ من الناس بذلك.