جذبت التعددية الحزبية في الانتخابات البرلمانية الأردنية، التي أُجريت في سبتمبر/أيلول 2024، اهتمام وسائل الإعلام العالمية إضافة إلى تفوق حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو الحزب السياسي الإسلامي الرئيسي في البلاد، ووفّرت للملك عبد الله مبررًا جديدًا لإبقاء البرلمان معطلًا من 10 سبتمبر/أيلول إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني. وبدلًا من أن تُبشر هذه الانتخابات وما تلاها بالمشاركة الديمقراطية في البلاد، فقد كشفت تراجع سلطة البرلمان وانكماش دوره، بسبب تركيز الملك للسلطات بين يديه بشكل أكبر، وتجنّبَ أي تدقيق أو مساءلة لأدائه، وفرضه لخطط تنمية خلافية مُبالغ فيها ومُبذرة، وزاد من تقييد حق الأردنيين في اختيار قادتهم السياسيين.
تُحلل ورقة الإحاطة هذه نتائج الانتخابات الأخيرة وتضعها في سياق التاريخ الطويل لجهود الملك عبد الله للحد من وظيفة البرلمان وتقييدها. وتُقيّم الورقة قمع الملك المتزايد في البلاد، بما في ذلك قمع الأصوات السياسية وأصوات المجتمع المدني المستقلة، وتستعرض خطط الملك التنموية المقترحة، وتوصي باستجابات سياسية للحكومة الأمريكية.
تركيز السلطة في يد الملك، وتزايد الاستبداد
تتكون الهيئة التشريعية الأردنية من مجلسين مجلس نواب منتخب، ومجلس أعيان يعينه الملك، وقد شهدت هذه الهيئة تقلصًا ملحوظًا في سلطتها على مدى عقود. فمنذ خمسينيات القرن الماضي، عندما كان البرلمان يتمتع بسلطة اتخاذ القرار الفعلية، جُرّد تدريجيًا من نفوذه، وتحوّل إلى مجرد واجهة سياسية يستخدمها النظام الملكي عند الحاجة. وقد أدت سلسلة من التعديلات الدستورية، التي اقترحها الملك عبد الله الثاني ووافق عليها البرلمان بسرعة في أعوام 2014 و2016 و2021، إلى تقليص دوره بشكل أكبر.
ينص الدستور الأردني على إجراء انتخابات لمجلس النواب كل أربع سنوات. ويتألف مجلس النواب، وهو المجلس الأدنى، من 138 عضوًا منتخبًا، بينما يتألف مجلس الأعيان، وهو المجلس الأعلى، من 69 عضوًا، يُعيّنهم الملك جميعًا. تمنح عملية التعيين هذه الملك سيطرة على العملية التشريعية، حيث يمتلك مجلس الأعيان سلطة إلغاء التشريعات التي يقرها مجلس النواب المنتخب.
وإلى جانب السيطرة التشريعية، يتمتع الملك بسلطة تنفيذية واسعة. فلا يتم تشكيل الحكومة من قبل البرلمان؛ بل يُعيِّن الملك ويُقيل رئيس الوزراء والوزراء منفردًا وفقًا لتقديره. هذا يجعل مجلس الوزراء مجتمعًا، وكل وزير على حدة، يعملون وفقًا لإرادة الملك، مع مساءلة محدودة أمام البرلمان باستثناء حضور أعضاء الحكومة اجتماعات اللجان من حين لآخر. إضافةً إلى ذلك، يُعيِّن الملك مباشرةً قادة الجيش والأجهزة الأمنية، والمجلس القضائي وقضاة المحكمة الدستورية. كما يُعيِّن مفتي الأردن وقاضي القضاة.
بعد الاستقلال، كان مجلس النواب الأردني هو المركز الرئيسي للحكم. يُعرّف الدستور النظام السياسي بأنه "برلماني ملكي وراثي". إلا أنه في أبريل/نيسان 1957، قلب الملك حسين، والد الملك الحالي، هذا التوازن في السلطة، بنقل مركز السلطة من البرلمان إلى الملك. فقد همّش البرلمان، واعتقل وسجن العديد من الأعضاء المنتخبين، وحلَّ الهيئات التشريعية تعسفيًا في مناسبات متعددة، وعلّق الانتخابات البرلمانية من عام 1966 إلى عام 1984، عندما سمح بإجراء انتخابات تكميلية لاستبدال الأعضاء المتوفين المنتخبين عام 1966. في الواقع، ظل الأردن تحت الأحكام العرفية المستمرة من عام 1957 حتى عام 1989. في ذلك العام، واستجابةً للاحتجاجات على الأزمة الاقتصادية في البلاد، رفعت الحكومة الحظر المفروض على الأحزاب السياسية وأعادت البرلمان، ما سمح بانتخاب هيئة تشريعية جديدة كليًا. وأجرى الأردن آخر انتخابات برلمانية له في 10 سبتمبر/أيلول 2024، في ظل فترة من القمع السياسي المكثف، اتسمت باعتقال نشطاء وكتّاب، وحظر واسع النطاق للعديد من الأحزاب السياسية، وإجراءات أخرى مناهضة للديمقراطية. ومارست السلطات اعتقالات تعسفية، واحتجازات مطولة قبل المحاكمة، وحلّ منظمات مدنية وجماعات سياسية، ما حدّ من مساحة العمل المدني. واستخدمت قانون الجرائم الإلكترونية لتجريم النشاط السياسي السلمي وتقييد حرية التعبير.
يعكس الجدل الوطني الدائر في الأردن بشأن التعديلات الدستورية المتعددة التي أجراها الملك (2011، 2014، 2016، 2021) شعورًا عميقًا بعدم الثقة المتبادلة بين الملك ومؤسسات الدولة الأردنية ومواطنيها. وقد برّرت وسائل الإعلام الموالية للحكومة سيطرة الملك المطلقة على الأجهزة العسكرية والأمنية كضمانة ضد احتمال ظهور أغلبية برلمانية معارضة تؤدي إلى تشكيل مجلس الوزراء. علاوةً على ذلك، فإن سعي الملك إلى ممارسة سلطة مطلقة على مؤسسات الدولة يؤكد عدم اطمئنانه لقيادة دولة ديمقراطية مؤسسية. جميع المكونات الرئيسية للنظام الهاشمي، بما في ذلك العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال المتحالفة معهم وكبار المسؤولين الذين يعطون الأولوية للولاء للملك وعائلته، يرفضون الحكم الديمقراطي.
منذ عام 1954، اعتمدت الحكومة الأردنية بشكل كبير على قانون منع الجريمة والتعريفات الغامضة في قانون العقوبات لسجن النشطاء الديمقراطيين السلميين وجعل الحبس الاحتياطي ضدهم ممارسة شائعة. ووسّع قانون الجرائم الإلكترونية الصادر في أغسطس/آب 2023 سلطة الحكومة في اضطهاد الخطاب العام. فقد تمت مقاضاة وسجن العديد من الكتّاب والصحفيين والناشطين الأردنيين بموجب هذه القوانين، بمن فيهم هبة أبو طه، الناشطة التي احتجت على السياسات الأردنية خلال الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، وأيمن صندوقة، عضو نقابة المعلمين الذي اعتُقل لنشره رسالة إلى الملك على الفيسبوك. كما فرضت السلطات عقوبات شديدة على النشطاء والكتّاب المعتقلين، وغالبًا ما أخضعتهم للاحتجاز لفترات طويلة قبل المحاكمة. على سبيل المثال، احتُجز الناشط صبري المشاعلة، وهو مُعلّم من ذيبان (50 كيلومترًا جنوب عمّان)، احتياطيًا من 27 ديسمبر/كانون الأول 2022، حتى حكمت عليه محكمة أمن الدولة في 28 ديسمبر/كانون الأول 2023 بالسجن أربع سنوات بتهمة "التحريض على تقويض النظام السياسي". كما احتُجز محاميه، علي بريزات، لفترة وجيزة أثناء زيارة للقاء موكله.
وقبل انتخابات سبتمبر/أيلول 2024، حظرت الحكومة عشرات الأحزاب السياسية، بما في ذلك العديد من الأحزاب المُكرّسة للنهوض بحقوق المجتمعات الريفية المهمّشة. وأصدرت الهيئة المستقلة للانتخاب، المُرخّصة للأحزاب السياسية أيضًا، مُبرّرات واهية لهذا الحظر، وشكوك حول ولاء الأحزاب للملك.
كما شنّت السلطات الأردنية حملة قمع على المركز الوطني لحقوق الإنسان، المنظمة شبه المستقلة الوحيدة لحقوق الإنسان في البلاد، وأغلقت نقابة المعلمين بشكل غير قانوني ورفضت تنفيذ حكم قضائي بإعادة فتحها، وهو قرار لا يزال معلقًا منذ يونيو/حزيران 2022.
لعقود من الزمن، اعتمدت السلطات الأردنية أيضًا على المحاكم العسكرية—التي تُعرف بشكل مضلل باسم "محاكم أمن الدولة"—لمحاكمة المدنيين. وتضم هذه المحاكم، التي تعمل تحت إشراف دائرة القضاء العسكري، قضاة معينين عسكريًا يخدمون بالزي العسكري إلى جانب قضاة مدنيين تعينهم الحكومة. كما تستخدم الحكومة هذه المحاكم العسكرية لمقاضاة النشطاء والكتّاب والمثقفين السلميين، على الرغم من الدعوات الدولية المتكررة لإنهاء هذه الممارسة.
أعضاء البرلمان ليسوا بمنأى عن الإجراءات القمعية. ففي 6 يونيو/حزيران 2021، صوّت البرلمان على طرد النائب أسامة العجارمة، مشيرًا إلى اتهامات بـ "إهانة البرلمان وهيبته وسمعته وأعضائه واللوائح الداخلية". جاء هذا القرار عقب مشادة كلامية بين العجارمة ورئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات في 24 مايو/أيار 2021. وفي يوم الطرد، صرّح العودات بأن تصريحات العجارمة حول جلالة الملك "مستنكرة وغير مقبولة" لدى مجلس النواب.
لاحقًا، حوكم العجارمة أمام محكمة أمن الدولة بتهمٍ تشمل تعريض السلامة العامة للخطر، والتحريض على الفتنة، وتصنيع مواد قابلة للاشتعال بقصد الاستخدام غير المشروع، وتعاطي المخدرات. وفي 26 يناير/كانون الثاني 2022، أدانته المحكمة بجميع التهم، بما في ذلك "تهديد حياة جلالة الملك"، وحكمت عليه بالسجن 12 عامًا.
وفي 18 يناير/كانون الثاني 2023، صوّت مجلس النواب الأردني على فصل عضو آخر، محمد الفايز، دون أي مراجعة قضائية. واتهمت لجنة برلمانية خاصة الفايز بخرق الأعراف البرلمانية والدبلوماسية، مدّعيةً أنه أضرّ بسمعة البلاد ونظامها السياسي. وتستند هذه التهم إلى بيانٍ عام نشره في 14 ديسمبر/كانون الأول 2022، بعنوان "رسالة إلى ولي العهد محمد بن سلمان"، ذكر فيه بأن المساعدات الاقتصادية التي تقدمها الحكومة السعودية للأردن لا تفيد سوى "طبقة فاسدة".
الانتخابات البرلمانية في سبتمبر/أيلول 2024
في 10 سبتمبر/أيلول 2024، أُجريت الانتخابات البرلمانية في الأردن، بمشاركة 32.25% فقط من الناخبين المؤهلين—أي ما يعادل 1.6 مليون ناخب من أصل 5.1 مليون ناخب—لاختيار برلمان من 138 مقعدًا، وفقًا لرئيس الهيئة المستقلة للانتخاب موسى المعايطة. ولأول مرة في تاريخ الانتخابات الوطنية، أفادت الهيئة المستقلة للانتخاب أن 260,000 بطاقة اقتراع—أي ما يعادل حوالي 16.25% من إجمالي الأصوات—تُركت فارغة، كرفض رمزي لجميع الأحزاب السياسية. وبينما كان حزب جبهة العمل الإسلامي، الحزب المعارض الرئيسي في البلاد والمتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، هو الأقوى أداءً، إلا أن هذا يُعزى بالأساس إلى ضعف جماعات المعارضة الأخرى في البلاد والإجراءات الحكومية المُستهدفة ضدها.
واستنادًا إلى المواد 5 و6 و7 من قانون الانتخابات التي تُخوّل الهيئة المستقلة للانتخاب الموافقة على الناخبين المؤهلين، قامت الهيئة بشطب 727,000 شخص من قوائم الناخبين في البلاد. ومن بين هؤلاء، استبعدت الهيئة 515,000 أردني يعيشون في الخارج لأن القانون لا ينص على عملية تصويت واضحة للمغتربين. بالإضافة إلى ذلك، حذفت الهيئة 212,000 شخص ليس لديهم عنوان مسجل من القائمة النهائية للناخبين. وكان من الممكن أن يؤدي إدراج هذه الأصوات البالغ عددها 727,000 صوت في قوائم الناخبين العامة إلى خفض نسبة المشاركة إلى 28%.
وقد شكّلت نسبة المشاركة في التصويت وبطاقات الاقتراع الفارغة ومكاسب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات تحديًا كبيرًا لادعاءات الملك بوجود إجماع وطني على الحكم. وعزا المحلل محمد عرسان ضعف نسبة المشاركة إلى الإحباط الواسع النطاق بين الأردنيين إزاء غياب إصلاحات سياسية مجدية ومقنعة. وقدم أحد المعلقين وصفاً دقيقاً لنسبة 16.25% من الناخبين الذين قدموا بطاقات اقتراع فارغة بـ"الحزب السياسي الخفي"، في سياق التضييق على الحريات بالإجراءات قمعية.
ويُقصي قانون الانتخابات لعام 2022 ويُغفل فعليًا خيارات شريحة كبيرة من الناخبين، ما أدى إلى تشكيل برلماني لا يُمثل جميع الناخبين تمثيلًا كاملًا. ففي 10 يونيو/حزيران 2021، أنشأ الملك عبد الله الثاني اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وكلفها بمراجعة قوانين الأحزاب السياسية والانتخابات، وعيّن رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي رئيسًا لها. لم يكن للرفاعي مصداقية شعبية تُذكر لتولي هذا الدور، إذ أشرف على تزوير انتخابات عام 2010، وواجه هو نفسه مظاهرات تُطالب باستقالته عندما كان رئيسًا للوزراء بسبب هجماته على المجتمع المدني. وفي غضون أسابيع من تشكيلها، استقال ثلاثة من أعضاء اللجنة، وأعرب أحدهم عن قلقه من أن اللجنة صُممت "للحفاظ على الوضع الراهن فحسب".
وبناءً على توصيات اللجنة، أقرّ مجلس النواب قانون الانتخابات لعام 2022، مُدخلًا نظامًا انتخابيًا مزدوجًا لمقاعد مجلس النواب البالغ عددها 138 مقعدًا. بموجب هذا القانون، ينتخب الناخبون 41 مقعدًا من قائمة وطنية للأحزاب السياسية، 97 مقعدًا من القوائم المحلية (قائمة دائرة انتخابية تضمّ مرشحين مستقلين أو منتمين إلى أحزاب)، موزعين على 18 دائرة محلية.
من بين الأحزاب السياسية الخمسة والعشرين المتنافسة، تفوق حزب جبهة العمل الإسلامي، حيث حصل على 31 مقعدًا من أصل 138 مقعدًا (22%). كما فاز بـ 17 مقعدًا من أصل 41 مقعدًا (42%) لقوائم الأحزاب—وهي نسبة أعلى بكثير من حصته البالغة 28% من إجمالي الأصوات (464,350 من أصل 1,638,351). في غضون ذلك، حصلت الأحزاب التسعة الأخرى الموالية للحكومة (التي تصف معظمها نفسها بأنها وسطية أو محافظة على الرغم من افتقارها إلى أي مضمون أيديولوجي واضح) بشكل جماعي على مقاعد قوائم الأحزاب المتبقية البالغ عددها 24 مقعدًا (58%)، على الرغم من حصولها على 35% فقط من الأصوات المدلى بها (571,882 من أصل 1,638,351). ولأن 37% من الناخبين (602,119 من أصل 1,638,351) اختاروا مرشحين من قوائم أحزاب لم تصل إلى عتبة 2.5% للتمثيل في البرلمان، فقد تم استبعاد أصواتهم فعليًا من التمثيل في المقاعد البرلمانية على مستوى البلاد.
وفي الدائرة المحلية، وهي أصوات المرشحين الأفراد، فاز مرشحوا حزب لجبهة العمل الإسلامي بـ 14 مقعدًا، أحدهم مسيحي من الدائرة الثانية في عمّان؛ وحصل مرشحون مستقلون على 10 مقاعد؛ وحصلت مجموعة المرشحين المحافظين،والذين في أغلبهم يتماهون بشكل واضح مع الحكومة أو النظام الملكي، على 73 مقعدًا.
وقد تحدثت وسائل الإعلام عن تحسن الأداء الانتخابي لحزب جبهة العمل الإسلامي، وهي أعلى نتيجة انتخابية حصل عليها في الأردن حتى الآن، مصورةً إياه على أنه انتصار كبير أظهر نزاهة الانتخابات—وهو ادعاء يدعمه المراقبون الدوليون—وأطّرت المنافسة على أنها أول تصويت حر حقيقي منذ عام 1989. وأعربت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية عن قلقها إزاء مكاسب حزب جبهة العمل الإسلامي. وشاركت وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية صورة لوالد ماهر الجازي، وهو ضابط صف أردني سابق قتل في عام 2024 ثلاثة إسرائيليين على جسر الملك حسين قبل أن يُقتل بنيران إسرائيلية انتقامية، وهو يصوّت لصالح جبهة العمل الإسلامي. عناوين وسائل الإعلام الغربية، مثل "ما مدى خطورة فوز الإسلاميين في الانتخابات الأردنية؟"، تبنت فعليًا رواية النظام الملكي الأردني وغيره العديد من الأنظمة الاستبدادية العربية الأخرى التي تصور نجاح الإسلاميين كتهديد، واستخدمته لنشر الخوف بشأن التقدم الديمقراطي في العالم العربي.
وأكدت التحليلات الأخرى لمكاسب جبهة العمل الإسلامي على عاملين رئيسيين مؤثرين على النتائج. كان أحدهما عاملًا خارجيًا—تأثير مجزرة إسرائيل للفلسطينيين في غزة—ما زاد من دعم الناخبين لجبهة العمل الإسلامي باعتبارها حزب المعارضة المنظم الوحيد الذي ينتقد إسرائيل. وكان الآخر هو الدعم القوي لقاعدة تصويت إسلامية منظمة ومنضبطة تحظى خدماتها الاجتماعية وجمعياتها الخيرية بدعم شعبي. وعلى الرغم من ندرة الدراسات حول الأمر، فإن هذا الاستثمار في المجتمعات المحلية أمر بالغ الأهمية لفهم بقاء جبهة العمل الإسلامي قوة سياسية وازنة في الأردن لعقود من الزمن وصمودها في وجه ضغوط الحكومة ضد الأحزاب السياسية.
ويكشف النظر عن كثب عن ثلاث ديناميكيات أساسية. أولًا، واجهت الجماعات غير الإسلامية مثل الاشتراكيين والقوميين ضغوطًا سياسية فريدة منذ فترة طويلة. فخلال فترة الأحكام العرفية من عام 1957 إلى عام 1989، كانت جماعة الإخوان المسلمين هي المنظمة السياسية الوحيدة غير المحظورة المسموح لها بالعمل بحرية في الأردن. ثانيًا، منذ رفع الحظر عن الأحزاب السياسية في عام 1989، قامت السلطات بشكل منهجي بقمع جميع الحركات السياسية، بغض النظر عن أيديولوجيتها أو نفوذها. لقد استخدموا تدابير أكثر ليونة لإضعاف الإسلاميين، مثل حرمانهم من الموارد الرئيسية وتعزيز الانقسامات الداخلية. إذ شجعت الحكومة الانقسامات داخل جماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك دعم تشكيل مبادرة زمزم في عام 2014 ومنظمة بديلة تحمل الاسم نفسه "الإخوان المسلمون"، بقيادة المفتش العام السابق عبد المجيد ذنيبات في عام 2015. وفي وقت سابق، في عام 2007، استولت الحكومة على جمعية المركز الإسلامي، وهي جمعية خيرية أسسها ويديرها الإخوان المسلمون، لإضعاف جبهة العمل الإسلامي من خلال تجريده من مصدر رئيسي للقوة وإضعاف قدرته على حشد الناخبين في الانتخابات. كما استخدمت الحكومة أساليب أكثر عدوانية ضد المعارضة غير الإسلامية، مثل الإغلاق وسحب التراخيص والاحتجاز المطول للأعضاء النشطين والترهيب لردع الأعضاء الجدد.
ثالثًا، روّج أنصار النظام، منذ عقود، رواية مضللة مفادها أن الفصائل الإسلامية هي المعارضة الوحيدة للملك، ما شجع فعليًا على دعمها كتصويت احتجاجي ضد الملك. علاوةً على ذلك، ساهم الحظر الذي سبق الانتخابات على العديد من الأحزاب غير الإسلامية قبل خمسة أشهر من التصويت، إلى جانب الجهود المبذولة لبثّ الخوف في أوساط الطيف غير الإسلامي، في نجاح الإسلاميين. وعززت هذه الاستراتيجية فعليًا وهم الانقسام الصارخ بين النظام الملكي والإسلاميين، ما طغى على السخط الشعبي الأعمق بشأن قضايا مثل الفساد والبطالة وتراجع الحريات في البلاد.
وكان المراقبون الدوليون حاضرين ميدانيًا، وركزوا بشكل رئيسي على إجراءات يوم الانتخابات والمشاكل المتعلقة بعملية الاقتراع. حيث يسمح الأردن بالرقابة الدولية على انتخاباته العامة من خلال "تعليمات تنفيذية" صادرة بموجب قانون الانتخابات تنظم هذه المراقبة. وفي 12 أغسطس/آب 2024، أصدرت منظمة "فريدوم هاوس" تقييمًا قبل الانتخابات، مُنحت فيه الأردن درجة 9 من 32 في مجال "الحرية في نظامها الانتخابي والمشاركة السياسية". ونشر الاتحاد الأوروبي مراقبين دوليين خلال عملية التصويت، بينما تولت الهيئة المستقلة للانتخاب، وهيئات شبه حكومية مثل المركز الوطني لحقوق الإنسان، ومنظمات غير حكومية محلية مختلفة، الرقابة المحلية بشكل رئيسي.
وأشارت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات إلى أن القوانين غير الديمقراطية، مثل قانون الجرائم الإلكترونية، أثّرت سلبًا على العملية الانتخابية. وأوصت بتعديل هذه القوانين لضمان ممارسة الأردنيين لحقوقهم الأساسية، وخاصة حرية التعبير، التي تُعدّ حجر الزاوية في أي ديمقراطية فاعلة.
أهمية نتائج الانتخابات
أدى التنامي المستمر لسطات الملك عبد الله —مدعومًا بقوانين وسياسات قمعية متزايدة—إلى خنق أي آفاق حقيقية للإصلاح السياسي والديمقراطية في الأردن. فمجرد إجراء انتخابات برلمانية لا ينفي اتهام الأردن بأنه دولة "غير حرة" كما جاء في تقرير منظمة فريدوم هاوس لعام 2024، حيث حصل الأردن على 33 درجة فقط من أصل 100 نتيجةً لغياب الحقوق السياسية والمدنية الراسخة وتكثيف القمع السياسي.
وبدلًا من معالجة تحدي زيادة المشاركة السياسية وتطبيق سياسات شاملة، استخدمت السلطات الأردنية النتائج الإيجابية لجبهة العمل الإسلامي في الانتخابات كمبرر للحفاظ على الظروف التي أدت إلى هذه النتائج. وفي بيئة يسودها الخوف السياسي وعدم اليقين، ساهمت نتائج الانتخابات في خلق انطباع مضلل بوجود انقسام بين النظام والإسلاميين، حيث برز حزب جبهة العمل الإسلامي كأكبرحزب سياسي بين "الفائزين". واستغل الملك نتائج الانتخابات ليلعب بورقة "الإسلاميون قادمون"، مكثّفًا حملته القمعية على النشطاء السلميين من مختلف الأطياف السياسية. وفي الوقت نفسه، ونظرًا لـ"نقص الأحزاب الفاعلة لمنافسة الإسلاميين"، استغل الملك والأجهزة الامنية المخاوف المتضخمة من وصول الإسلاميين إلى السلطة لحشد أصوات خصوم الإسلاميين ومنافيسيهم محلياً، وتحالفت مع الأنظمة المعادية للإسلاميين في المنطقة، وخاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر.
ما بعد الانتخابات
بعد الانتخابات، أرجأ الملك انعقاد مجلس النواب لمدة 68 يومًا—من 10 سبتمبر/أيلول إلى 18 نوفمبر/تشرين الثاني—دون تقديم أي تفسير، تاركًا أعضاءه المنتخبين غير فاعلين. ويبدو أن هذه الخطوة صُممت لتقليص اضافي لسلطة مجلس النواب المحدودة أصلًا، وهو الهيئة التي يُفترض أن تمثل الشعب الأردني، كما أنها تعزز الرأي السائد بأن الملك ينظر إلى مجلس النواب باستعلاء وازدراء، رافضًا شرعيته كركيزة أساسية للحكم في الدولة الحديثة.
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني، وبعد إعادة البرلمان، ألقى الملك خطاب العرش، وهو حدثٌ يُشبه ما تُقدمه الملكيات الدستورية الأخرى، حيث يكون هدفه تقديم أداء الحكومة وخططها للنواب. وبدلًا من تقديم أجندة الحكومة، اتسم خطاب الملك بنبرةٍ استعلائية، تُذكر بلهجة صاحب عملٍ يُصدر أوامره لمرؤوسيه. وقدّم الملك مقترحاتٍ مُبهمة، مثل مشروع تحديث سياسي ورؤيةٍ للتحديث الاقتصادي، قُدّمت كإنجازاتٍ مستقلة دون أي اعترافٍ بالتحديات الاقتصادية والسياسية الجسيمة التي تواجه الأردنيين حاليًا. بالإضافة إلى ذلك، وجّه الملك البرلمان لمتابعة مشاريع مُحددة، ووبخ النواب على أدوارهم، مُوجّهًا إياهم إلى "وضع قواعد عملٍ وممارساتٍ برلمانية، حيثُ تكون المنافسة قائمة على برامج وأفكار" "تعكس بوضوح مصالح الدولة وأولوياتها".
وفي مقابلات أجرتها منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) يومي 25 و26 فبراير/شباط 2025، أعرب ثلاثة أعضاء في البرلمان—طلبوا عدم الكشف عن هويتهم—عن رفضهم للخطاب. وذكر أحد الأعضاء، المعروف بولائه للملك، صراحةً بأن الخطاب "غير لائق"، بينما اتفق الآخران على وصف الخطاب بأنه "مهين".
إرث من عدم احترام البرلمان والهيئات النيابية
منذ توليه العرش في فبراير/شباط 1999، أبدى الملك عبد الله الثاني مرارًا وتكرارًا عدم احترامه للمؤسسات الدستورية الأردنية، حيث حلّ البرلمان مرارًا—وهي سلطة نادرًا ما يمارسها الملوك في الديمقراطيات البرلمانية.
ما يدلل على ذلك مراجعة موجزة لقرارات الملك العديدة بحلّ البرلمان. ففي 16 يونيو/حزيران 2001، حلّ البرلمان وأعاد تشكيل الحكومة في اليوم نفسه، مشيرًا إلى ضرورة تحسين قانون الانتخابات في البلاد. ومع ذلك، استغرق الأمر عامين—حتى 17 يونيو/حزيران 2003—لتفعيل قانون انتخابات مؤقت؛ وكان واحدًا من 200 قانون مؤقت سُنّت خلال فترة تعليق البرلمان المطولة بين عامي 2001 و2003، والتي حكمت فيها الحكومة والملك أساسًا بالمراسيم. ولم يسمح الملك بإجراء انتخابات جديدة حتى 17 يونيو/حزيران، بعد أشهر من استخدامه للقوة الوحشية لقمع المظاهرات التي اندلعت في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2002، في معان، على بعد 250 ميلًا جنوب عمّان. وذكر بعض المعلقين بأن تعليق البرلمان كان متعمدًا، ويهدف إلى تهدئة الغضب السياسي في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في أبريل/نيسان 2003.
واستمر هذا النمط في السنوات التالية. وفي 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، حلّ الملك البرلمان المنتخب في 21 نوفمبر/تشرين الأول 2007، والذي خسر فيه حزب جبهة العمل الإسلامي ما يقرب من ثلثي مقاعده. وانسحب المركز الوطني لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمات مجتمع مدني أخرى، من مراقبة انتخابات عام 2007، رافضين المشاركة فيما اعتبروه مجرد إجراءات شكلية لا تحقق أهداف الرقابة الانتخابية الحقيقية. وكانت قد أُجريت انتخابات عام 2007 بعد ثلاثة أشهر من الانتخابات البلدية التي أُجريت في يوليو/تموز، والتي نقلت خلالها الحكومة ضباط الجيش في حافلات عسكرية وألزمتهم بالتصويت كمواطنين أمّيين. ودفعت هذه الخطوة مرشحي جبهة العمل الإسلامي إلى الانسحاب من الانتخابات البلدية، مُعلنين أن "تزوير الانتخابات البلدية فاق كل التوقعات". وظل البرلمان مُعلقًا من عام 2009 إلى عام 2010 حتى إجراء انتخابات جديدة في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2010. وقد وصف الفريق المتقاعد محمد الرقاد، المدير السابق لدائرة المخابرات العامة الأردنية بين عامي 2008 و2011، لاحقًا، انتخابات عامي 2007 و2010 بأنها "انتخابات مزورة".
وردًا على الانتفاضات العربية عام 2011، وعد الملك بسلسلة من الإصلاحات الديمقراطية والدستورية، وشرع في تعديل الدستور، وشكل لجنة ملكية "للقيام بكل ما يلزم لتحسين الحياة السياسية في الأردن"، ووعد بدمقرطة البلاد من خلال سلسلة من أوراق نقاشية منشورة، وبشّر بتغييرات سياسية كبرى، ووعد باللامركزية. وانخرط شخصيًا في مناقشات مع المعارضة، تمامًا كما فعل والده الملك حسين في أعقاب مظاهرات عام 1989. وبينما قدم العديد من الوعود خلال هذه الاجتماعات، ونأى بنفسه عما يُعرف في الأردن بـ"مسيرات الولاء والانتماء"، نسبةً إلى البلطجية الذين اعتادوا مهاجمة مظاهرات المعارضة، إلا أن جميع هذه الوعود لم تُفضِ في النهاية إلى نتائج ملموسة— وعلى العكس فقد صُممت هذه الوعود كخطوات تكتيكية باستخدام خطاب فارغ لتجنب المطالبة الشعبية بإصلاحات حقيقية. وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 2012، حلّ الملك البرلمان لتسهيل انتخاب مجلس جديد بموجب الدستور المعدل. وأُجريت انتخابات برلمانية جديدة في 23 يناير/كانون الثاني 2013، على الرغم من مقاطعتها من قِبل أحزاب سياسية مختلفة، بما في ذلك جبهة العمل الإسلامي.
وفي أعقاب انقلاب 2013 في مصر—الذي مثّل تحولًا إقليميًا أوسع نحو سلطة دكتاتورية مضادة للثورات—قام الملك بإجراء تعديلات دستورية مرة أخرى، متخليًا عن وعوده الإصلاحية، ومركّزًا السلطة في يديه. وفي 29 مايو/أيار 2016، حلّ البرلمان المنتخب عام 2013، وعيّن على الفور حكومة جديدة.
وفي خضم المظاهرات التي عمّت البلاد في فبراير/شباط 2018 احتجاجًا على زيادات في ضريبة الدخل والتي أدت لارتفاع حاد للأسعار، وبينما كان المتظاهرون يهتفون "الشعب يريد إسقاط الحكومة"، أقال الملك عبد الله الثاني الحكومة في 4 يونيو/حزيران 2018، لتهدئة المتظاهرين.
حكومة جديدة بلا سياسات جديدة
في 15 سبتمبر/أيلول 2024—بعد خمسة أيام فقط من الانتخابات البرلمانية—عيّن الملك عبد الله الثاني جعفر حسان رئيسًا للوزراء وكلّفه بتشكيل حكومة جديدة. وفي خطاب التكليف، أكّد الملك على ضرورة التزام الحكومة بمبادراته وأفكاره الراسخة. وأوضح أن لتوجيهاته أولوية على أي سلطة مستقلة للبرلمان الجديد، ووجوب تقليص النقاش العام حول الجوانب الأكثر إثارة للجدل في خططه.
ووجّه الملك عبد الله الثاني الحكومة الجديدة بجعل مشاريعه الضخمة—وخاصة خطة التحديث الاقتصادي—أولوية حكومية قصوى. وتم فرض خطة التحديث الاقتصادي، التي يدّعيها الملك، وتتطلب "مضاعفة الاستثمار"، في طليعة الجهود المبذولة لتطوير قطاعات حيوية مثل المياه والنقل والطاقة. إذ يقترح البرنامج التنفيذي لخطة التحديث الاقتصادي عدة مشاريع مشكوك بفوائدها للاقتصاد الأردني وتأثيرها لخفض معدل البطالة المرتفع في البلاد. ومن بين هذه المشاريع مشروع سكة حديد جديد يربط عمّان بميناء العقبة حنوبي البلاد، على الرغم من وجود سكة حديد الحجاز التاريخية، التي تربط عمّان بالعقبة منذ أواخر القرن التاسع عشر. وتشمل المبادرات الأخرى ربط شبكات الكهرباء مع العراق ومصر المجاورتين لتسهيل تصدير الكهرباء من المشاريع الضخمة للطاقة المتجددة. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن الخطة التنفيذية للبرنامج مشروع لزيادة سعة جسر الملك حسين بين الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال بناء مرافق جديدة لكل من الركاب والبضائع.
ومع ذلك، لا يزال العديد من الأردنيين متشككين في فاعلية تكلفة المشاريع وقيمتها على المدى الطويل، معربين عن مخاوفهم بشأن آثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السلبية المحتملة. حتى أن بعض الخبراء رفضوا المبادرات ووصفوها بأنها "مصممة بالخداع". إذ يرى خبراء بأن المشاريع الضخمة عادةً ما تُجبر الدولة على الاقتراض أكثر، ما يُفاقم عبء ديون الأردن المتزايد. فعلى مدار الخمسة عشر عامًا الماضية، ازدادت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن بشكل مطرد، لتصل إلى 114.7% في عام 2022. علاوةً على ذلك، من المتوقع أن يُفاقم الدين الإضافي لمشاريع برنامج التحديث الاقتصادي وضع الإقراض/الاقتراض الصافي للحكومة، والذي كان من المتوقع بالفعل أن يتدهور إلى -7.6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024.
كما طالب الملك عبد الله مجلس الوزراء بمواصلة العمل على مشروع مدينة جديدة—على الرغم من عدم إعلان موقعها واسمها —مُشيرًا إلى "دورها الرئيسي في تخفيف الضغط على عمّان والزرقاء". ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح كيف سيُعالج المشروع التوسع المفرط المُستمر لهاتين المدينتين. إذ تُظهر الأبحاث المُستفيضة أن العديد من الأردنيين يُغادرون مدنهم بحثًا عن فرص عمل وخدمات أفضل في عمّان أو الزرقاء، ما يُسلط الضوء على التوزيع غير المُتكافئ للتنمية الاقتصادية. في غضون ذلك، لم تُحرز الحكومة سوى تقدم ضئيل في تطوير المراكز الحضرية العشرة الأخرى في البلاد، مثل إنشاء أنظمة نقل عام موثوقة من شأنها تحسين التنقل عبر السوق الوطنية.
وبدلًا من بناء مدينة جديدة، قد يُخفف الاستثمار في التنمية المحلية الضغط السكاني على عمّان والزرقاء بفعالية أكبر، ويُشجع السكان على العودة إلى مدنهم الأصلية. وقد اقترح النقاد، ومن بينهم تقرير صادر عن البنك الدولي في يونيو/حزيران 2024، بدائل للمشروع من خلال الاستفادة من الموارد المُحتملة لأمانة عمّان الكبرى.
كما أنشأ الملك هيئة جديدة داخل الديوان الملكي للإشراف على أداء الحكومة وتقييمه، مُتجاوزًا بذلك دور البرلمان—المؤسسة الوحيدة التي تتمتع بسلطة دستورية للإشراف على الحكومة. وفي رسالة تكليفه لرئيس الوزراء الجديد، جعفر حسان، أوضح الملك أنه سيشرف هو على مشاريعه الضخمة الجديدة وليس البرلمان: "يخضع تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي للمتابعة والتقييم من خلال الآلية المُنشأة في الديوان الملكي الهاشمي، بمشاركتي المباشرة". ويشير هذا البيان إلى أن الحكومة تعمل الآن تحت سلطة الملك وحده، بدلًا من أن تخضع للمساءلة من قبل البرلمان.
إنّ إنشاء هذه الهيئة ذاتية الحكم، يُمكّن الملك وديوانه الملكي من أن يكونا بديلاً للرأي العام ومؤسسات الدولة—بما فيها البرلمان—في الرقابة على الحكومة وضمان المساءلة. تتماشى هذه الخطوة مع تجاهل الملك المتكرر للدستور الأردني، وخاصة المادة 26 منه، التي تُلزمه صراحةً بممارسة سلطته التنفيذية من خلال وزرائه. وقد نُسب إلى الملك عبد الله الثاني، عند اعتلائه العرش، قوله: "أنا لست كوالدي. أريد أن أفعل ما أريد، ومن يتكلم فسأُسكته". وبعد أشهر قليلة من توليه الحكم، في 12 ديسمبر/كانون الأول 1999، شكّل المجلس الاقتصادي الاستشاري—وهو هيئة ذات هيكلية فضفاضة تعمل تحت إشراف الملك المباشر. وعيّن الملك مدير "الدائرة الاقتصادية" في الديوان الملكي مقررًا للمجلس. وبهيمنة شخصيات أعمال نافذة، أصبح المجلس السلطة المركزية المشرفة على جهود الخصخصة، ولعب دورًا رئيسيًا في تشكيل الكيانات الاحتكارية—بعضها مملوك لأعضاء المجلس أنفسهم—وخاصة في قطاعي الطاقة المتجددة والمياه.
كما أنشأ الملك العديد من المؤسسات والهيئات التنفيذية الأخرى التي تعمل بشكل مستقل عن الحكومة والبرلمان. بعض هذه الهيئات يرأسها الملك شخصيًا، مثل صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، والمركز الأردني للتصميم والتطوير، ومركز الملك عبد الله الثاني للتميز، ومركز الملك عبد الله الثاني للتصميم والتطوير. إضافة إلى هيئات اخرى عديدة، مثل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات (موقعه الإلكتروني غير متاح للعامة)، يرأسها الأخ غير الشقيق للملك، الأمير علي. ويرأس عم الملك، الأمير الحسن بن طلال، المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، بينما الجمعية العلمية الملكية—التي تأسست عام 1971 ويرأس مجلس أمنائها منذ ذلك حتى الآن، الأمير الحسن بن طلال— عين أبنته الأميرة سمية بنت الحسن رئيسة للجميعة للجمعية اتلعلمية الملكية منذ عام 2006. وتجدر الإشارة إلى أن الأميرة سمية ذكرت بأنها من "مواليد برج الثور"، مشيرةً إلى برجها الفلكي كجزء من مؤهلاتها لقيادة الهيئة العلمية الرائدة في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، ترأس زوجة شقيق الملك معهد الإعلام الأردني، إلى جانب العديد من المعاهد والهيئات الأخرى، بعضها سبق أن نشرت منظمة (DAWN) تقارير عنها.
التوصيات
إلى المواطنين الأردنيين:
شاركوا في الانتخابات وصوّتوا وشكّلوا أحزابًا سياسية؛ فهذه خطوات أساسية نحو تحقيق التغيير السلمي. إنّ عدم المشاركة المدنية والسياسية لن يُحقق الإصلاح أو الديمقراطية، بل سيزيد من قدرة النظام الملكي على ممارسة السيطرة السياسية الكاملة على البلاد.
إلى البرلمان:
- حماية حرية التعبير: ينبغي على لجنة الحريات العامة وحقوق الإنسان في مجلس النواب مراجعة قمع الحكومة لحقوق الأردنيين في حرية التعبير باستخدام قوانين الجرائم الإلكترونية ومنع الجريمة، واستجواب مسؤولي وزارة العدل بشأن ذلك.
- حماية الأحزاب السياسية وضمان التطبيق العادل لقانون الأحزاب السياسية: بدء التحقيق في رفض الحكومة تقديم تراخيص أو إلغاء تراخيص 25 حزبًا سياسيًا عام 2024، والحفاظ على رقابة صارمة على تراخيص الأحزاب السياسية، وتعديل قانون الأحزاب السياسية ولائحته التنفيذية لاشتراط الرقابة البرلمانية والموافقة على ترخيص الأحزاب السياسية.
- حماية الحصانة البرلمانية: تعديل اللوائح الداخلية التي تحكم عمل البرلمان لمنع طرد أعضاء البرلمان بسبب آرائهم أو وجهات نظرهم.
- تعزيز التمثيل البرلماني بتعديل قانون الانتخابات:
o تعديل قانون الانتخابات لـ:
- ضمان شمول الناخبين الذين يختارون قوائم وطنية للمقاعد البرلمانية للأحزاب التي لم تحقق نسبة الـ 2.5%، وذلك، على سبيل المثال، بالسماح للأحزاب بنقل أصوات قوائمها الحزبية إلى حزب آخر.
- ضمان حق الناخبين خارج البلاد في المشاركة في الانتخابات بالتصويت في السفارات والقنصليات حول العالم.
لا تتناول هذه التعديلات المقترحة جميع الإصلاحات اللازمة لقانون الانتخابات، بل تقتصر على القضايا التي تناولتها ورقة الإحاطة هذه.
إلى الملك عبد الله الثاني:
- إلغاء القوانين المناهضة للديمقراطية، بما في ذلك قانون منع الجريمة وقانون الجرائم الإلكترونية. وإلى حين إلغائها، إصدار تعليمات بوقف تطبيق هذه القوانين الإشكالية.
- إنهاء حظر الأحزاب السياسية والتدخل في أنشطتها؛ ومنع الأجهزة الأمنية من مضايقة واحتجاز النشطاء السلميين، وخاصةً أعضاء الأحزاب السياسية.
إلى الولايات المتحدة:
ينتشر أكثر من 3,800 عسكري أمريكي في الأردن، حيث يقدمون دعمًا أمنيًا كبيرًا، بالإضافة إلى مساعدات عسكرية سنوية تتجاوز 1.45 مليار دولار. تأتي هذه المساعدات في وقت يعاني فيه الاقتصاد الأردني من وطأة الفساد والمحسوبية، حيث تشير التقارير إلى أن العائلة المالكة حوّلت مليارات الدولارات من القروض والمساعدات الدولية إلى الملاذات الضريبية.
- إدانة قمع الملك عبد الله المتزايد وحكمه المركزي؛ مع مراعاة الاستياء المتزايد بين الأردنيين الذي يُهدد بزعزعة الاستقرار والاضطرابات السياسية في البلاد.
- إنهاء الدعم العسكري للحكومة الأردنية في ضوء سجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان المنهجية والواسعة النطاق.
- سحب القوات الأمريكية من الأردن لتجنب تعريض شعبه لمزيد من الخطر.